بأبياتٍ من الشعر أفشي لكِ سري
فشطرٌ أكتبه .. وشطرٌ في قلبي
تجودين بنظرةٍ نابت بالصبابةِ دهري
فيجيش بصدري ما لا يحصره قلمي!متوازيان .. كخطين مستقيمين لن يلتقيان أبدًا .. سار كلاهما جنبًا إلى جنب ..
كل منهما يدعي الانشغال في اللاشيء بلامبالاة متقنة، في إشارة واضحة وصريحة لنفسيهما قبل الجميع أنهما صديقان لا أكثر ..
طريقهما ليس واحدًا وإن انتهت الجولة الحالية بمقرٍ واحد، فنهاية المطاف فراق مؤكد!_هل رتبت أمورك؟
قالتها إيزمي باهتمام فأومأ فريد برأسه وهو يرد بعزم كمن يشجع نفسه :
_نعم، غدًا خطبة أخي الثانية وأنا لم أحضر السابقة حتى .. أظن أن عليَّ الحضور هذه المرة .. لا، يجب عليَّ الحضور هذه المرة!
عقدت إيزمي حاجبيها بخفة متعجبة بينما تسأل :
_لمْ تحضر السابقة! لمَ؟
بدا بعض التردد على وجهه، قبل أن يرد قاطعًا سيل أفكاره المتناطحة :
_كنت مجندًا بالجيش، فلم يتسنَّ لي الحضور.
أومأت برأسها بهدوء شديد ممسدة براحة يدها فراء قطتها بنعومة .. ثم نطقت بعد برهة بمكر مبطن :
_أنت تعلم أنني أجيد معرفة الصادق من الكاذب، أليس كذلك؟
حدجها بطرف عينيه قائلًا بإصرار صبياني :
_أنا لا أكذب، هذا بالفعل ما منعني.
ارتسمت ابتسامة متهكمة على زاوية شفتيها قائلة بنبرة رائقة تستفزه :
_لم أقل أنك تكذب .. لكن إجابتك ليست كاملة.
التفت إليها بتذمر ساخرًا :
_هل نحن في اختبارٍ نهائي لأجيبك إجابات كاملة؟
أومأت برأسها مؤكدة بأريحية شديدة وكأنه لا يكاد يتمايز غيظًا أمامها..
فيما أشاح بوجهه صامتًا ..
فهي دون أن تدري تضغط فوق جرح متقيح لم يفلح ترياق في مداواته ..
يبوح؟
سبق أن فعل ولم ينجح..
يصمت؟
ما من جريحٍ صمت وطاب.._إن كنتَ تريد الحديث فأنا أستمع.
التفت لها باندهاش حين سمع كلماته تخرج من بين شفتيها شحيحتي الابتسام ..
طالعته بعينيها الحسناوين بدعوة لا تُرد .. بثقة وطمأنينة رغم احتياجه لكلتيهما لم يكُ يبحث عنهما .. بل كانت بغيته في وعد لسلام وسكينة كاد ينسى دفء مذاقهما ..
وقد جاءت كلماتها التالية كتربيتة على روحه الحائرة :
_تحدث كي تجد الراحة يا فريد .. دون الراحة لا يتسنى لك الشعور بمذاق حياتك مهما بلغت حلاوتها!
فهم جيدًا ما تقصد، لكنه رد مناكفًا كمن انتقلت إليه عدوى مباشرة منها :
_بحياة هالات وجهكِ الساطعة، كيف جرؤتِ على التحدث عن الراحة؟
رغم تورد وجنتيها الطفيف حرجًا، إلا أنها ضحكت بشدة مدركة لوضعهما ..
بائسان يصبران أنفسهما على مرارة الحياة بكلمات لا تعبر سوى عن ضرب من ضروب خيالهما ..
عن ..التمني!
ضحكت وضحك ملء شدقيهما بقلة حيلة، وتموأت القطة من بينهما تشاركهما لحظة رائقة نادرة الحدوث .. حتى توقفت قائلة ببذور حماس زائف كمن تقنع طفلًا بشيء ما :
_لنتفق اتفاقًا صائبًا لكِلينا .. ما رأيك أن تشاركني سرك، وأشاركك سري، وتصبح صداقتنا تحت مسمى "حافظا الأسرار" ؟
أنت تقرأ
هان الود
Romanceهل تُخلق الطهارة من روح الدنس؟ أم يُولد السوء من رحم البراءة! ما ذنب النقي في معركة النجس؟ خاضها بغلٍ قضى على كل القلوب المعطاءة!