وضع جوناس حدًّا لحياة واحد من أعزّ رفاقه، باول اختار البقاء وفيا لمايكل وايت و لدونكلهايت و في النهاية كان ولائه هذا سببا في مقتله. لم يذق جوناس طعم النوم بعد تلك الواقعة، فهو لم يقتل فقط الجاسوس بل قضى على امرأة بريئة و احتجز طفلا صغيرا لا يعلم شيئًا عن المافيا و عن قساوة العالم.
أما مايكل وايت فلم يكن في حال أفضل من حال جوناس، فقد صُدم حقا عندما سمع بخبر اعدام باول، و شعر أن مكيدة ما كانت تحاك وراء ظهره، و أدرك مباشرة أن لكريس دور رئيسيّ في هذه المجزرة.
ظل مايكل يتسائل محدثا نفسه:
"لم أكن أعلم أن جوناس سيفعل أمرًا كهذا، صحيح أن ماضيه أسود بالجرائم لكنه تغيّر كثيرا منذ أن التقينا، و هو رغم طردي له لم يفشي أسراري لرجاله، كان بامكانه اخبار الجميع أنني شخص تخلّى عن عائلته لكنه لم يفعل، و طوال السنوات الخمس الأخيرة و رغم قدرته على احداث الكثير من الضرر لدونكلهايت فهو قرّر البقاء هادئا في الطرف الآخر من المدينة، ما الذي أعاد قسوته هذه إلى الوجود؟"بعدما أيام من التفكير الزائد، خرج أخيرا مايكل باستنتاج مفاده أن كريس هو الذي أوشى بباول و قدّمه كبش فداءٍ لجوناس، و قال مايكل في قرارة نفسه:
"كريس لديه دافع قويّ للقيام بها، فقد كان يرغب في الانتقام مني ظنا منه أنني السبب في مقتل والده، تبا، ما كان عليّ أبدا تركه يتسلّل إلى بيت الظلام، لقد رآني أتحدث مع باول من دون شك، و ذهب ليخبر جوناس بالأمر، كان علينا أن نكون أكثر يقظة، لقد تسببتُ في مأساة أخرى، أنا لا أصلح لشيء سوى التسبب في المآسي، و المؤسف في الأمر أن الآخرين دائما ما يدفعون ثمن أفعالي، عليّ القضاء على كريس قبل أن يؤذي ابني جون، أجل، ستكون هذه آخر جريمة تقترفها يداي و بعدها سأترك هذا العالم الموحش الذي لم أرَ فيه شيئًا غير الدماء."بعد أن قام كريس و جون بانقاذ الفتى فين ابن باول، و تعرّض كريس على إثر ذلك لاصابة في الكتف، قام مايكل وايت بزيارة الفتى في عيادة ماكسيميليان و اطمأن على وضعه، و هناك التقى بكريس الذي كان في حالة يرثى لها، فرغم نجاح العملية إلى أن حالته الصحية تدهورت، و وجّه له الزعيم الكلام قائلا:
"متى تنوي اخباري بالحقيقة يا كريس؟ ما الذي حدث هناك في نيوفيل؟"ظل كريس مغمضا عينيه، ثم ارتسمت على وجهه تلك الابتسامة المعهودة و تحامل على نفسه بالنهوض و قال:
"لقد حدث ما حدث، أنت أخبرتني أن أذهب إلى هناك لأتخلّص من عائلتك لكن للأسف حالت الظروف دون حدوث ذلك، لكن لا تقلق، لم تتألم زوجتك كثيرا، فالسمّ الذي وضعته في كعكة السيدة دولبرغ كان نافعًا."قال مايكل وايت:
"لكن لماذا لم تأمر الفتيان الثلاثة بالقضاء على جون؟ لماذا لم يقتلوه؟ ألم تخبرهم بذلك؟ هل قلت لهم أن يعبثوا معه فقط؟ كان يجب أن يقتله أولئك الفتية لكنهم فشلوا في ذلك."
أجابه كريس:
"تمهل يا رجل، لقد كان مقرّرا أن يقضي عليه الفتية في ذلك اليوم، لكن جون كان له رأي آخر، كأنه شعر بشيء ما، لو لم يطعن روبرت في ذلك اليوم لكان في عداد الموتى منذ ثمان سنوات."كان الحوار يدور بينهما في تلك العيادة بينما كان جون يسترق السمع، و لا أحد يمكنه تخيّل مقدار الصدمة التي أصابته آنذاك.