9

719 43 48
                                    

في جيبي الحلوى و في ثغري أمضغُ بعضها بإبتسامةٍ بلهاء رُسمت على ملمحي المُطمئِن الهادئ،ليس و كأنني كنتُ سأرتكب أبشع جريمةٍ ليلة أمسٍ.
بِخطواتي ثابته خطوت داخل ذلك المكان و أنا أمضغُ العلك ممزوجٌ بحلوى داخل ثغري،أتيتُ لغرضٍ واحد لا أكثر،أريد السؤال عن شروط التَبني.
و غرضٌ خفي،رغبةٌ متخفيه حَثتني على أن آتي لأرى ذاك الفتى عديمُ الأدب و الإحترام.

يا ساده لأكُن صريحاً أتيتُ لأغيظ هدوئهُ و أضايق صمتهُ لا أكثر.

'' ما هي شروط التبني؟'' سألتُ بغباءٍ أتصنع عدم التذكُر..اهٍ من ذاكرتي التي تنسى.و أجابني كما السابق يسرُد على مسامعي نفس الحديث المُمِل. و إستوقفتني تلك الجُمله...نفسها التي إستوقفت إهتمامي في آخر مرةٍ أتيت.
'' هل يجب موافقةُ الأهل؟'' بهدوءٍ و حزنٍ مُصطنع سألت و رمقني بنظراتٍ مُتسائله مُستنكره و تلى قائلا '' بالطبع يا سان! هذا لِنضمن سلامة الطفل و أنهُ سيتواجد بين أناسٍ يُحبونهُ و يقبلون وجوده'' و انا؟ انا تصنعتُ حزناً يدمي بدواخلي ليس كأنني كنتُ سأقتلهُم ليلة أمس.

'' قد توفى والداي قبل ستةِ أشهرٍ و إني أخافُ أن أفصح عن الأمر فتختلُ شروط التبني و تحرمُني من تبني الطفل'' قلتُ بحزنٍ ممزوجٌ برغبةٍ في الرحيل بعد أن سكبتُ الشاي و أثرتُ مشاعرهُ المعدومه بحديثٍ مصطنع و بدى كأنهُ لا يهتم لأيٍ من الشروط.'' لا تُحرم من التبني في حالةِ موت الأهل يا سان و تكتملُ الشروط و كأن شيءً لي يكُن'' قال و كأنمها حديثٌ يحفظُه لا يعقلهُ،و بي سعادةٌ غامره.و أخيراً سأنالُ ما أريد،يا ساده شعرتُ ببؤسِ الدُنيا يُزاحُ من على قلبي،و كأن الرب يُريني بعضٌ من نعمِه!
شعورٌ لذيذ.

أرى في عيناهُ حزنٌ و سكونٌ غريبُ على شابٌ في عمرِه.على حد علمي أن جميعُ الأطفال مهما بلغت روحهم من بؤسٍ فإن قلبهم يزيحُ البؤس و يزرع في داخلهم طاقةٌ و فرح غريب..ما بالُه هادئ؟ جلستُ إلى جانبهِ و هو يُشاهد أؤلائك الذين يلعبون بدونِه بدى شارداً.
'' مرحباً يا حلوى؟'' قلتُ متسائلاً أريد جذب إنتباههُ لو لمرةٍ واحده..أن يغضب أن يثور أن يصرخ و يخبرني أني أخطأتُ في مُسماه.
لكنهُ يا ساده حلوٌ و إن كان هناك مملكةٌ للحلوى فسيكون هو مالِكُها.
و لم يُجِب أو يُحرك ساكناً،هادئاً بارداً كما حالي تماماً.
'' لما لا تشاركهُم؟'' سألتهُ بدافع الفضول و أجاب أنهم لا يحبونه لأنهُ مشاغب،و لم أجبهُ فلهُم الحق إن كانت شخصيتهُ بذلك البرود الوقاحه.
لا يُلاموا.

'' تريدُ حلوى؟'' قلتُ و إلتفت إلى حيثُ أنا..رمقني بنظرةٍ مُبهمه و بدت حَذرةٌ من عَرضي .و هز رأسهُ  بنظراتهُ تخترقُني يتفحصُ صدق حديثي،،و أخرجتُ ما قد إشتريتُ لهُ خصيصاً.و إني الآن أرى جانبهُ الطفولي و هو يختار حلواهُ بتأنٍ واضح. و بعد أن إختار إثنتان وضعتُ أنا ما تبقى بداخِل جيبِ ملابسهُ.
إنتفض و شهق بدراميةٍ يُبعد يداي و يهمس أنهُ سيُعاقب على كمِ الحلوى هذا!
و غمزتُ لهُ أخبرهُ أن يضعها متفرقةٌ تحت وسادتهُ و بين طياتِ غطائِه.
و لو تسمعون تضاحيك ثغرهُ على مكرِ أفكاري؟ لذيذ،الفتى لذيذ.
'' أتعلم أني سآخذك'' ألمحُ لعقلِه أنهُ المُختارُ المُتبنى. و يا ساده لم أتوقع ما سيفعل فها هو يرمقني بنظراتِ كرهٍ و حقد.. ثغرهُ يودُ لو يصرخ لكن شيءٌ من القوانين يمنعهُ،تحسستُه. بادلتهُ بنظراتِ غيظٍ أحث شيءٌ بداخلهُ على الإنفعال،النُطق،لكنهُ لازم الصمت و رمى بالحلوى أرضاً و ذهب بعيداً عني.
خطواتهُ غاضبه.أهذهِ طريقتهُ في الإعرابِ عن غضبِه؟ ياللضعف.

'' وويونق كم عمرهُ الدراسي؟'' سألتُ لأعلم أيُ الصفوفِ ألحقهُ بها. و أتى الردُ سريعاً و هو يقول بدفاعٍ غريب'' لما وويونق هو مُشاغب و وقحٌ جداً..لسانهُ لاذع و كثيرُ الحركةِ،خُذ يوسانغ هو رقيقٌ و هادئ '' قال لكني لم أهتم لحديثهُ و أني أُصِر على ما كنتُ سأفعل.'' وويونق'' مُصراً حديثي جاعلاً منهُ يتراخى و يكتُب في أوراقِه.و كأنهُ يخبرُني أن أتحمل قراراتي،وويونق بالصفِ الثانوي إذاً؟! بدى صغيراً في نظري.

~

و بدأت رحلتي في البحثِ عن مدرسةٍ راقية تقبلهُ دون إمتحانِ مستوى.
لكني لم أجِد فأكثرهُم مصرّون على الإمتحان.و البعضُ الآخر لا يقبل دخول طلابٍ جُدد في منتصف العام.لكن يا ساده في هذه العالم لا ينجو إلا الأذكى و صاحب المال،و بمبلغٌ لا يُعدُ من المال على إحدى طاولاتِ الإدارةِ بتلك المدرسةِ المعروفهو قُبِل الفتى دون إمتحانٍ فقط بِبعض رسومٍ إضافيه للقبول،و تمَ أمرُ المدرسةِ.و تبقى شرطٌ أخير..و هو شهادةُ وفاةِ والداي.
لكني لستُ غبيٌ لأنسى التفكير في الأمر...في إحدى أقسامِ تلك المُستشفى التي أعمل بها يوجد أوراقٌ تخصُ الأمر..يوضع بعضها بالمستشفياتِ إن مات أحدٌ فجأةً، لم أمُت قبلاً،و كتبتُ أوراقَ موتهِم و بدلتُ التاريخ و  وقعتُ أعلاها.و يا ساده قد تمت شروط التبني و ها أنا في آخر مرحلة.
هي أساسيةٌ بالنسبةِ لي.

داخل إحدى محلاتِ الألعاب كنتُ أبتاعُ ما يُناسب سنهُ و ما سيُعجبه.
لا أعلم ماذا سأشتري فأنا لم أكن أملك أحداها في صغري. فلا علم لي بأيٍ منهم هو المناسب.لكن كان دليلي هو فتاً بنفسِ عمرِه و والدهُ يختارون من الألعابِ،فكنتُ أقلدهُم و آخذ من ما يأخذون،أشاهدهُم و ما يشترون أشتري لِ وويونق مثلهُم تماماً.عدتُ أدراجي بما إشتريتُ و كانت السعادةُ تغمرني. كنت أشتري لطفلي ألعابٌ يا ساده.. هذهِ لذةٌ خفيه لا يجربها إلا الآباءُ أمثالي،رتبتُ الألعاب في غُرفتِه و  جعلتُ بها كل ما يحتاج و سيحتاج،جميع أنواع الرفاهية.إشتريتُ لهُ الكثير من الملابس.. لم أتبع ذوقي بها فرُبما لا يعجبهُ.
لكن دليلي كان رجلٌ و إبنهُ أيضاً.

و ها هي لحظتي المُنتظره و أنا أصفُ سيارتي مُقابلتاً للرصيف أمامي.
خرجتُ أهرولُ نحو البوابةِ و التي خلفُها ما تمنيتهُ طويلاً. خلفها ما أردتُ
و توسلتُ الرب أن يهديني نحوهُ و قد هداني، هذهِ بدايةُ سعادتي.

و لكن لاقاني الفتى بعيونٍ حزينةٍ تقربُ البُكاء. و وددتُ لو أني أركضُ أحتضنهُ و أمسح أدمعهُ لكنهُ أخبرني أني سبب حزنُ عيناه. انا؟ والربُ
أني لم أقصد وأني لم أشأ إحزان روحكَ ماذا فعلت.جلسَ هو في الكرسي الخلفي و أنا في مقعدِ السائق. كلما مَرت ثوانٍ تفقدتهُ من تلك المرءآةِ في الأعلى..و رأيتهُ يتأمل الطريق بعيونٍ باكيه.كيف لي أن أخفف عن قلبهُ كيف لي أن أطمئن روحه؟  والربُ أني لا أنوي شراً لهُ و لكني إخترتُه!

'' امم حلوى؟'' قلتُ متسائلاً و ها هو و كأنهُ كان ينتظرُ حديثي،صرخ بأحاديثٍ شتى و أنهُ لا يريدني و أنهُ يكرهني و يودُ العودةَ إلى الملجأ.
يصرخ بعلوٍ و يضربُ ظهر المقعد بِقبضتِه،يضربُ الأرض بقدماهُ و يُعاود البكاء أعلى و أعلى.و انا؟ أنا الذي كنت ساكناً إن تهاوت الدُنيا من حولي.ها أنا أفقد هدوئي.. ها أنا أبعثرُ حاجزَ صبري  و أغضب..أكرهُ الصراخ!.صرختُ أخرسهُ قائلاً ما جعلهُ صامتاً و بجسدِه يرتجف.'' والربُ أنك لن تعود إلى الملجأ و ستبقى معي حتى الفناء'' صرختُ أضربُ المقود و أشعر بإرتجاف أنفاسِه و تعثُر نبضاتِه في خوف و قلق.و ظل صامتاً سوى من شهقاتِه الباكيه.

 زمهريرَ|| وُوسَانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن