15- العقبة

698 37 0
                                    

بعد سويعات غادر كريس الكوخ رفقة جون و كانت الوجهة مدينة أولدفيل التي تقع خارج المنطقة الصحراوية القاحلة، و لم يبق أمامهما الكثير ليصلا إلى المدينة، و التي يقيم فيها الرجل الذي يزعم أنه والد جون.

و بينما كان كريس يشق طريقه بسرعة جنونية، ظل جون يسأله السؤال تلو الآخر و شعر و كأنه يُستجوب من طرف أحد رجال الشرطة.

كان جون حائرًا و مصدوما، فقد أخبرته والدته أن أباه توفي في حادث مرور، و الجميع صدق تلك القصة، لكن من هذا الذي ظهر فجأة مدّعيا أنه والده؟ و هل كذبت عليه أمه طوال الوقت؟

لم يأبه كريس لأسئلة جون الكثيرة، و تجاهل فضول الفتى، و قبل وصوله إلى أولدفيل لمح بعض رجال الشرطة في مدخل المدينة، و خفض السرعة قبل أن يلمحوه، و التفت إلى جون و قال:
"كفى يا فتى، سئمتُ من أسئلتك المزعجة. لدينا ما يكفي من المتاعب أمامنا الآن"

صمت جون برهة، و كانت تعابير وجهه كمن تعرّض للخيانة، ثم قال بصوت خافت:
"لماذا حدث كل هذا؟"

شعر كريس بالأسى لما مرّ به جون من تجارب قاسية، ثم قال و هو يصطنع ابتسامة رقيقة:
"لا تقلق يا فتى، كل شيء سيكون على ما يرام."

ألقى جون ببصره على وجه كريس المبتسم و رمقه بنظرات سريعة، و شعر بنوع من الارتياح و لاذ بالصمت.

و فجأة استعاد وجه كريس صرامته و اكفهراره و مدّ يده إلى أسفل مقعده و أخرج المسدّس الغالي على قلبه، و قال:
"بعض الحشرات تعترض طريقي نحو الانتقام، عليّ سحقها فورًا."

كست الدهشة وجه جون، و استغرب من كلام كريس، و قال في قرارة نفسه:
"كان يبتسم قبل برهة و انظر كيف أصبح الآن! و ما الذي يقصده بطريقه نحو بالانتقام؟"

و قبل أن يتوصل جون لاستفسارات عن تساؤلاته كان كريس قد ترجّل من السيارة، و أخفى مسدسه وراء ظهره و تقدم من رجال الشرطة أربعة، و عقب وصوله إلى مكانهم، بادر أحد الرجال بسؤاله:
"كيف يمكننا مساعدتك يا سيدي؟ ان كنت ترغب في المرور فاظهر لنا وثائق سيارتك"

ابتسم كريس ابتسامة باهته و قال:
"آه سحقا، لقد أضعت وثائقي يا سيدي، أرجو أن تغض الطّرف هذه المرة"

أجابه الشرطي باقتضاب شديد قائلا:
"هذا عملنا يا سيدي، يجب أن نتحقق من وثائقك لنسمح لك بالمرور"

و بينما كان كريس يتبادل الحديث مع الشرطي، تقدم رجل آخر و همس في أُذن زميله الذي قطب حاحبيه و نظر بامعان في وجه كريس و قال له:
"ابقى هنا يا سيدي، سنتفقّد سيارتك، هل يرافقك أحدهم؟"

صاح كريس قائلا:
"جون، تعال إلى هنا يا صديقي."

خرج جون من السيارة و انضم إلى كريس، بينما اقترب رجال الشرطة من السيارة، و راحوا يبحثون داخلها و يتفقدونها، و أثناء ذلك ابتعد كريس رفقة جون عدة أمتار و صاح أحد رجال الشرطة:
"الزم مكانك يا سيدي، لا تتحرك"

و هنا أخرج كريس جهاز تحكّم صغير من جيبه و قال:
"فلتذهبوا للجحيم يا حمقى."

و ضغط كريس على أحد الأزرار و انفجرت السيارة قبل أن يدرك رجال الشرطة أنهم وقعوا في الفخ، و مات أربعتهم.

أما جون فقد تسمّر في موضعه و قد تملّكه الذهول، ثم رمقه كريس و قال له بهدوء:
"هيا بنا."

القاتل البريءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن