قد يرحل البعض تاركًا في القلبِ طيفًا ..
غصة!
أو بعض الذكريات ..تجلس بنفس الارتياب ساكنة في مكانها منذ حضرت .. مرت عشرون دقيقة ومازالت على نفس وضعها ..
هي حتى لا تقرض أظافرها أو تحرك قدمها بالتناوب كعادة الكثيرين عند التوتر .. بل تجلس بثبات خارجي تُحسد عليه في ظل دوامات داخلية تسحبها داخلها وتكاد تسحب روحها معها من فرط القلق، فبدت شاحبة كالأموات .. دون حتى أن تجد تبريرًا في نفسها لحالتها هذه!سمعت نادية بعض الهمهمات الآتية من الخارج فاستشفت وصول شريكها في المكتب .. أو ربما هي شريكته؟ .. لا يهم، كل ما يهم أنهما أصبحا شريكين الآن ..أو سيصبحا؟ تبًا.
أوقفت رأسها عن التفكير منتظرة بترقب ارتفعت له سرعة أنفاسها أن يدلف إلى المكتب .. ولا تعلم هل كان في دخوله السريع شفقة ورحمة بها، أم تآمرًا عليها وعلى حالتها التي تشبه ورقة في مهب الريح!حبست أنفاسها لثوانٍ، تنفست بعدها بعمق شبه هادئ تستدعي الثبات وهي تتابع مشيته بترقب إلى أن جلس أمام مكتبه ..
"ما بك يا نادية ترتبكين وتنتفضين كالفأر المذعور؟ أهذا ما دربتِ نفسكِ عليه أيامًا قبل أن تقررين المجيء إلى هنا؟ " هذا ما وبخت به نفسها شاعرة بالخزي لما انتابها من ارتباك ورعب .. خاصةً حين رفع وجهه إليها بحدة دبت رجفة قوية في أوصالها .. اللعنة!
"حسنًا اعترفي أنكِ ما كان يجدر بكِ أن تأتين إلى هنا اليوم، أو أبدًا." غمغمت لنفسها وهي على وشك الانفجار في البكاء بشكل مخزي._إذًا أنتِ المتدربة الجديدة ..
قالها فجأة فتمالكت أعصابها التي أوشكت على الانفراط تمامًا وهي ترد بصوتٍ حاولت أن تخرجه واثقًا فبُح :
_نعم.
بجدية أراد أن تبعث الرهبة فيها قال متصنعًا عدم المعرفة :
_اسمكِ؟
فردت بسرعة وتحفز كإنسان آلي :
_نادية.
لاحظ أن جديته بلغت أكثر مما أراد فلانت ملامح وجهه، خاصةً حين اكتفت بقول اسمها مجردًا دون التطرق لكونها ابنة صاحب الشركة أو أخت مديرها.
_هل لك أية خبرات في مجال عملنا يا آنسة نادية؟
لم تعقب على ما ناداها به متشدقة كأي امرأة طبيعية بكونها سيدة وليست فتاة، بل أجابت وقد استدعت بعض الهدوء ..
_إنه يتبع مجال دراستي، كما أن هاشم أخبرني ببعض الأشياء الأساسية.
اندفعت منها الكلمات بعفوية دون قصد عن كونها تعينت في الوظيفة عبر الواسطة، كما أنها لم تستدرك ذلك من الأساس، وأثبتت له حين أكملت بتحفز ..
_أنا أستوعب المعلومات بسرعة ولن آخذ وقتًا أو أكون حمقاء، أعدكَ سأبذل قصارى جهدي حتى ننتهي من التدريب في أسرع وقت ممكن.
مط شفتيه بإعجاب لنشاطها رغم ملاحظته أن شخصيتها متذبذبة بعض الشيء ..
بعض الشيء ماذا؟ بل متذبذبة كثيرًا!
أومأ برأسه صامتًا وهو يرتب برأسه مراحل التدريب الذي ظهر له من العدم .. مستبشرًا الخير في القادم، فعلى ما يبدو أن الفتاة مجتهدة بحق .. أما الذكاء فسيظهر أثناء التدريب، فشهادتها هي وشقيقها مجروحة ..
أنت تقرأ
هان الود
Storie d'amoreهل تُخلق الطهارة من روح الدنس؟ أم يُولد السوء من رحم البراءة! ما ذنب النقي في معركة النجس؟ خاضها بغلٍ قضى على كل القلوب المعطاءة!