الفصل التاسع عشر : ( سر خفي )

36 18 15
                                    

خيّم سواد مهيب على هذه الأرض ، وغدى الجميع يودّع فراق أحبته في صمت ، الكل تائه ويبحث ولاكن لا أحد يجد الآخر ...

حل الليل ولازال جون عند جثة أمجد راكعا يعانق التراب في حنين ، يحداثه يداعبه وكأنه أمامه ، صنع عالما ورديا يناسبه ، وعاش في الوهم لوقت طويل .. حتى أيقظته بصوتها الهادئ الحزين : جون .
رفع عينيه المنتفختين من الدمع ناحيتها وهو يمسح يديه من التراب قائلا : ماذا؟
- لدي ما أخبرك به .
- خيرا؟
- لم أرى سيلا ويوهان منذ الحادثة في الصباح
- ولكن لقد أتى أبي معي إلى هنا
- أجل أعلم ذلك ولكن ما من أثر له الآن
- هل بحثت جيدا ؟
- نعم وكفلت فريقا من الجيش للبحث عنهما أيضا
- حسنا وماذا عن يوهان هل سمع بمقتل أمجد؟
- لست أدري ولكني أظن ...
- تظنين ماذا ؟
- أظن أنه علم بذلك فكما تعلم لقد كان أمجد يحارب مع الفرق الأولى في الحرب وهي نفسها التي قد قام الوزير الأول بتعيينها كما قال لي أمجد ، ولهذا فإن خبر وفاته قد علم به الجميع لذا من المستحيل أن لا يعلم به يوهان وهو أقرب شخص له من بيننا .
- إذا ومالذي تريدين قوله ؟
زفرت بقوة وقالت : أخشى أنه قد ذهب للإنتقام من أجله وحصل له مكروه ما .
- أرجوك يا غيث لا تتفوهي بهاته التراهات مرة ثانية لن يحصل ليوهان شيء أنت تعرفينه جيدا هو يفكر قبل أن يقدم على أي شيء ، لربما هو في مكان ما يصيغ خطة من أجل الإنتقام له .
- ربما هو كذلك ولكن ماذا عن سيلا ؟
-حسنا ربما هو الآخر يساعده ؟
إكتفت بالتحديق به حينذاك وهي تردّدّ في سرها "أتمنى ذلك". وقبل البوح بما يجول في عقلها قاطع حديثهما أحد الجنود الذي أتى من أجل نقل آخر التعليمات الموصى بها من طرف الوزير ، فكتمت أحاديثها وشكوكها في نفسها و اكتفت بالإستماع في صمت

************

في الطرف الثاني عند مدخل قصر مملكة زيولدا ..

- لم تخيب ظني أبدا ياقلنسم أنت تستحق مكافأة كبرى على مافعلته .
ردّ عليه قلنسم بغطرسة : هه بالتأكيد أنا أستحق ذلك يا لوسيفر أنت تعلم أن الشياطين لا تفعل أي شيء دون مقابل
اكتفى لوسيفر حينذاك بالتحديق فيه بصمت وجلس على الأرض وخاطبه قائلا : لكنك لم تبقى هناك لإكمال مهمّتك .
- مالذي تقصده؟
- أنت لم تقتل سيلا !
- ههه أجل لم أقتله لو رأيته حينها عندما كان راكعا على ركبتيه يطلب الخلاص من أجل صديقه ، يا له من  أحمق !
- هذا ليس ردّا على سؤالي !
- أنت لا تفهم يا لوسيفر لقد كان سيلا غاضبا جدا حتى أن لون عينيه قد تغير وأصبح في حالة من الهيجان ، لو لبثت هناك أقاتله للقيت حتفي دون شك .
ضحك لوسيفر بقوة وقال : إذا فأنت شيطان من الطبقة الرئيسية ولكنك تخاف من إسترنجيني قد تغير لون عينيه ؟ أرى أن الأحمق هو أنت ليس إلاّ .

بدت علامات الغضب على وجه قلنسم وهو يحادثه بنبرة صوت مرتفعة : لو كان كذلك الأمر ، فلِم لم تقضي عليهم  أنت بنفسك واكتفيت بتوجيه المهمّة إلي !

بيني وبينك عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن