وكأننا تعاهدنا بأرواحنا ألا نفترق .. فنقضنا نحن وأرواحنا وفت.
اكتسبت خطواتها بعض الثقة اليوم .. وأصبحت مشيتها أكثر ثباتًا، رغم توترها وارتباكها من شريك العمل والمدرب حاليًا ..
يبدو لطيف المعشر ومعاملته طيبة .. اللهم إلا عقدة حاجبيه ..
وتجهم وجهه ..
وزفراته الحانقة بشكل مستمر!
أشياء بسيطة يمكن التغاضي عنها لكنه في المجمل لطيف.
ضحكت نادية في نفسها متعجبة وهي تسرع في خطواتها تجاه المكتب كي لا تتأخر أكثر من ذلك ..
تبقت ابتسامة طفيفة فوق شفتيها أثناء سيرها في الردهة .. لكن بعض النظرات والهمسات اللي لم تلتقط منها شيئا ومع ذلك عرفت مغزاها، أو صوَّره لها عقلها .. أخفت الابتسامة عن وجهها .. فرفعت رأسها بتنشنج وأكملت سيرها تدبدب بكعب حذاءها بحدة.
همست إلى مديرة المكتب حين اقتربت منها :
_هل وصل السيد حمزة؟
ضحكت غادة قائلة ببشاشة :
_نعم، لكنه في مكتب السيد خطاب نائب المدير الآن.تنفست الصعداء وهي تدخل غرفة المكتب مستعيدة هدوءها، لتجلس أمام مكتبها المؤقت مرجعة رأسها إلى الخلف براحة بعد أن كانت تكاد تركض في طريقها حتى لا تتأخر ..
بعد دقيقة .. فُتح الباب فجأة مصدرًا صوتًا مزعجًا فانتفضت في مكانها مذعورة، ليلتفت حمزة يغلق الباب خلفه كابحًا ابتسامة متسلية ..
_صباح الخير سيد حمزة.
جلس حمزة خلف مكتبه المقابل للخاص بها ..وصمته بدا لها غير مبشر، خاصة مع تلك النظرة الغريبة بعينيه ..
رفع لها رأسه بعد ثوانٍ كان يحاول فيها مواراة التسلية عن ملامحه قائلًا :
_لا سيدة نادية، لا أحب هذا اللقب ..
ارتفع حاجبا نادية مندهشة، وردت بتعجب لم تتخلَّ به عن نبرتها المهتزة ..
_لكني .. لكني بالأمس كنت أناديك به طوال اليوم!
ببساطة شديدة تعدت حاجز البرود والاستفزاز .. حرك كتفيه للأعلى في حركة خفيفة تكاد لا تُرى ..
_لم أعد أحبه.
تشتتت لا تفهم من أين اتى هذا فجأة، لكنها ردت متسائلة بتهذيب :
_وماذا عساي أن أناديك؟
استراح في المقعد بشكل اعتقده فج، إلا أنه كان كعارضي الأزياء في جلسات التصوير بحلة العمل الرسمية تلك ..
_ناديني "برنس".
ونطقها كشخص يجلس مع صديقه على مقهى بلدي، في تلك الجلسة التي لا ينقصها سوى أن يضع قدمًا فوق الأخرى ..
_برنس؟
وكررتها كمن خرجت من فيلم كارتوني للتو، أما عن الباء فقد أثقلتها لتنطق الكلمة بلغة إنجليزية سليمة، والراء حين انزلقت من فمها أدرك على الفور ما كانوا يتنمرون عليه فيها، وعن النون فقد كانت تمهيدًا للسين التي لم يتمكن من سماعها جيدًا لرقتها في ختام الكلمة!فغر فمه ببلاهة حين سمع نطقها للكلمة .. هل هذه الكلمة التي ظنها سوقية وحاول استفزازها بها؟ ليت لسانه قُطع قبل أن يصنفها بالسوقية!
قطعت أفكاره وهي تقول بخنوع لطيف :
_حسنًا .. برنس حمزة.
كبح ضحكة كانت على وشك البزوغ بصعوبة وهو يستمع إلى الـ"بغِنس" خاصتها، ثم اعتدل في جلسته هامسًا لنفسه "لا داعي لهذه الحركات لتسريحها من العمل .. إنها مسلية."
أنت تقرأ
هان الود
Romansaهل تُخلق الطهارة من روح الدنس؟ أم يُولد السوء من رحم البراءة! ما ذنب النقي في معركة النجس؟ خاضها بغلٍ قضى على كل القلوب المعطاءة!