صُدم جوناس من كلام كريس، و أمر رجاله بخفض أسلحتهم، و قال له:
"اتبعني يا فتى، لديك الكثير من الأسرار على ما يبدو."
صاح باول قائلاً:
"لا تصدّق ما يقوله يا زعيم، هذا واحدٌ من أعدائنا و قد أرسله مايكل وايت ليثير الفوضى في صفوفنا."
أجابه جوناس قائلا:
"أعرف ذلك يا باول، لكن قبل أن أقضي عليه سأستخلص منه بعض المعلومات المهمة."دخل جوناس رفقة كريس إلى أحد الغرف و صاح كريس:
"أوه، يبدو عليكم الفقر هنا يا زعيم، غرفة مايكل وايت تشبه إلى حد كبير غرف الملوك."
أخرج جوناس مسدسه و قال:
"أصمت يا هذا، لا تحدثني عن زعيمك الجبان، أخبرني فقط من تقصد بالجاسوس؟"ابتسم كريس كعادته و قال:
"فهمت، أنت تكره المقدمات، حسنا حسنا، الجاسوس هو باول، يدّك اليمنى تمدّدت إلى أحضان العدو."
تغيرت ملامح وجه جوناس و صرخ قائلا:
"من أخبرك بهذا؟ باول جاسوس؟! لن أصدق هذا الهراء."
أجابه كريس:
"أدري أنك تجد صعوبة في تصديقي، لكن أؤكد لك أنني لمحته منذ أسبوع يتحدث مع مايكل وايت."لم يرغب جوناس في تصديق أية كلمة تفوه بها كريس، و ظل مدة من الزمن جالسا غارقا في تفكير عميق، و فجأة قاطعه كريس قائلا:
"ان كنت ستقتلني فافعلها بسرعة، أو دعني أرحل قبل أن يشعر زعيمي بغيابي."
تفرسه جوناس بنظرات خطيرة و قال له:
"أنت لم تقدّم أي دليل على صحة كلامك، يمكنك الذهاب الآن، لكن ان اكتشفتُ أنها واحدة من ألاعيب مايكل وايت فإنني أعرف أين أعثر عليك، يا محقق كريس ماكبث."
انقشعت الابتسامة من وجه كريس و قال:
"كيف عرفت اسمي الكامل؟"
أومأ جوناس برأسه و قال:
"لا تستهن بي يا فتى، أغرب عن وجهي الآن."بعد مغادرة كربس و خلال الأيام التي تلت أمر جوناس واحدا من رجاله الأوفياء بمراقبة تحركات باول و طلب منه أن يلاحقه أينما حلّ و ارتحل، و هذه أول مرة يُقدم فيها جوناس على فعلٍ من هذا النوع، فقد كانت ثقته بباول ثقةً عمياء اذ كان يعتبره آخر شخصٍ قد يفكر في خيانته، لكن اتّضح أن توقعاته لم تكن صائبة.
و بعد بضعة أيام عاد الرجل إلى جوناس و قال له بالحرف الواحد:
"لقد رأيت باول يدخل بيت الظلام يا زعيم، إنه جاسوس من دون شك."استشاط جوناس غضبا و شعر بالخيانة العظمى، لكن باول كان يجهل اكتشاف جوناس لحقيقته، و عاد في تلك الليلة إلى مقر مافيا ليخت و كأن شيئا لم يحدث، و بدوره كان جوناس يتصرف كعادته و لم يبدِ أي تصرف مثير للشبهات.
كان لباول زوجة و ابن صغير اسمه فين، و جوناس يعلم ذلك و أرسل بعضا من رجاله ليقتلوا المرأة ويختطفوا الطفل، و نفذ الرجال مطالب زعيمهم، و قتلوا زوجة باول و أحضروا ابنه المسكين، و عندها استدعى جوناس باول ليتفاجأ برؤية ابنه في تلك الحالة، و راح يصرخ و يحاول الاقتراب منه لكن الرجال منعوه من ذلك، و انهالوا عليه بالضرب، و في تلك اللحظة فهم باول أن جوناس قد اكتشف حقيقته، و لم يعد بامكانه اخفاء الأمر أكثر من ذلك.
شعر جوناس بنوع من الأسى على باول لكن أمر القضاء عليه لا مفرّ منه، هذه هي قوانين المافيا و لا مكان للرحمة و العواطف في ذلك العالم. جمع جوناس رجاله و نفذوا على باول حكم الاعدام، و تم احتجاز فين كرهينة.