21

296 13 1
                                    

يفتح عينيه إثر صداعه الذي يتلاشى بفعل لمساتٍ رقيقةٍ و لطيفة ، رفع عينيه لتُقابل أخرى تطابقها ، لكن أكثر لطفاً و نقاءً و مرحاً ، خصلاتها الطويلة تنسدل حول رأسه المتكئ على ساقيها المتربعين ، محدقاً بها بتسائلٍ لطيف

سارا بلطف : هرررري ~ هل إستيقظت !!! ... هل لا يزال رأسك يؤلمك ؟!!

لينفي الآخر برأسه بهدوء ، يعدّل جلسته ليجلس بجانبها ، أخذت بورقةٍ مليئة بالخربشات اللطيف

سارا بحماسة : أنظر ... لقد قمت برسم قطةٍ لطيفة ... إنها تشبهك ...

بينما تقهقه بلطافة ، شرد الأكبر بخربشات اللطيفة متأملاً إياها

*** "أخي اخي أنظر أخي ... لقد قمت برسم هرة صغيرة ... "

يتحدث الطفل اللطيف بحماسةٍ كبيرة لشبيهه الأكبر الذي عاد لتوه من جامعته ، بمزاجٍ حاد و ضجر ، ليحدق بالصغير و رسمته ، يهمهم بقلة إهتمام و يتوجه لغرفته ، تقلصت إبتسامته الواسعة و معها حماسه ، ليصادف إمرأةً تتجول بالصالة تتحدث عبر الهاتف و تقهق بصخب ، توجه نحوها ليريها رسمته اللطيفة ، لتحدق به بإستفهام ، تشير بيدها بالإبتعاد عنها دون الإكتراث للنظر نحوه حتى ، لتعاود إبتسامته التقلص أكثر و تعابيره تتلاشى ، معها الحماسة تماماً ، يخرج ناحية الممر الذي يصل غرف المنزل ببعضها و بأوله يكمن الباب الخارجي ، ليفتح و يدخل منه رجلٌ أربعيني غاضب ، يسير عبر الممر مُبعداً الصغير بعنف عن طريقه ، جاعلاً منه يسقط أرضاً و رسمته الصغير طُبعت عليها بصمات حذاء الرجل " ***

تبسم الغراب و هو ينظر لتلك الهرة التي بالكاد تظهر كهرة ، مليئةً بالخربشات بدل الفراء ، أمسك بالورقة بإحترافية دون تخريب الرصاص و الفحم المبعثر على سطحها أو ترك بصماته عليها ، يتمعن بها جيداً و يضحك بلطف

جان : لكنني أراها كهرةً مذعورةً بشدة ... لما كل هذا الفراء المُبعثر ...

سارا بينما تبرز شفتها السفلية بطفوليا : هممم ... هل هي قبيحة ؟!! أردتها أن تكون سمينةً جداً و بفراءٍ طويلٍ و كثيف ...

جان : هههه ... لكنها تبدو كمومياء مذعورة ...

أخذ بكراسة الرسم الخاصة بها و أقلامها ليقوم برسم هرةً سمينة مستلقيةً أرضاً بضجرٍ منتظرةً طعامها ، بينما تُحدق بغطرسةٍ و نرجسية ، بفراءٍ كثيف جداً و طويل ، بلونٍ رمادي و بعض البقع البيضاء ، يقوم بالرسم ببطئ و خطوات متمهلة يحاول إرشاد الصغيرة على الطريقة الصحيحة لرسمها ، شارحاً لها عن ما يفعله و لماذا ، لما على بعض الخطوط أن تكون ثخينة و أخرى رفيعةً و دقيقة ، كيف يتم رسم الفراء و ما الطريقة الصحيحة لمسك القلم عند رسم كل خط و إنشاء كل ظل ، و بذلك أنهوا رسم قطتهم العجيبة التي أسموها لوكس بينما يقهقهون و يتمتمون بسخرية عنه ....

............................

يجلس بهدوءٍ بالكوخ الذي لم يقم بعد بتعديله و نقل جميع أغراضه به ، متأملاً لوحة كانڤاسٍ فارغة و جديدة متكئةٌ على الجدار ، بعض الطلاء بجانبه و الفُرش ، يجلس على الأرضية أمامها و يُحدق بها ، بشرودٍ يتأملها ، أخذاً بفرشاته و بعض الطلاء الذي يضعه على لوح الباليت ، يمزج بعض الألوان ليخرج بدرجاتٍ جديدةٍ و مختلفة ، يُطبّق بفرشاته على اللوحة ، يطلي و يرسم ، منغمسٌ بما يفعل دون إدراكٍ منه ، عينيه مركزةٌ بحركة فرشاته ، و ذهنه شارد بالتفكير ،

أخرجني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن