25

304 13 0
                                    

بالمطار ، يودع الرفاق عمتهم بلطف مخبئين حزنهم الشديد بذهابها ، ليعودوا للمنزل مكسوري الخاطر ، الجميع حزين و يشعر بالإحباط الشديد ، أمضت اللطيفة وقتها بالبكاء إلى أن غفت بنومٍ عميق ، مشاركاً بكائها ذلك الجرو اللطيف و الذي إنتفخت زمرديتيه بالفعل و أحمرتا بشدة ، تجاوز الوقت منتصف الليل و لا يوجد رغبةً لأيٍّ منهم بالذهاب لغرفته و الإستراح ، جالسين بالصالة ، يحدق كل منهم بالفراغ ، إستقام أشهل العينين متجهاً للمطبخ يُحضر بعض الوجبات الخفيفة و المقرمشات ، يضعهم على المنضدة و يأخذ بجهاز التحكم يُشعل التلفاز ، ليختار فيلماً مشوقاً ، حربياً و مليئاً بالأكشن ، مخفضاً إضائة الغرفة ، رغم أن لا أحد منهم يشعر بالرغبة للمشاهدة لكنهم إندمجوا بالفعل ، عدا أحدهم بقي شارداً إلى أن غفي دون إدراك ، مخفضين صوت التلفاز قدر المستطاع كي لا يوقظوا غرابهم اللطيف ، و الذي بعد مدةٍ إستيقظ فزعاً يتلفت حوله و يتنفس بإفراط جاعلاً من الآخرين يحدقون به بإستفهام ، قبل أن يقترب هان منه ليهدئه أسرع بالإستقامة راكضاً عبر السلالم للأعلى ، تبعوه بإستغراب ، يدخل غرفة اللطيفة يتفقدها بخوف و ذعر ليتنهد براحة ، رفع بالملائة ليتسنى له الإستلقاء بجانبها ، معانقاً إياها بلطفٍ ، يغرق بنومٍ هانئ بإستنشاق رائحتها الطفولية البريئة ، بينما أشقر يحدق بقلقٍ لتصرفاته ....

........................

يجلس كلا الفحميين اللطيفين بالكوخ ، يبدعون سوياً ، يرسم كلاً منهما بإنغماسٍ تام ، تجلس الصغيرة بجانب عمها تقلد ما يفعل و الآخر يبتسم بلطف و يشعر بسعادةٍ تغمره برؤية ملامحها الطفولية اللطيفة و عينيها تتبع حركات يده تحاول جاهدةً تقليده ، كلاً منهما أمام لوحة كانڤاس بأحجامٍ تناسبهما ، حيث خَصص للصغيرة مرسماً صغيراً مناسباً لحجمها و جلب بعض اللوحات المناسبة أيضاً له ، صندوق ألوان و فُرشٌ جديدةٍ لها ، يجلسان بجانب بعضهما و يطليان لوحاتهما ، كل يوم تقريباً ، من أن يستيقظا أول شيى يفعلانه هو الذهاب للكوخ و الإنغماس بالرسم ، الغرق بعالمهما الصافي و النقي ، الخالي تماماً من الخبث و الشر و الكراهية ، عالمٌ لطيفٌ مليئٌ بالهدوء و السلام ، الطمأنينة و الأمان ، عالمٌ خيالي يغنيهما عن واقعهما المرير ، لتكسر صمتها بعد شرود طويل بلوحتها التي لم يبقى الكثير لإكمالها

سارا بهدوء : ... عمي جان ...

جان بإنتباه لها : نعم ملاكي ؟!

سارا : ... كيف كانت أمي ؟!!

لتتوقف يده عن الطلاء يحدق باللوحة بشرود ، دقائق معدودة ، يخرج من شروده مريحاً يديه على كلا ساقيه مبتسماً بلطف و الصغيرة تحدق به منتظرةً إجابته

جان بلطف : ... إنها ملاك ، بكل ما بالكلمة من معنى ...

سارا بفضول لطيف : هل كانت جميلة ؟!

جان : جداً ... أجمل إمراءة رأيتها بحياتي ...

سارا : ... كيف كان شكلها ؟!

أخرجني حيث تعيش القصص. اكتشف الآن