الحلقة الرابعة عشر من رواية زوجة العُمدة-الجزء الثاني.
***
حقيقة بأن قلبي كان لك منذ البداية..
ولكنني تجاهلت تلك الخفقات.
***
- زينة فين يا هاشم؟
قالتها ميرال، وهي ترى زوجها يخلع نظارة القراءة، وهُو يرى ملامحها التي تسألهُ باصرار، وكأنها تريدها لكي تخبرها بأنها ترغب بأن تراها، اقترب هاشم منها وهُو يبتسم .. قال وهو يضم وجهها بكفه:
- زينة عند فهد ... بس ما أعتقدش هينفع تشوفيها.
- ليه؟ أنا بقالي كتير ماشفتهاش..
تنهد وهُو ينظر إليها، ليقُول:
- زينة مش قادر تسامحكِ ولا تسامحني يا ميرال.
ضمت ميرال شفتيها، وهي تنظُر لزوجها بألم:
- أنا كنت هعمل إيه؟ قولي أنا كنت هعمل إيه وأنا كل يوم خايفة أُبص ليها تلاقيني حاطة ذنب موته عليها، أنا عارفة إن زياد مات بسببي .. لولا إني علمته يسبح أزاي مكنش غرق في البحر ..
قال هاشم وهُو ينظر إليها بأسي:
- ميرال ...
- لأ أنتَ مش فاهمني، أبني ربيتهُ أتناشر سنة، وكان خلاص بحلم لما يتخرج من الكلية، بحلم أنه يلاقي البنت اللي بيحبها، كل ده حلمت بيه، وضاع مني فجأة، ضاع مني وأنا قولتله عشر دقايق، مكنتش أعرف إن العشر دقايق هيكلفوني حياتهُ... أنا كل يوم بصحى على أمل إنه كابوس ..
- زينة ضاعت كمان..
مسحت دموعها سريعًا تقول:
- بس هي هتفهمني ياهاشم .. زينة هتفهم إنه مكنش بايدي .. مكنتش هقدر أكون كلي معها، يوم موته جزء مني راح ...
نظر إليها هاشم بضعف شديد، هي حتى الآن لازالت تفكر بهِ، قال هاشم:
- كل ما بتقومي يا ميرال، ببقى فاكر إنكِ نسيتي..
- أنتَ ذات نفسك ما نسيتش .. مانسيتش الليلة اللي عرفت إنه راح ... وحتى هيَّ، فكِرك ليه دايما كُنا سايبينها مع فهد .. لأن وليد كان أخوها..
امسك هاشم بيديها يقول:
- ميرال، زينة .. بتكرهنا، زينة حياتها كل أتغيرت بسببنا.. أحنا في وسط وجعنا، جرحنها ونسينا إنها بنتنا كمان.
نهضت من مقعدها، وهي تنظُر للصورة الموضوعة في الصالون، فصاحت بألم:
- ليه مش قادر تفهم، إنِ مش عايزة أصدق إن أبني مات ... آه عدى عشرين سنة، بس فيهم .. كنت بشوفهم في وشوش تانية .. ملامحهُ مراحتش من قلبي، هي موجودة عمرها ما فهمت .. إنِ لما كنت بشوفها بتعيط .. كنت بخاف اجيلها وأعيط معها وأقولها إنه وحشني، لما عملت كل ده وقلعت الحجاب وغيرت شعرها، مكنتش هقدر أقولها أكتر من ليه؟ لأنها مشافتش وجعي وأنا كل الناس بتقولي إن أهملته وإنهُ مات بسببي، لما أمُك كانت نفسها هي اللي تموت مش هُو .. أنا يومها مكنتش هقدر أبص في عيونها، لأني عارفة أنها كل يوم هتفتكر الكلام ده وأنا مقدرش أعاتب، لاني سبب في إني أسيبه لوحدهُ يومها..
أنت تقرأ
زوجة العُمدة- الجزء الثاني.
عاطفيةتلك الأيام التي مضَّت لم تكن سوى ألمًا ينطوي بصدرها.. عينيها الزُمرتين.. ذاتَ سحرًا غنيًا، لطالما قالت بداخلها، بأن جمالها الهاديءِ سيجعلهُ لها .. وأن ما ينقصها سيأتي ليُكملها، ولكنْ لم تكن تدري، بأنها أحلامًا .. ولن يصبح فارسها ذو الخيل البيضاء مل...