جليسُ القـفص

452 47 73
                                    

- يونجون -








لستُ بخير، لا أعلم تحديدًا ماهي علّتي ولكني أعرف اني لستُ بخير، لا أشعرُ بخير... منذ ذهابنا لمتحف مونيـه وهناك إضطرابٌ غريب فيّ. لا يوجد ارتفاعٌ في الحرارة ولستُ أعاني الرشح فمازال الجو خريفًا، إني فقط أُحسّ بإنقباضٍ في بطني كأن هُناك ... شيءٌ يسقطُ بإستمرارٍ فيه، وتارة أتعرق للغاية وتصبح أطراف اصابعي باردة... كأن نهرًا تجمد في عروقي، وأشعر برئتاي مخطوفة الهواء، مالذي يحصلُ لي ؟

صحوتُ منذ مدّة ورفضتُ الخروج للفناء، قد خذلتني الشمس في شفائي ولا أظن أن هذا سيفيدني—لم يفعل في الأمس. ظللتُ أنظر إلى نفسي في المرآة باحثًا عن جوابٍ لِذات السؤال الذي استيقظتُ فيه، مالذي يحصلُ لي ؟ أظنُ اني أبدو شاحِبًا، لقد امتزج شعري بِلونِ وجهي وأصبح طويلًا بشكلٍ مُزعج...أوه كم أتمنى العودة لمنزلي..

ظللتُ ألتف بالوشاح الذي أعطته أمي لسوبين حتى يعطيه لي، أريد أن أشعرُ مجددًا بأني في المنزل ... رغم إكتظاظه بذكرياتنا نحن وثالثنا الخائن الا اني مازلتُ أُحبه وأجدُ فيه الصبا والدفء، ليس بالضرورة يعني اني لا أحبُ المكان هنا بل إني ممنون له ولكن ... أفتقد حياتي القديمة جدًا، أفتقد قُدرتي على المـشي والعدو، وخزات العُشب في باطن قدماي ورطوبته، حرارةٌ الاسفلت في شارع النُزل الملعون خلال ذروة ايام الصيفِ وساعاته. كم تنهشُ روحي الحقيقة؛ لأني حتى وإن ذهبت لأكثر الأودية وسِعًا وأكثر المروج خُضرةً وزهواً ... أعلم أني لن اشعر بالحرية أبدًا وسأظل جالسًا في قفصي.

بدأت افكر رُبما... مجيئي إلى هنا مجرد لعنةٍ حلّت بي، إني أظل في نهاية الأمر دخيلٌ على هذا المكان، مالذي يحصلُ لي ؟ لم أكن أدرك اني ظللتُ أحدّق طويلًا في المرآة الا عندما وجدتُ رافاييل يقف ورائي، جفلتُ لرؤيته

" يبدو اني قطعتُ حديث نفسٍ مُلّح "
استرخت يده على كتفي
" أتشعر بتحسّن ؟ "
نظرتُ إليه واستجمعتُ قدرتي على الحديث
" لا أعلم ... إني في الوقتِ الرّاهن مستقر ولكني أخشى تكرار النوبة"
قال لي رافاييل مسبقًا بأن ما أعانيه هو مـرضٌ طاقي تسبب فيه جو باريس وهوائها عِندما خرجتُ برفقة الأصهب وعندما أفكر بالموضوع مليًّا أجد فيه بعض المنطقية ولاسيما ضعف المناعة الذي رافق خسارتي ..

وجدتُ المنطقية فيه لأني لم أجد جوابًا منطقيًا أصلًا... إن ظروف معيشتي ونمط الحياة الذي اعتدته قد قام بعجن جسدي وصقله ليتحمل جميع أنواع المشقات والأعمال واما الآن.. ؟ هواءُ باريس السخيف وطاقتها يفعلان بي هذا؟ سأتخذُ منها ذريعتي الوحيدة لانها بالفعل—الوحيدة.

" فلتنل ما يُشفيك من الاستراحة فلا توجد أي اعمالٍ يتوجب علينا فعلها خلال هذا الاسبوع "
ربـت على رأسي واطمئن قلبي شيئًا صغيرًا لكن سؤالي مازال قائمًا وغطاء الاجابة لم يصل حتى إلى ساقي، تباطئتُ تفكيرًا وتريث الكلامُ في ثغري قبل ان ابوح به، قبل ان اطلب طلـبي ... أودُ ان أرى أُمي

رقصة جنية السـكرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن