الفصل الثالث والعشرون

268 10 0
                                    

خطوةٌ خلف خطوةٍ تدني .. عن فكرٍ يائسٍ تغْني
أملٌ في غدٍ لمحبٍ تائق .. ظن أن الوصول مضنِ!

فُرض الحصار على المنزل .. حصارٌ قويٌ لا فكاك منه خُلق من نبضاتٍ مضطربة لقلبين سبحا يغزلان من الحب حصنًا منيعًا .. يصد ضربات متوقعة الحدوث .. مبهمة التوقيت .. وهادمة الأمان.
سارت نادية الهوينا في منامتها الشتوية الفضفاضة متجهة إلى حيث يجلس زوجها على الأريكة المقابلة للتلفاز ..
زوجها!
يرجف قلبها لهذا التعبير .. ويسري الدفء في أوصالها كلما رأته في إحدى بُقع المنزل .. يكفي حضوره الطاغي وتلك البسمة التي ترتسم على وجهه حين تلمحها عيناه لينتفض قلبها عشقًا لذلك الرجل..
شيء واحد هو ما يقض مضجعها .. يكويها بالذنب والندم أن وافقته على هذا العذاب .. وقد حاولت بكل ما في وسعها تخطي حواجزها النفسية .. فاقتربت من جلسته أمام إحدى المباريات التي تسترعي جل انتباهه، وجلست متربعة على الطرف الآخر للأريكة متنحنحة بهدوء لتلفت انتباهه .. التفت لها باستفسار لتقع عيناه على ذلك الجلباب العسلي الذي ترتديه، ذو خامة شتوية ناعمة تليق بها، وينتهي علويًا بغطاء رأس مبطن ككافة ما ارتدته منذ يوم زواجهم الأول وحتى تلك اللحظة باليوم الرابع .. فارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة عائدًا برأسه إلى شاشة التلفاز، بينما يقول معلقًا بمزاح :
_هل كل ملابسك ذات غطاء رأس؟
باغتها السؤال، فربتت على رأسها من فوق الغطاء قائلة كمن تدفع عن نفسها تهمة :
_أنا أبرد من أذني .. كما أن بشرتي شديدة الحساسية لا تحتمل معظم الخامات الشتوية الثقيلة، فأغلب ما أجده من هذه الخامات الناعمة التي يرتاح لها جسدي يكون على هذا النمط.
تنحنح هو في هذه المرة متغلبًا على ما تدفق في رأسه من خيالاتٍ وقحة إثر كلماتها الموضحة .. وتساءل ببعض الذهول..
لمَ كل شيء يخصها يحتاج إلى التعامل بحذر وعناية شديدة؟ لمَ عليه دومًا أن يتصرف كمن يضم بين كفيه بلورة رقيقة قد تُكسر بضغطة غير محسوبة .. وضع لا يحتمل هفوة واحدة..
ورغم كل هذا .. لا يجد في نفسه قنوطًا أو ذرة ندم .. رغم كل هذا .. يسعى بكل ما في وسعه نافضًا الأتربة عن تلك البلورة بحرص شديد .. حتى وإن استدعى ذلك نزعها ذرة بذرة!

هان الودحيث تعيش القصص. اكتشف الآن