29

353 29 20
                                    

فكرتُ في ذاتي حتى إنتهت نشرةُ الأخبار و عَلت الموسيقةَ تدريجياً
تحتلُ عَرش الأذهان بِوقارِ المعزوفةِ التي تُعزف. و كأن الآلات تبكي .
هي في صراعِ دائم هي في حربٍ بدونِ مكسب،هي في حربٍ محتومٌ خسارتها.

المعزوفاتُ تضربُني و أنا ضعيفٌ أرضخُ لِجبروتِها! تقصفُني في حربٍ و هي دولةٍ ذات عتادٍ و جُندٌ لا يُحصى و أنا مدنيٌّ مجردٌ من أقل حقوقي. تسلبُني وقاري و هيبتي و تجعلُ مني ضعيفٌ راضخٌ برأسٍ هاونٍ على الطاولةٍ مُستنِد.

تُفرِغُ لمعةَ عيوني و تسلُب ملمح وجهي فأغدو فقيرٌ مسلوبٌ منهوب.
رجلٌ بِكِبري و وقاري و هيبتي بات يضعُ رأسهُ على الطاولةِ مسلوبُ التعابير و الحديث و لمعة العيون و شغف الحياة.

رجلٌ بكبريَ و وقاري طاح أسيراً للموسيقى و أصبح يسندُ رأسهُ بضعفٍ و يُغطيها بيداهُ و كأني أحميها من قصفاتِ مدافع العدو.
تُجرِمُ بِحقي و تسلُبني ذهني،تسطونُ وطناً ليس بِوطنِها تمتلكُ شيءً ليس لها.

الموسيقى باتت تُنجيني مؤخراً لكنها تؤذي، هي فارقُ الآراء و الحديث. هي تضلّ و تُدِل

من العدو؟ الموسيقى
. و مَن الحبيب ؟
و من الملجأ؟

و أجولُ أراضٍ لستُ بِمالِكها و أرتكبُ ذنوبٍ لستُ بِغافرٍ لها و أخوض صراعاتٍ محتومةَ الخسارةَ قريباً مداها أو بعيد لأُطفِئ معزوفاتٍ باتت تُعزفُ في أعماق مُنتصف ذهني لكني بكُلِ فشلٍ أعود و أتهاوى مُنقلباً على وجهي راكضاً مِن من تؤذيني إلى من تُنجيني و هي ذاتها الموسيقى. لعينةٌ لذيذه و ليتها تدوم.

أحتاجُ المال، تذكرتُ مُحدقاً بإحدى زوايا المقهى الفارِغ واضعاً كَفي داخل جيب معطفي و مُسقطاً جسدي في الكُرسي و يُراقصُ شعري نسيمُ الفجرِ البارد إلاهي كم أهوى الفَجر و ما قَبلهُ و ما بعدهُ بساعاتٍ تُعَد.

لستُ فقيراً أو معدومٌ لكنِ فقط لا أملكُ المال، تنهدتُ لا أعلم كيف أوصِف حالي انا فقط لا أملك المال. أخرجتُ كَفي أفردُ أصابعي الخَمس، إثنان لم أجني منهُم شيء.

دخلَ شخصٌ إلى المَقهى و إنخفض صوتُ الموسيقى ، ب عيونِ النادل تتبعهُ حيثُ سَيجلِس. إتخذ المقعد أمامي بِالطاوِلةِ و أراح جسدهُ و أسقط رأسه بهوانٍ على الطاوِله . يُسمَعُ صوت تنهُده العميق و كأن الصدر يحملُ الكثير.

'' مرحباً، ماذا ستطلُب؟'' سأل النادِل يحجبُ رؤياي عن ذلك الذي أسقط رأسهُ كالخاسِر. لكِني خمّنتُ أنه قد رفع عيناهُ ببعضِ التعب و همس ب 'قهوةٍ بدون سُكر' كان مسموعٌ لهدوء المقهى. و ذهب النادِل و ظهر ذا الرأس الساقِط.
لم يَظهر ملمحهُ بعد لأنهُ لا يزال يدفن رأسهُ بين ذراعه.

تنهدتُ أُشاهدهُ بغير نيةٍ للمُراقبه، أنا و هو فقط في المقهى لِذا أُسلي وقتي في مشاهدةِ الناس. رفع رأسهُ ما إن وُضِعت القهوةٌ أمامهُ، ألقى نظرةٌ على المكان و جالت عيناهُ بسرعةٍ و سقطت أخيراً عليّ لكني أدرتُ عيناي و رفعتُ اللِثام. لا أُريد من أحدٍ أن يراني، نظراتي سَتكشِفُني ف أنا؟ انا ؟ من أكون؟
حتى أنا أضعتُني و تُهت عَني و فقدتُني. من أنا و لِماذا؟

 زمهريرَ|| وُوسَانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن