31- ليخت

222 13 3
                                    

غادر جوناس بيت الظلام للأبد، و بمجرد أن رحل قال في قرارة نفسه:
"لقد ضحّيت بكل شيء من أجل دونكلهايت و مايكل وايت و ها أنا اليوم أُطرد من البيت الذي عملت على تشييده و كأنني كلبٌ ضال غير مرغوب فيه. لن يمرّ هذا من دون عقاب يا مايكل، ستدفع الثمن، أعدك بهذا يا صديقي."

اتجه جوناس إلى حيّه القديم الذي عاش فيه أتعس و أسعد لحظات عمره، و هناك استقبله جيرانه الذين كانوا يجهلون تورطه في عالم العصابات و الاجرام، و ظنوا أنه كان في رحلة البحث عن مستقبل زاهر في مكان آخر.

عاد الرجل المحطم أساسا إلى بيته القديم محطّما أكثر من أي وقتٍ مضى، و أسند جسده المنهك في سبيل خدمة دونكلهايت و زعيمها على الحائط، و راح يسترجع ذكرياته هناك في بيت الظلام، و كان كمن يحاول أن يعثر على شيءٍ ما فقده، أجل، كان جوناس يبحث عن خطأ، عن هفوة أو ذنب ارتكبه دون أن يشعر بذلك، لكنه أبى العثور عليه، لقد صار متأكدًا أنه لم يكن مذنبًا في حق مايكل، بل أحس أنه تفانى في عمله أكثر من الزعيم نفسه، كان الحلم الذي يراوده بجعل دونكلهايت أعظم مافيا محركه الأول، و سببًا لتضحياته، لكنه اليوم أضحى وحيدا في غرفة فارغة، باردة و مظلمة.

لا أحد يرغب أن يكون في موضع هذا الأسد الجريح، و ان فكر في الانتقام فليس مردّ ذلك كونه قاسيا، فهو تُرك وحيدا بعد أن أفنى روحه خدمة للزعيم الذي اعتبره صديقه الوحيد.

نام جوناس بضع ساعات، و في الليل أيقظه صوت طرق على الباب، أخرج مسدسه و اقترب من الباب بحذر، و حينها سمع صوتا مألوفا، لقد كان صوت باول، رفيقه و مساعده في بيت الظلام، في البداية لم يرغب في فتح الباب ظنًا منه أن مايكل قد أرسله لتصفيته لكن هذا الأخير أقنعه أن الأمر ليس كما يعتقد.

لما فتح جوناس الباب لمح عشرات الرجال، و كلهم من دونكلهايت، و راح يسأل باول قائلا:
"ما الذي يحدث باول؟! لماذا أحضرت هؤلاء معك؟"
أجابه باول قائلا:
"لقد غادر هؤلاء الرجال دونكلهايت بمحض ارادتهم، و هم لا يرغبون في العمل عند مايكل مجددا، هؤلاء الرجال أصبحوا رجالك."

استغرب جوناس و ظن أن ما يقوله باول مزحة أو خدعة من نوع ما ثم قال:
"كيف هذا؟ ما الذي تقصده؟"
و حينها صاح بعض الرجال قائلين:
"لن نرضى أبدا بهذا الظلم، أنت لا تستحق الطرد لهذا قررنا أن نغادر دونكلهايت لأننا نرفض أن يأتي يوم نُطرد فيه بنفس الطريقة التي طُردت بها، نحن نعلنك قائدا لنا، أنت الأنسب لهذا المنصب."

ذُهل جوناس من كلام أولئك الرجال، لكنه شعر بجديتهم كذلك، و في تلك الليلة تأسست جماعة مافيا جديدة في مدينة أولدفيل و أطلق عليها جوناس اسم "ليخت" و التي تعنى "النور" و تزعّمها هو و تكفل باول بمساعدته، و كان يدّه اليمنى.
و تكونت مافيا ليخت من فئتين: الفئة الأولى هي الرجال الذين انشقّوا عن دونكلهايت و كان عددهم يتجاوز ثلاثين رجلا، و مع الوقت انضم العديد من الرجال الذين كانوا ينتمون لجماعات أخرى في أولدفيل و هم أعداء دونكلهايت الذين يرغبون في رؤيتها في الحضيض في أقرب وقت ممكن و كان عددهم يتجاوز مئة رجل.

انتشرت الشائعات عن مافيا ليخت كانتشار النار في الهشيم، و سمع مايكل وايت بتلك الشائعات لكنه لم يعرها اهتماما كبيرا، خاصة أن دونكلهايت كانت تعاني من نقص حاد في الرجال و كان هدف مايكل هو ضخّ دماء جديدة في جماعته، و قد قام بتعيين كريس مساعدا له و فجأة حصل ذلك الفتى على منصب رفيع في مافيا دونكلهايت، فما الذي سيخوله له منصبه هذا يا ترى؟!

القاتل البريءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن