36- اعتراف الزعيم

175 15 0
                                    

أحسّ جون بغضب شديد يلتهم فؤاده، فبعد سماعه لما دار من حديث بين أبيه و كريس، أول ما خطر بباله هو اطلاق النار عليهما في تلك اللحظة، لكنه تريّث قليلا و هدّأ من روعه، و فكّر في العواقب، بيد أن الآن أصبح لكراهيته تجاه أبيه مبرّر، و لم يعد ملزما على طاعته و احترامه، بل أضحت الحقيقة واضحة المعالم الآن: أبوه الذي عرفه في الماضي لم يعد نفس الشخص، تجرؤه على قتل زوجته و محاولته قتل ابنه يؤكد نواياه الخبيثة و ما يحمله في قلبه من قسوة ولا رحمة.

قد يتساءل بعض القراء الآن لماذا لم يتخلص مايكل وايت من ابنه جون طوال السنوات الثمانية التي قضاها في بيت الظلام؟
صحيح، كان بامكانه فعلها فهو الزعيم في نهاية الأمر و لا أحد يجرؤ على التدخل في قراراته، لكن اتفاقا سريًّا بينه و بين كريس هو ما حفظ روح جون طوال هذه السنوات.

فبعد أن أحضر كريس جون إلى بيت الظلام ادّعى أنه طفل يتيم يرغب الزعيم في تربيته ليصبح يوما ما واحدا من أعظم رجال المافيا، أما مايكل فقد علّم ابنه أن لا يكشف عن هويته أمام الجميع، و رغم صغر سنه إلى أن جون لم يخبر أحدا في بيت الظلام أنه ابن الزعيم و لعب دوره على أكمل وجه و باحترافية فهو أصلا لم يشرّفه اعتبار ذلك الرجل والدا له، و صدّق الجميع تقريبا تلك الرواية، و كان الاتفاق بين كريس و مايكل وايت يقضي باخفاء حقيقة كون جون ابن مايكل و بالمقابل سيعترف مايكل وايت أمام الجميع أنه تخلى عن صديقه (والد كريس) و تركه يلاقي الموت لينقذ هو حياته.

في اليوم التالي، زار الزعيم مجددا كريس، و شعر هذا الأخير أن حياته أصبحت في خطر، فلم يكن مايكل رجلا جديرًا بالثقة، و قال كريس و هو مستلقٍ على سريره:
"متى ستوفي بوعدك يا بطل؟ لقد طال انتظاري، حان الوقت لتكشف عن ماضيك و ما فعلته بأبي المسكين و كيف تركته يلاقي شبح الموت بمفرده بينما هربت أنت مثلما يفعل الجبناء تماما، لقد سئمتُ من ألاعيبك، أريد رؤيتك تذوق مرارة الحسرة و الألم قبل أن أموت، أشعر أن نهايتي تقترب، لذا ان لم تخبر الجميع بالحقيقة فإني من سيفعل ذلك، سأخبر جون و جميع رجالك بالحقيقة، و عندها لن يبقى لك سندٌ في الحياة، ستموت وحيدا مقهورا، سينبذك الصغير و الكبير، إنها مسألة وقت، ستدفع ثمن ما فعلته يا مايكل، لن تفلت من العقاب ما دمتُ حيًّا."

ظلّ مايكل وايت هادئا طوال الوقت ثم قال:
"لقد تسببتَ في مقتل باول، لذا لن أتركك تعيش، أنت لم تعد تفيدني في شيءٍ يا كريس، ستموت هنا قريبا، و لن ترى أيًا من أحلامك تتحقق، سوف أقضي على جوناس و مافيا ليخت، و عندها ستزداد ثقة رجالي بزعيمهم، كما سيفتخر جون بوالده و سنبدأ معا صفحة جديدة، أما أنت يا حثالة فلن تحظى بنهاية أسعد من نهاية والدك، و بالمناسبة، أعترف بذلك، لقد تركتُ والدك يموت، أرسلتُه إلى موتٍ محقّق و نجوتُ أنا بجلدي. آسف يا كريس، فلتمت هنا بهدوء، وداعا يا بني."

غادر مايكل وايت العيادة تاركا كريس في صدمة و نوبة غضب شديدة، و راح يحطم الأشياء من حوله و يصرخ إلى أن خارت قواه و فقد وعيه، و قبل أن يُغمض عينيه أبصر جون مقبلا و في يدّه مسدس و كانت تلك آخر صورة رآها قبل أن ينهار على الأرض مغشيًا عليه.

القاتل البريءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن