الفصل الرابع والعشرون ( تأخر الوقت .. )

29 17 11
                                    

في مملكة غيوري :

عادت تحمل ثقل الطريق معها تجر خيبتها في صمت ، تبحث عن سيلا لعله يحدث تغييرا بعد كل الذي قد حصل ، ولكنها سرعان ما توقفت تفكر في العودة إلى موطنها والبدء من جديد ... لم تفعل شيئا منذ قدومها إلى هنا إلا وهي تتلقى الصدمات تباعا ، أيعقل أنها قد أحدثت تغييرا ولو صغيرا ؟ أنقذت حياة واحدة فحسب ؟ لم تستطع التوقف عن التفكير حينها و أمسكت رأسها من شدة الألم وبينما هي موشكة على السقوط أمسكها سيلا من يدها وهو يخاطبها بنبرة قلقة : غيث هل أنت بخير ؟
رفعت رأسها ناحيته و علامات المرض بادية على وجهها : سيلا لقد أرهقني التفكير ، لقد سمعت أن ..

قاطعها عن الكلام حينها و قام باصطحابها ناحية الكرسي من أجل الجلوس

- ارتاحي الآن قليلا ومن ثم اسردي لي مايدور في ذهنك ، أنا هنا من أجل الإستماع إليك يا صغيرتي .

رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها ومن ثم تحدثت قائلة :

- لقد راودت جون بضعة أحلام في الأيام الفارطة ... ولكن الحلم الذي قد رآه بيوم قبل مجيئك قد تحقق بالفعل ، لقد رآك رفقة ذلك الشيطان و جثة يوهان قادمين نحونا ... ولكنه لم يكمل لي بقية ما حصل في الحلم .
قال سيلا متعجبا : لم يحدّثني جون عن هذا الأمر أبدا !
- لم يخبر به أحدا من  غيري لأنه ومنذ وفاة يوهان لم يتحدث إلى أحدد بسبب ما قد حصل .

- حتى أنا لم أستطع التعامل معه ، جون يلقي كل ما قد حصل على عاتقه ظنا منه أنها مسؤوليته .

- ولكن ... ، لقد رأى جون شيئا آخر ذلك اليوم في حلمه

- وما هو ؟

- لم أسمعه جيدا ولكنه كان يصرخ بشدة طالبا العون من الجنود ، كما أنني قد سمعت بضع كلمات غريبة لم أفهمها  ، والأغرب من هذا كله أنه قد صرخ فجأة بعالمي !

- صرخ بعالمك ؟

- أجل لقد قال فلتأتوا بالزاد إلى عالم البشر بسرعة ..

عدّل سيلا من جلسته حينذاك ووضع يده على ركبتيه ومن ثم قال :  إذا كان ماسمعته صحيحا فأظن أن هناك مشكلة أخرى تنتظرنا ! فلا أحد من غيرنا يستطيع الصعود إلى عالمك  فما بالك ببقية الجنود ؟

- أجل هو كذلك الأمر ، كما أن جون قد أكدّ لي صدق تكهناتي .

- وكيف ذلك ؟

- في الليلة نفسها أراد مني البقاء معه قائلا : أنه لم يصبح لي الآن مكان آمن على هذه الأرض بأسرها .

بعد سماع سيلا لتلك الجملة نهض من على فوره متجها ناحية غرفة جون .

-جون فلتفح الباب يابني !!

لم يكف عن الضرب على الباب وهو يصرخ فيه في كل مرّة أن الأمر منذ بدايته ليس مسؤوليته .

حتى قاطع صراخه حينها دخول بعض الزوار إلى القصر ...

*************

في غرفته المغلقة من الطابق الثاني في القصر نادى لوسيفر قلنسم كي يأتيه على عجل ، صوت طرق  على الباب ..

- ادخل

ألقى قلنسم التحية وقال : طوع أمرك سيدي .

أشار  بإصبعه ناحية الكرسي من أجل الجلوس .

- لقد بحثت عنك البارحة ولم أجدك أين كنت ؟
- لقد كنت أتفحص سير الأمور في الدورة الليلة .
- وكيف هي ؟
- تسير على ما يرام لا يوجد أي مشاكل .
- هل أنت متأكد ؟
ردّ عليه بارتباك وصوت يشوبه القلق : أجل أظن ذلك .
- لقد أتاني البارحة خبر من رئيس الدورية أنه قد رآك في إحدى جوانب القصر المعزولة ، ولكنه لم يستطع اللحاق بك من أجل سؤالك عن البضاعة التي قد جائتنا البارحة .
- أجل لقد كنت هناك أتفقد بعض الأمور .
لم يرد لوسيفر إطالة الحديث أكثر واكتفى بالتحديق فيه فحسب ،  ثم استطرد كلامه قائلا :
أليست لديك خطة من أجل استرجاع مخطوطة أمراء الجحيم السبعة ؟
- لا ، ليس هناك سيدي كما أظن أنهم لن يستطيعوا تفعيلها بعد موت يوهان
- وماذا عن سيلا ؟
- لست أدري إن كان حيا أم لا .
- في الحقيقة لقد وصلتني بعض المعلومات السرية بخصوص وجود خائن بيننا ، لقد تم تحرير سيلا من الممر الذي قد دفنته فيه ذلك اليوم .
ردّ قلنسم و علامات الدهشة بادية عليه : ماذا ؟ هل تم تحريره حقا !
- ألا تعلم بالأمر ؟
- إن علمت بذلك يا سيدي كيف لي أن لا أخبرك .
- حسنا لا عليك بذلك ، وما أخبار الخطة التي قد قمنا بإعدادها ذلك اليوم ؟
- إنها تسير بشكل جيد جدا .
ضحك لوسيفر بخبث وهو يقوم  بنفث الغبار عن  إحدى كتبه : لم يتبقى الكثير يا قلنسم .

تبسم قلنسم هو الآخر وسأله  بقلق : لكنك لم تطلعني عن مايدور في خلدك يا سيدي .

-  صحيح لم أخبرك بذلك لانه قد استغرق مني وقتا كثيرا لدراسة كل شيء .

ردّ عليه قلنسم والخوف يتجلى في أعماقه هذه المرّة أكثر فأكثر .
- لقد هدأت الأوضاع بيننا وبين مملكة غيوري المدّة الأخيرة يا قلنسم ، وأظن أنهم يستعدون من أجل ردّ الثأر لموت أمجد ويوهان لكننا لن نستطيع محاربتهم .

- هل نعلن بذلك هزيمتنا ؟

ضحك لوسيفر بقوة و أردف قائلا :  ومن قال أن الشياطين تخسر ؟ نحن ننسحب لأن مملكة غيوري لم تعد مغرية بالنسبة إلي .

- إذاًااا .

- أنت تعرف عالم البشر صحيح ؟

حينها سقط الكأس من يدي قلنسم تلقائيا وبقي يحدق في لوسيفر بشيء من الرعب أكثر من الدهشة .

وردّدّ في قرارة نفسه قائلا :

تبا ، لقد تأخرت كثيرا هذه المرّة ..

 

بيني وبينك عالمان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن