الفصل العاشر : ( الملك المستقبلي )

67 26 11
                                    

عمّ الصمت المكان بأكمله ، لم يسمع سوى صوت أمواج البحر ، بٌهت أمجد مما سمعه بينما  كان جون يحدّق في أبيه بفزع وحيرة ، وفي الجانب الآخر يوهان الذي كانت تعتليه نظرات الفخر والحماس وكأنّه كان ينتظر وصول هذه اللحظة منذ زمن طويل ...
- ولماذا عليّ أن أعتلي العرش !
ردّ سيلا عليه بثقة وحزم كبيرين : إكتشفت يا جون أن نتيجة إختلاط جنسنا مع البشر يولّد قدرات عجيبة وأنت قد كنت أول مثال حي عن هذا ... تنهّد سيلا قليلا ومن ثم وقف ناحية الجميع وقال بصوت جهوري : سوف نبني مملكة جديدة وستكون أنت ملكها يا جون وذلك لما تحمله من صفات تؤهلك إلى الحكم أعلم جيدا أن لديك عقلا راجحا يستطيع التحكم في المشاكل والمواقف الصعبة وذلك بعد خاصية التخاطر التي كانت بيني وبينك كنت أعلم مايحدث طيلة السنين الماضية في زيولدا من خلالك كما أنني أرجح أيضا وجود قدرات خفية فيك لم تكتشفها بعد ! وأعلم جيدا أن الوقت كفيل بإظهارها
- ردّ عليه أمجد حينها قائلا : ولكنك تعلم جيدا أنه ما إن يحط جون قدمه في البحر فسوق يقتل هناك حرب سارية وجون هو أوّل هدف لأعدائنا !
- أجل أعلم ذلك جيدا ، ولكن ما إن لم نضحي فلن نستطيع تحقيق مرادنا
صرخ جون حينها قائلا : وما هو المراد الذي يتحتّم عليّ أن أقتل نفسي في سبيله !
- أنت لن تموت يا جون الجميع بجانبك !
- هههه الجميع الجميع ! بعد كلّ هذا بعد أن تركتني في أرض تابعة للشياطين وكنت تعرف أخبار المملكة من خلالي وتعرّضت للقسوة والنبذ والظلم مرّات عديدة ! بعد أن أبعدتني عن حضن أمي ولم أستطع عيش طفولة سوّية.. تأتي بعد كل هذا وتخبرني أنني سوف أكون ملكا وعليّ أن أضحي بنفسي من أجل شعب أضمر نحوه كرها شديدا ! أتُدرك مالذي تتحدث عنه حقا !؟ فلتجب !
ردّ يوهان بإقتضاب شديد : جون فلتجلس إنّه والدك لا ترفع صوتك عليه مرّة أخرى
قال جون والحزن باد في مقلتيه : ههه أبي ، بالله عليك إذا أين كان يوم إحتجته وكان يعلم بكل شيء يحصل معي !
إقترب سيلا ببطئ شديد وربّت على جون وقال بأسف شديد : بعض المعارك يا بني يتوجب عليك عيشها لوحدك ، لا أنا ولا أمك نستطيع إنقاذك منها معيار النضج الذي أنت عليه اليوم كان وليد المعارك الفارطة التي قد صنعت منك اليوم رجلا يستطيع إعتلاء الملك ورفع رايتنا بعيدا في السماء ، لست وحدي من يريد هذا أنت أيضا ! ألا تريد مملكة يعيش فيها الجميع بسلام لا ظلام ولا صخب و لا قتل ولا طغيان ! ألم تكن تريد أن يصبح العالم هكذا يوما ! أعلم جيدا مالذي تفكر به ، وإن لم أرك أهلا للمسؤولية فلن أطرح الفكرة عليك إطلاقا ...
لك الخيار الآن إما عالم جديد آمن أم جحيم أزلي موحش .
    لم يختر الآن الهرب كما قد كان يفعل في كلّ مرّة . أدرك بالفعل أن دوره الآن أهمّ من مجرّد مشاعر زائلة مؤقتة ، حدّق بعينين زائغتين كمن كان يستحضر الموت على شفا جوف من الأمل والهزيمة وقال في نفسه عبارة كان من شأنها أن تهز كيانه مرّة أخرى كما من قد عرف شغفه لأوّل مرّة :
"إمتلكت فرصة السعي يوما وعلى أن أكافح من أجلها إن كنت أريد أن أرى نفسي بعينيّ عظيما "
إستدار جون نحو البقية وهم يطالعونه بترقب شديد وأنفاسهم متقطعة من شدّة التوتر الذي كانوا يعيشونه وكأنّه قرار مصيري يُقّر ببقائهم على قيد الحياة أو الموت ( وهو بالفعل كذلك ) حينها قال جون : ههه ما بكم أأبدو وسيما لهذه الدرجة ؟ أطلعوني على التفاصيل بسرعة !
حينها ضحك الجميع وعلا صوت الحماس المكان بأكمله حتى تغلب على صوت البحر الهائج و أقبل أمجد يحييه قائلا : علمت بأنك سوف تفعلها حقا أيها البطل !

بيني وبينك عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن