35

314 25 34
                                    


لا أحد ينسى التفاعل.

.


اأقترِب؟ أسيسمحُ لي؟ أيوجدُ أسبابٌ لرفضِ القُرب؟ أبتغي دفئٌ لم يزُرني قَط، سان يملِكُ كل هذا الدِفئ، شعرتُ بِه في أولى لِقائاتِنا، كان دِفئٌ صادِق، كل ما بِه كان صادِقٌ صريح، إبتسامتُه، خطواتُه، مشاعِرُه و أسبابُ بقائِه، صادقٌ حتى في لحظاتِ ندمِه، حتى في لحظةِ غضبِه كان- كان كاذِب و شفتاهُ تتراعد إثر كَذِبه الذي لم يحاول حتى إخفائُه.

أنا أفتقِر لِدفئٍ يصدُر منه، أنا صادِق.

اليوم، و فقط اليوم أنا أُجدد عَهد العِلاقةِ بيننا يا سان، فأنا بائسٌ مُشرّد يفتقرُ لنظرةٍ مِنك، غفوةٍ إلى جانِبك، تنهيدةٌ على صدرِك، لمسةٌ من أطراف أنامِلُك، مُشاهدةُ الغروب بين أحضانِك، البُكاء فوق كَتفك، مُفتقرٌ للكثير يا سان، مفتقرٌ لطعمِ الحياة معك، لعتابٍ طويلٍ ينتهي بعناقٍ يَمسحُ أيةِ خلافاتٍ بيننا، مُفتقرٌ لأطرافِ أحاديثٍ تدورُ بيننا، تأكُل نِصفها بينما أتلمسُ أنا شفتاك، مُفتقرٌ لمشاهدٍ تجذبُ أبصارك فتُقبلُها بمُقلتاك بينما لا يجذِبُ أنظاري سوى كمالُ تفاصيلُ وجهك المُحِبُ المُهتم، فأُقبلُك بشفتاي، أُقبلُ عيناك الهائِمه و وجنتاك.
مُشتاقٌ لدفئٍ يحتضِنُنا،يجمعُنا، و يجذٍبُنا إلى جوفِه، يبتلِعُنا إلى داخِله و يُخلِد كُل ما دار بيننا على جُدرانِه. اليومُ يا سان أنا سأُحِبُك، و إن إستيقظتُ غداً سأُحِبُك. و إن جمعتنا فُرصةُ لقاءٍ أُخرى سأُخبِرُك بمقدارِ المشاعِر التي تفاقمت داخِلي، ليست تلك الحاقٍدةُ الكارِهه، بل أُخرى جديدةٌ خُلِقت بين لقائاتِنا المُتفرِقه.

هل سيجمعُنا لقاءٌ آخر؟ آخرٌ دافِئ، حنون؟

راقبتُ منزِلهُ لِبعضِ الوقت، لم يطُل فقد إختفى الضوء، حَل الظلامُ المُعتِم في زوايا منزِله، حتى الضوء الذي شَدّني للبقاء قد تلاشى، لكِني بقيتُ لبضعة دقائِقٍ أُخرى على أملٍ أن يخرُج، أن تجمعُنا صُدفةٌ مدبرةٌ في إحدى شوارِع المدينةِ مثلاً، أو في ذلك المقهى حتى، أو صدفةٌ ترمي بي بين أحضانِه،
لكنهُ لم يخرُج و بات المنزِل ساكنٌ هادِئ كَساكِنهُ الذي يسكُنه.

رحلت، رحلتُ و تركتُ أرضي التي لازمتُها لِساعات، ركضتُ و لم أمشِ ركضتُ بقوةٍ رغم هوانِ جسدي و دواخِلي، ركضتُ بسُرعةٍ لأصِل إلى منزِلي قبل أن يبرُد الدِفئ الذي سرقتُه، لأنام بعمقٍ بسببِ الدِفئ أيضاً. ركضتُ حتى إحتّل جسدي موجةُ سخونه، تسربَ العرق من بين خلايا جِلدي و بات يُقطِر بدئاً من جَبيني إلى وجهي و حتى رَقبتي، صَدري و جَسدي كامِلٌ بات يغمُرهُ العرق.
شعورٌ أشبهُ بصعقةِ كهرباءٍ قد لسع أوتار ساقيِّ، توقفتُ للألم الذي داهمني إثر سُرعةِ ركضي و طولُ المسافةِ التي ركضتُها، توقفتُ و لِشِدةِ الألم خارت قوايّ
و إنهرتُ أرضاً بِلا تحمُلٍ أو ذرةِ مقاومه، تسارعت أنفاسي و إنتفض جسدي رُعباً لفكرةِ أن الدِفئ الذي كنزتُه سيبرُد، سيضيعُ آخر آمالي في النومِ العميق.
لا! لن يحدُث أرجوك أيها الرب، ذرةُ رحمةٍ على حالي.

 زمهريرَ|| وُوسَانحيث تعيش القصص. اكتشف الآن