بعد رحلة طويلة دامت ساعات في الطرق الصحراوية الوعرة، أوقف كريس سيارته برهة، و كان جون نائما طوال الطريق، و عندما شعر بتوقف السيارة عن الحركة، نزل منها و سأل كريس قائلا:
"هل وصلنا؟"رمقه كريس بنظرة سريعة و أجاب:
"نوعا ما، مرحبا في منزلك الجديد."ظلّ جون ينظر بامعان، و طاف ببصره حول المكان في سخط و تذمر، و تمشّت سمات القلق في وجهه، فقد كان كل ما رآه كوخًا صغيرًا لا يصلح حتى لتربية الدجاج، و همس لنفسه:
"لماذا أحضرني إلى هنا؟ لماذا؟"أطلق كريس ضحكة تفيض سخرية، ثم قال في ارتياح:
"لا تقلق يا صغيري، سنستريح هنا فقط، لم نصل إلى وجهتنا المنشودة بعد."تطلع إليه جون مستفسرا في شيء من الدهشة، و قال:
"متى سنصل اذن؟"هز كريس كتفيه في غير مبالاة و قال:
"ليست لدي أدنى فكرة. سأجري مكالمة هاتفية، أما أنت فادخل و خذ قسطا من الراحة."على بعد مئات الكيلومترات، خرج شخص في أواخر الخمسينات من العمر إلى شرفة الفيلا الخاصة به، رجل ضخم الجثة، ذو شعر أسود و نظرات حادة، و ردّ على الهاتف قائلا:
"كريس، ما الأخبار؟"أجابة كريس قائلا:
"إنه بصحبتي يا سيدي، لكن..."
"ما الأمر كريس؟! تحدّث"
"إنها زوجتك، أعتقد أنها توفيت."بدت على الرجل علامات الدهشة و الذهول و صاح بعد أن تلون وجهه قائلا:
"ما الذي تقوله يا هذا؟ كيف حدث ذلك؟"
"كل ما أعلمه هو أنها لم تمت مقتولة."لاذ الرجل بالصمت برهة ثم قال و هو يكاد ينفجر حزنا و ألما:
"أسرع و احضر ابني، أريد رؤيته على الأقل."أقفل كريس الخط، و أفلتت من بين شفتيه زمجرة غاضبة و قال:
"سحقا لك، نلت ما تستحقه أخيرا."أقبل كريس من الخارج و كان الجو داخل الكوخ يبعث على الكآبة، و وقع بصره على جون ثم قال له:
"جون، سأصارحك بالحقيقة"هزّ الفتى رأسه بالايجاب، و قال بصوت واهن:
"حسنا."تنهد كريس، و حملق كثيرا في وجه جون، و قال في هدوء:
"والدك يرغب في رؤيتك، نحن ذاهبان إليه."