غادر جون العيادة التي تبعد بضع أمتار عن بيت الظلام و تبعه كريس و كان صوت اطلاق النار كثيفا للغاية، و صوت صراخ الرجال حادًا، و عند وصولهما إلى بيت الظلام كان الوضع حرجًا، فقد قُتل العديد من الرجال في الانفجار و كانت مقاومة باقي الرجال عقيمة، اذ استعد رجال ليخت جيدا لهذه الحرب التي جاءت مفاجئة لدونكلهايت و لم يكن يتوقع أحد أن يبادر جوناس بالهجوم، فهو فضّل البقاء بعيدا عن المشاكل طوال ثمان سنوات من زعامته لمافيا ليخت.
التقط كريس الذي بالكاد يمكنه الوقوف من شدّة الحمى واحدا من رشاشات زملائه القتلى و راح يطلق النار و يُطيح برجال ليخت و لما رآه جون يقاتل بتلك الشراسة تشجع و حمل هو الآخر رشاشا و راح يُفجّر رؤوس أعدائه، و أطلق العنان لأول مرة لغريزة سفك الدماء لديه و اكتشف أخيرا أنه قاتلٌ ماهر، فرغم أن هذه أول مرة يُزهق فيها أرواح بشرٍ مثله إلى أنه لم يشعر بذرّة من الخوف أو التردد، و استشعر كريس تعطّش جون للدماء و قال في قرارة نفسه:
"هذا الشبل من ذاك الأسد! هذا الفتى أخطر من والده حتى، عليّ الحذر منه اذا قُدّر لي العيش بعد هذه المعركة."و بعد دقائق من القتال العنيف و الجحيمي، انضم مايكل وايت لرجاله و راح يُطلق النار من مسدسه ببراعة و يُسقط رجال ليخت أرضا بضربات مركزة على رؤوسهم و تشجع رجال دونكلهايت برؤية زعيمهم يقاتل بضراوة و بدا الوضع تحت سيطرتهم لوهلة، لكن فجأة أُطلق من الجهة الأخرى ثلاث صواريخ صغيرة انفجرت بالقرب من بيت الظلام و نشبت النيران به و تطايرت الشظايا في كل مكان و أصيب غالبية رجال دونكلهايت و انقلب الوضع مجددا ليصب في صالح مافيا ليخت، أصيب الزعيم مايكل وايت و جون و كريس كذلك، و تقدم جوناس و رجاله الذين كانوا حوالي خمسون رجلا و شرعوا في الاجهاز على رجال دونكلهايت المصابين و لما وصلوا أخيرا إلى عتبة بيت الظلام أبصر جوناس مايكل وايت الذي كان ملقيا على الأرض و أمر رجاله بحمله كما حملوا كذلك جون و كريس من المكان.
كانت الشرطة قد وصلت للمكان لتجد بيت الظلام تلتهمه ألسنة النيران و القتلى في كل مكان، ما حدث هناك كان كارثة صادمة، و شرطة أولدفيل ما كان بوسعها أبدا ايقاف حرب مستعرة كتلك، و بعدها وصلت سيارات الاسعاف و شرعوا في اجلاء الموتى و الجرحى و تنظيف الفوضى.
كانت ليلة دموية بحق، و في مقر مافيا ليخت تجهّز الجميع لرؤية العرض الرئيسي، جوناس سينتقم أخيرا، سيقوم باعدام عدوه اللدود، مايكل وايت.
أما كريس و جون فقد تم سجنهما في احدى الغرف إلى حين أن يقرر جوناس ما سيفعل بهما.كان مايكل في حالة يرثى لها، فقد أصيب اصابة بالغة، و فرص نجاته منها ضئيلة جدا، و رغم ذلك لم يصرخ و لم يتوسل و لم ينبس حتى بكلمة.
اجتمع كل رجال ليخت الذين نجوا من المعركة، و راحوا يصرخون و يشجعون زعيمهم على وضع حدٍ لحياة العدو.كان جوناس يرتجف و في أعماق قلبه تمنى لو عثر على مايكل مقتولا، لكنه الآن يتوجب عليه اعدامه و راح يقول في قرارة نفسه:
"لماذا أجد نفسي دائما في نفس الوضع؟ لماذا عليّ أن أقتل أكثر الأشخاص الذين وثقت بهم؟"لاحظ مايكل تردد جوناس و اصفرار وجهه كما شعر رجاله أيضا بذلك، و قال له:
"افعلها يا جوناس، هذه هي الحياة التي أردناها أليس كذلك؟ أنا أستحق الموت، لقد ارتكبت الكثير من الحماقات لكي لا تغرق سمعتي في الأوحال، أما الآن بعد أن تدمرت دونكلهايت لم يعد لي سبب أعيش من أجله، لكن أريدك أن تعدني بشيء واحد، أخلي سبيل جون و كريس، إنهما لا يستحقان أن يُقتلا، لا تدعهما يدفعان ثمن أخطائي، أرجوك جوناس، لا تقتلهما."أومأ جوناس برأسه و قال:
"لن أقتلهما من باب الاحترام، أما الآن، فعليك بالصلاة على روحك."
ابستم مايكل وقال:
"لستُ بحاجة للدعاء، أنا أبغي الراحة، و الأمر بيدك الآن يا رفيقي، افعلها و أرحنا، و مادمتَ قلت كلمتك بأن لا تقتل جون و أنا واثق أنك لن تتراجع عن كلمة قلتها، أخبره نيابة عني أنني آسف، نسيت اخبارك أن ذلك الفتى هو ابني الوحيد، هو يمقتني و لا أظنه سيسامحني..."قاطعه جوناس قائلا و عيونه تلتمع من الدمع و قال:
"كفى يا مايكل، كفى، لقد قلتَ ما يكفي."
لاذ مايكل وايت بالصمت ثم أخفض رأسه و بدا يائسا، و ساد صمت رهيب ثم فجأة... بوووم، خرجت الرصاصة و اخترقت دماغ البطل مايكل وايت و معها انهمرت دموع جوناس، و بينما كان البطل غارقا في بركة من الدماء كان جوناس يبكي بحرقة و كأنه قضى على واحد من أعز رفاقه و ليس عدوه اللدود، و صُدم رجال ليخت فلم يكونوا يتوقعون رؤية زعيمهم ينتحب لمقتل عدوه، لكن معظمهم يجهلون أنهما كانا في وقت مضى صديقان مقربان، و يبدو أن كلاهما عجز عن نسيان تلك الليالي، ليالي القهوة و السجائر و الحديث عن الهدف الأسمى: جعل دونكلهايت أعظم مافيا في التاريخ!
لكن كل شيء تبدد الآن، لا مزيد من القهوة و السجائر، و لا مزيد من العداوات، و لا دونكلهايت في الجوار، من الآن فصاعدا فقط جوناس و ليخت من يحق لهم الكلام في هذه المدينة الموحشة.