الفصل الثاني : (سر المغارة المنسية 1)

200 52 35
                                    

على غير العادة نهض جون في الصباح بكل نشاط و حيوية. تعجّب والداه منه فهو لم يكن يستطيع أن ينهض على الساعة العاشرة صباحا حتّى ، فكيف ؟ استقبلهما بابتسامة عريضة ملقيا عبارات التهئنة لعيدهم القدسي الجديد ، فرحت أمّه عند سماعها لتلك العبارات وهلمت تغرقه بالقبلات والعناق شاكرة له على تفهمه ونضجه أخيرا ، زعم جون أنه سعيد ومهتم لكل ما يحصل معه إندمج في المشهد ببراعة فائقة متناسيا الندوب التي قد نقشت على أطرافه ليلة أمس ...، لم يبدي والده إهتماما كبيرا لما يحصل أمامه كان من فئة الشياطين القروية الغارقة في عملها والباقية على قيد الحياة دون روح ، كانت مملكة زيولدا ممن تقدس الحفلات والصخب بشكل كبير والمتناسية حقوق شعبها في الراحة والعمل ، وهذا ما جعل العيش صعبا على أمثال والد جون كانت تكلفة سكوته العيش من دون شعور ومساراة الوضع فحسب ، طالما لم يكلفه ذلك أسرته الصغيرة .
نهض جون من المائدة على عجل ملقيا عبارات الشكر والتهنئة بشكل مبالغ فيه ، قد يدرك الطفل الصغير أن هناك خطبا ما بالموضوع في هذا الولد وكأن شيئا ما يدور بخلده منذ زمن قريب .

جلب محفظته وهمّ بالإستعداد من أجل الذهاب إلى المغارة وضع بعض المعدات والأدوات التي لا غرض منها وكأنه يقصد رحلة من أجل التخييم ، كان متحمسا جدا وفي نفس الوقت خائفا مما ينتظره . في داخله جزء يرغب بمعرفة الحقيقة وتحقيقها ، وجزء آخر منه يرغب بالإبتعاد فحسب ....

آن الأوان ودقّت الساعة معلنة عن وصول الوقت المحدد ، رغم عدم إنشغال جون في أغلب الأوقات غير أن هذه المرّة كانت إستثنائية بالنسبة له ، فلقد ناداه زعيم الوسطية الأولى الذي يترأس الربع الأيسر من المملكة مؤكدا له أن يأتيَ الآن دون أي  إعتراض  ، إنتفض جون غاضبا من مكانه كان ينتظر وصول هذا الوقت على أحرّ من الجمر فكيف له أن يناديه الآن من بين سائر الأوقات !!  هبّ مسرعا من أجل مقابلة الزعيم " لورداي" تاركا وراءه الحقيبة وكل ما أعدّه من أجل لقاءه العظيم .

وصل أخيرا بعد ركض مستمر كاد أن يوقف دقات قلبه و قال له على عجل : خيرا مالذي حصل ؟!
- اجلس لدّي كلام معك
- حسنا ، ولكن من فضلك لا تتأخر لديّ موعد مهم الآن
- هل كنت في المغارة المنسية بالأمس ؟!
ارتبك جون قليلا ومن ثم قال على مهل : أجل لقد كنت هناك ، ولكن كيف لك أن تعلم بذلك ؟
- أنا الذي أطرح الأسئلة هنا وليس أنت ! وبعد كل هذا أين إحترامك لي ! لقد سمعت عن قلة أدبك ولكنك قد بدوت أكثر وقاحة أمامي هنا في الواقع .

ضغط جون على يديه بشدة وحاول إمساك أعصابه بصعوبة وقال : لا أرى أي شيء في تعاملي معك هنا يدل على وقاحتي ، وإن أكملت الآن درسك عن الأدب معي فدعني أذهب في حال سبيلي .

- مالذي كنت تفعله بالمغارة ؟

- عذرا ، ولكن هل أنا ملزم على أن أشرح لك مالذي أفعله في حياتي الخاصة أيها الزعيم ؟

بيني وبينك عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن