نحن نقترب من نهاية قصتنا هذه لذا قبل أن نروي النهاية المثيرة القادمة، علينا أن نتطرق أولا لبعض التفاصيل.
في اليوم الذي أمر فيه مايكل وايت كريس بالذهاب إلى نيوفيل و القضاء على زوجته أشرتُ أن شخصًا كان يسترق السمع لما دار بينهما من حديث، و ذلك الشخص هو باول، و قد فوجئ مما سمعه ذلك اليوم، لكن رغم ذلك لم يشك لحظة واحدة في قرارات زعيمه و قال في قرارة نفسه:
"ما دام هذا القرار الصعب صادرًا من الزعيم نفسه فإن في ذلك مصلحة لدونكلهايت، أنا أحترم الزعيم رغم هذا القرار القاسي فهو سيضحي بعائلته فقط من أجل مافيا دونكلهايت، إنه حقا لرجلٌ يستحق الاحترام! لكن أن يكلّف حثالة مثل كريس بتنفذ هذه المهمة لأمرٌ مثير للحيرة! لكن حتى هذا القرار صادر من الزعيم نفسه و الزعيم لا يخطئ أبدا."و هكذا اقتنع باول بأن مايكل وايت على حقّ حتى عندما تعلق الأمر بقتل امرأة بريئة و ابنها. إنه حقا لخضوع أعمى للقوة! فباول تقبّل كل شيء قام به مايكل سواء أفعال خير أو شر، كانت هيبة الزعيم تُعمي بصيرته و لم يعد يفرّق بين الخير و الشر.
لكن في الفترة الأخيرة قبل أن يقوم جوناس باعدامه، شعر أنّه كان مذنبا، لماذا لم يمنع كريس من تنفيذ مهمته؟ كان بامكانه التخلص من كريس و انقاذ حياة السيدة وايت، لكن احترامه التافه لمايكل دفعه ليتصرف بحماقة.
في ذلك اليوم المشؤوم كان باول يعلم أن ذلك المحقق ذو الابتسامة الماكرة ذاهب لزهق أرواح بريئة لكنه تجاهل الأمر ظنًّا منه أن ذلك يصبّ في مصلحة دونكلهايت و بالأخص في مصلحة الزعيم الذي يحترمه إلى درجة العبادة.
شعر باول بندم شديد، و شعر أن بامكانه فعل شيءٍ ما للتكفير عن ذنبه العظيم، و التقى بجون سرًّا و قال له أن والدته لم تمت ميتة طبيعية بل راحت ضحية جريمة قتل، و لكنه لم يخبر جون بهوية القاتل، لأنه شعر أنه ان أخبره بذلك فإن مايكل وايت سيتضرّر كثيرا، فهو رغم كل شيء كان لا يزال يكنّ الاحترام للزعيم، و شعر أنه بكشفه لحقيقة مقتل والدة جون فإنه كفّر قليلا عن ذنبه، و شعر أنه أدى واجبه على أكمل وجه. صحيح أنه لم يمحي خطيئته عن الوجود لكنه على الأقل أنقص من شدتها.
لكن هذا اللقاء كان سببا في مقتله، اذ كان كريس ذلك الثعلب الماكر يراقب تحرّكات باول، و لما رآه يتحدث مع جون فهم كل شيء، و كان قد علم منذ بضعة أيام حقيقة كون باول جاسوسا يعمل لدى مايكل و يخون جوناس زعيم ليخت، فقد سمع صوته و هو يتكلم مع مايكل و لما رآه رفقة جون كان ذلك أكثر من كافٍ ليقوم بفضحه.
أما التفصيل الآخر في قصتنا، فهو اصابة كريس التي تلقاها عندما قام رفقة جون بتنفيذ مهمة انقاذ فين ابن باول الذي كان محتجزا لدى جوناس، و بعد انقاذه تلقى إصابة في كتفه و لما علم مايكل وايت بخصوص اصابة كريس أمر الطبيب ماكسيميليان بالتهاون معه و عدم تقديم العلاج المناسب له، فقد كان هدف الزعيم واضحا، فهو يعد بحاجة لكريس لكنه عاجز عن قتله لأن ذلك سيثير الكثير من الشكوك حوله، لذلك فضّل أن يقدّم له موتًا بطيئا في عيادة بيت الظلام بعيدا عن ضجيج عالم المافيا.