الفصل الثاني والعشرون ( قوة الملك )

38 18 10
                                    

أجابته تلقائيا وبدون حاجة للتفكير : جون أنا برفقتك دائما مهما حصل
- ولكنّني أخشى عليك من عالمنا بشدّة ألن تذهبي إلى موطنك ؟
- ماخطبك ؟ لم تمض دقيقة واحدة منذ أن سألتني إن كنت سوف أبقى بجانبك ، أما الآن فأنت تسأل عن
عودتي إلى موطني ؟
- ربّما يبدو لك الأمر مربكا وأشد غرابة أكثر من مرّة ، لكنني أريدك أن تبقي إلى جانبي وأن ترحلي في نفس الوقت .
- وماسبب هذا ؟
- أظن أنّه...
- حسنا لا عليك ، لا تكمل إن كان الأمر صعبا عليك لهذا الحد في وجودي ، فأعدك أنني لن آتي إلى هنا مرة أخرى .
- لقد فات الأوان بالفعل على هذا .
- لماذا ؟
- لم يعد هناك مكان آمن لك في هذه الأرض  بأسرها . 
- مالذي تقصده ؟
قلّب كفيه بتوتر ومن ثم تحدث قائلا :
إن عاد أبي اليوم رفقة ذلك الشيطان ، فسوف أتحقق من صدق تكهناتي

- حسنا إذا ، لم يتبقى الكثير حتى يحل الصباح وسوف يخمد عقلك عن التفكير حينها .

خرجت وأغلقت الباب ورائها تاركة جون في حيرة شديدة يتقلب في فراشه كل ثانية غير قادر على النوم .

************
تحرك الجنود بسرعة نحو الأمام وأخذ كل واحد منهم مكانه بخفة بعد أن لمحوا طيف سيلا قادما ، ولكن سرعان ما تراجعوا نحو الوراء بعد رؤيتهم لشيطان من ممكلة زيولدا قادما نحوهم ! قاموا بحمل أسلحتهم ومحاصرتهم عند المدخل وكانوا صوب تسديد السلاح نحو رأس شيزو .

صرخ فيهم سيلا حينها : مهلا ، توقفواا !!

- لا تقلق ، أيها الزعيم إن كنت تحت التهديد فسوف نتدبر الأمر حالا .
- لا إياكم وفعل ذلك لست تحت التهديد ، لقد قام بمساعدتي للخروج من زيولدا .
تعالت الأصوات مستنكرة : ماذا !
- أجل كما سمعتم ، ماعليكم إلا حمل هذه الجثة وإدخالها للقصر حالا ، وأنا سوف أتدبر الباقي .

بدت علامات الدهشة واضحة على وجوههم بعد سماعهم لتلك الكلمات ،ولكن الأوامر كانت أقوى من أن يقوموا بردعها فقاموا بالإمتثال لها دون إضافة أي تعليق آخر .

حينها إلتفت سيلا نحوه وتحدثّ قائلا :
- ألن تأتي معي ؟
ردّ عليه شيزو بقلق : لا ، ليس هذا هو الوقت المناسب علي المغادرة حالا سوف يكتشفون غيابي بسرعة ، إضافة إلى أن الأوضاع ليست جيدة عندكم سأضعك في محل من الشك والريبة فحسب .

ردّ عليه سيلا بعد أن قام بتسليم جثة يوهان إلي الجنود : لا تقلق بشأن ذلك ، ولكن ألم ترد أن توصل سلامك إلى جون ؟

- أجل بالطبع أنا أريد ذلك ولكن أظن أن الوقت ليس مناسبا بعد ..

- هل لي أن أعرف التوقيت الذي تتطلع إليه ؟!

صمت لوهلة وحين أراد أن يعبر عن مكنوناته رسم شبح ابتسامة هادئة على وجهه وغادر في هدوء ، بينما وقف سيلا وهو يشاهده يختفي في الأفق .

**************

حل الصباح وخرجت غيث من أجل القيام بدورة إستطلاعية حول المكان وتفقد آخر أخبار المملكة ، غير أنها توقفت في مكانها مستفسرة عن الحديث الذي قد سمعته للتو يدور بين مجموعة من الحراس .

- أجل لقد رأيت ذلك بالطبع لقد أتى سيلا رفقة شيطان من مملكة زيولدا .

- هل أنت متأكد ؟ ربما أخطأت وظننت ذلك .

- بالطبع أنا لم أخطئ ! كما أنه قد قام بإحضار جثة معه
- جثة من هي ؟

- لست أدري إنهم يتكتمون عن الأمر ، لاشك أنهم سيعلنون الخبر فيما بعد .

تراجعت نحو الخلف ببطء ثم همت بالرحيل بسرعة كي تخبر جون عن ماسمعته للتو ، راجية أن لا يتحقق أي شيء من ما قد خطر في بالها .

- جوووون .

رفع عينيه عن الكتاب الذي كان ممسكا به وردّ عليها في برود : ماذا هناك ؟

- هل سمعت بالذي حصل !

- هل تقصدين عودة والدي ؟

- أجل لقد تحقق حلمك ياجون !!

- غيث ، أتذكرين أمر الجثة التي قد حدثتك عنها البارحة ؟

- أجل أتذكر ..

- أنت لا تعلمين لمن هي صحيح !؟

- لا ، لست أدري .

أطلق تنهيدة قصيرة و الدموع تفيض من عينيه كالسيل الغزير : إنها جثة يوهان يا غيث .

بقيت شاردة تحدّق في وجهه وهي تسأله مستغربة ، بينما تمسك بالكرسي القريب منها خشية أن تسقط على الأرض من هول صدمتها : جون هذا ليس صحيحا أليس كذلك ! لقد رحل أمجد والآن العم يوهان ؟

أقبضت على ياقة قميصه وصرخت فيه بقوة : فلتجبني !!!!

- أنت الآن تفرغين جام غضبك علي ، أليس كذلك ؟

أزاحت يديها عنه في توتر ومن ثم أجهشت بالبكاء وهي تنطق بصوت مخنوق : أظن أن هذا أقل ما يمكنني فعله .

وضع يده على رأسها و همس في حزن ، بينما دمعة مستكينة تنزل على خده :

كلنا كذلك يا غيث ، كلنا كذلك ..!!

بيني وبينك عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن