كان جون الذي بالكاد صدّق أن والده على قيد الحياة يتجول في الفيلا الخاصة به و التي أصبحت منزله الجديد الآن، و تملكه الذهول من ضخامتها و العدد الهائل من الأثاث الموجود في الغُرف الكثيرة، و بدا مستمتعا بوقته إلى أن رأى كريس من النافذة واقفا كالشبح مستغرقا في التفكير.
ابتسم كريس عندما رأى جون مقبلاً و الفرحة تعلو محيّاه و قال له:
"يبدو أنك مستمتع بوقتك يا فتى"
"أجل، عشت في منزل صغير، و..."و قبل أن ينهي الفتى كلامه انهمرت الدموع من عينيه، و تذكّر والدته و شعر و كأنه نسي أمرها لوهلة، ثم اقترب منه كريس ليواسيه و همس في أذنه:
"لم يكن ذنبك، أنت بريء يا جون"
"لكنني السبب في موت..."لم ينهي جون جملته اذ وضع كريس اصبعه على شفتاه و قال:
"أنت لا تعلم شيئا يا فتى، سأخبرك بما أعرفه ان أردت."شعر جون بالفضول و مسح دموعه و قال:
"ما الذي أجهلهُ؟"وضع كريس سيجارة في فمه و قال:
"حقيقة مايكل وايت"كست الدهشة وجه جون و صاح:
"حقيقة أبي؟!"هزّ كريس رأسه بالإيجاب و قال:
"أجل، حقيقة والدك التي تجهلها و أعلم أنك ترغب في معرفتها، أليس كذلك؟"و قال الفتى بصوت واهن:
"أجل أرغب في معرفة ذلك."جلس كريس على أحد المقاعد و بجانبه جون و راح يسرد له ما جرى قبل بضع سنوات:
"كان والدك شخصا عاديا مثله مثل الجميع يعمل ثمانية ساعات في اليوم و يصل للمنزل كل مساء مرهقا و لم يكن الأجر الذي يتقاضاه كافيا خاصة بعد أن تزوج و رُزق بابنه الوحيد جون.ظلّ هذا حاله إلى أن تعرّف بالصدفة على رجل أكبر منه و أصبحا صديقين قبلا أن يدركا ذلك، و عندما علم ذلك الرجل أن والدك يتخبط في مشاكل مادية عرض عليه عملا خطيرا، و هو الانضمام لمافيا مدينة نيوفيل.
وافق والدك بعد أن كان متردّدا، في البداية كان يزاول وظيفته المعتادة خلال النهار و يخصص المساء للأعمال القذرة، لكن بعد فترة قرر التفرغ لعمله الثاني، و الذي كان عادة بيع المخدرات و تنفيذ الاغتيالات.
و بعد أن أمضى بضع أشهر على هذه الحال تمكن من جمع أموال طائلة، لكنه انصدم لمّا سمع خبر مقتل صديقه الذي أقحمه في هذا العالم الموحش، و قد تلقى تهديدات بدوره و كانت عائلته في خطر، لذلك قرر أن يختفي و يلفّق موته لكي يظن الجميع أنه ميّت فعلا و ذلك لكي ينقذ حياتكما أنت و والدتك، و ثم حصل على هوية جديدة و باشر أعماله القذرة مجددا في هذه المدينة الجميلة."
لم يتفوّه جون بكلمة بعد أن سمع كل ما رواه كريس، و لم يفهم الكثير لكنه أدرك أنه كان مخطئا بشأن والده و غادر المكان تاركا كريس جالسا لوحده، و قال في قراراة نفسه:
"لك كلّ الحق في الغضب يا فتى، فوالدك حثالة."