١٦- احدى عشر

30 8 11
                                    

لا تلهيكم القراءة عن ذكر الله❤️

********
في داخل ممرات مظلمة إلتهم العفن أسفل جدرانها الخشبية، دق صوت عكاز حديدي الأرض بصوت متكرر هادئ خطوة وراء أخرى يعبر رجل ضخم البنية بقدمه الواحدة الممر متوجها نحو باب حديدي مُغلق، رجل بشعر أسود الخشن وبشرته قمحية اللون، يضع كمامة تخبئ نصف شاربيه الكثيفين، وكانت تعلو وجهه الملامح الحادة مهيبة، وعينان مظلمتان، وقف أمام الباب معتنزاً على عكازه الصدئ، فإذ بصوت تحطيم يظهر خلف الباب.
دق الباب...
ثم دقه، فلم يرد أحد... ففتحه بهدوء
ليظهر العجوز ذو التجاعيد وهو غاضب يدمر كل ما يمسك به، لم ينتبه لمن فتح الباب أو ربما انتبه لكن لم يبالي، لقد كان غاضباً جدًّا وأثناء صك أسنانه ببعض قال:
-كيف...كيف يجرؤون على تهديدي؟ أنا.. أنا من ساعدهم لينمو بهذه السرعة! كيف يتجاهلون هذا؟

أمسك بأحد أدراج مكتبه وانتزعه ليصطدم بالجدار، فتناثرت الأوراق في كل أنحاء الغرفة الصغيرة.
توقف فجأة عن التحطيم وبدأ يلتقط أوراقه وهو يصيح بتحسر:
-تجاربي، كلا، إلا تجاربي، حياتي، يريدون أخذ فئراني! ألم يكتفوا من امتصاص b7 والآن يريدون أخذ c2 وf8 مني! آه كلا، علي حمايتكما...
بعد أن هدأ العجوز، تكلم الرجل ذو الساق الواحدة بأدب:
-أيها المدير، لقد تم العثور على c2 و...
قاطعه المدير وهو يقول بعدم مبالاة:
-هل هرب مجددا؟
-كلا ليس هذه المرة، لقد حاول هو و f8 استجواب خمسة.
انتبه المدير له وقال:
-ماذا؟ يستجوب! لم يحدث هذا سابقا، ذلك الرجل يتمرد أكثر فأكثر... أخبر أحدى عشر بأن يذهب للغرفة ليتفقد الوضع.

أعاد المدير نظره للأوراق ورتبها بسرعة ومهارة، ثم نظر للرجل ذو الساق الواحدة وقال له:
-ماذا تريد أن تخبرني أيضا يا اثنا عشر؟
نظر "اثنا عشر" بتوتر وقال:
-"واحد" عادت، ولم تجد أي شخص مناسب.
-أعرف كل هذا، ماذا أيضا؟
تنهد "اثنا عشر" بصعوبة وقال بتردد:
-أثناء عودتها، لمحت ب...
قال المدير بتململ محاولاً استعجاله ليكمل كلامه:
-ب..ماذا؟
استجمع اثنا عشر شجاعته وقال:
-لقد لمَحت بشخص يلف المكان في الأسفل وبعد تفكير هي تعتقد أنه "عديم الأنف".
ترك المدير فجأة كل ما بيده، وقال وهو يصر أسنانه بغضب:
- ما الذي يفعله ذلك الجرذ في منطقتي، تأكد إن كان هو حقاًّ، وأسرع في ذلك.
خرج "اثنا عشر" مهرولاً، لينفذ الأوامر، وما إن أغلق الباب، حتى تنهد المدير بصعوبة ثم توجه لباب آخر موجود في غرفته، فظهر ممر به ٤ أبواب دخل إحداها، فخرج منه بعد أن استبدل كمامته بقناع لتنقية الهواء، ثم توجه وفتح الغرفة التي تقبع بجانبه الآخر فظهرت غرفة مغلقة مليئة بفطر صغير إرجواني مضيء ويتوسط الغرفة سرير عمليات، دار المدير بعينيه حول المكان وهو يعاين الفطر تلوى الآخر وما إن إنتهى وقف يشد ظهره الذي تيبس وخرج، فأغلق الباب خلفه بإحكام، ثم خلع قناعه بعجلة لتظهر ابتسامة راضية وقال:
-هم...وأخيرا بدأت الغرفة تجهز، لقد أخذت مني وقتًا طويلاً أكثر مما ينبغي... لم يبقى سوى أن يجهز الفئران، ما إن يُتموا شفاءهم علي أن أبدأ مباشرة.
دخل غرفته وجلس على كرسيه المليئ بالأوراق فأخذ من بيت الأوراق ورقتين، واحدة معنونة بc2 والثانية بf8، قال بينما يهمس لنفسه:
-كانت تلك الغرفة مجهزة لc2 لكن... f8 يبدو مناسباً للتجربة أكثر، أيكما سيشبع فضولي أكثر يا...مصعب وراشد.
ترك الأوراق على الطاولة وعدل لبس معطفه القذر الذي يرتديه، وقال وهو يخرج من مكتبه:
- لنرى ما يمكن فعله لتأجيل إطعامكما لتلك الوحوش.
********

وادي الفضولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن