٢١- تسلل

17 4 0
                                    

لا تلهيكم القراءة عن ذكر الله❤️

********

في ذلك المشفى المعلق فوق جرف مرتفع وسط وادي الفضول، سبيل تعلقه الوحيد جذور زهرة الزمان التي بدأ ضوءها يقل مُعلنًا قدوم الليل على الوادي الجميل... وداخل أحد ممرات المشفى مرّ الممرض "أربعة" وهو يجرّ عربة الطعام على الممر الذي يربط غرف الممرضات بالمشفى، نظر إليه وهو يتذكر حال "خمسة"، أراد الذهاب لرؤيتها والطمأنة عليها لكنه لا يستطيع الذهاب لأن عدد الممرضين بالفعل في نقص، ويحتاج لكل دقيقة ليغطي اذلك النقص، وفجأة خرجت "ثلاثة" من الغرفة على عجلة، حاول أربعة سؤالها عن "خمسة" لكنه لم يستطع سؤالها لأنها ذهبت راكضة مبتعدة، كان يبدو عليها التوتر الشديد، قال أربعة معاتباً نفسه:
- ح..حسناً ليس وكأني أستطيع السؤال أصلا، السؤال من صفة الفضوليين، وكي لا تمرض به عليك بالصمت...؟!
دخل "أربعة" أحد غرف المشفى وهو يجر عربة الطعام المليئة بالأطباق، وما إن دخل للغرفة وجد مجموعة من الرجال شاحبين الوجييه يجلسون على أسرتهم وكأنهم موتى، وضع "أربعة" طبقا أمام كل واحد منهم، وعندما وضع آخر طبق في السرير الأخير وقف الرجل من السرير وتشبث بأربعة وقال له مستنجداً:
- النجدة إنه يأكلني من الداخل...
دفع "أربعة" المريض ثم سحب العربة وخرج، وما إن خرج حتى تنهد وقال:
- لقد تكلم أحدهم أخيرا، هذا يعني أنه بدأ بالتعافي، سأخبر المدير ليرسله... لغرفة الخروج.
ثم ابتسم ابتسامة خافتة وبدأ يكرر كلمة الخروج،
بعد كل شيء عمله مهم هنا فهو ينقذ المجانين الذين يتسكعون في الوادي هنا وهناك، وفجأة رأى المدير وهو يسير مهرولاً متوجها له، وخلفه أحدى عشر يلحق به، نظر إليه أربعة وقال:
- أيها المدير هناك شخص جاهز للخروج...
انقطع كلام أربعة عندما رأى المدير قد تخطاه بالفعل ولم يبالي به أبدا وكأنه ليس شيئًا أصلا... تخطاه المدير وكذلك أحدى عشر الذي كان يواكب سير المدير.
لماذا الجميع غريب اليوم، أولا واحد، ثمانية ثم خمسة ثم ثلاثة اعتقدت في البداية أن عدوى الغرابة انتشرت بين النساء فقط، لكن يبدو أنها تتوسع لتشمل الجميع هنا، نظر أربعة للطريق الذي ذهب إليه المدير، إنه نفس الطريق الذي يؤدي للغرف التي تهتم بها خمسة، هل هذا يخص بكاءها الغريب اليوم، نظر أربعة للممر الذي على يمينه ثم على شماله هل يتبع فضوله أم يتبع الأوامر؟
نظر مطولا للطريق الذي توجه منه المدير، ثم التفت وذهب طائعاً للأوامر...

********
كان العم مو جالس على الأرض منهار من هول مارآه والمريضة أمامه قد ازرق وجهها من سكرة الموت، وخلفه كان يقف المدير، قال المدير وهو ينظر بحسرة لتجربته التي دُمرت أمام عينيه:
-تجربتي الغالية، كان النجاح مستحيلًا، لكن كلا لم أرد أن يتم تدميرها هكذا...
التفت المدير للعم مو واكمل كلامه وقد انفجر غضبا:
- أنت عديم الفائدة وستبقى للأبد هكذا، لماذا... لماذا سمحت لنفسك بلمس تجربتي الغالية، كنت أنتظرك لتتعافى لكن لم أعد أطيق الإنتظار..
ثم نادى أحدى عشر وطلب منه أخذ المتطفل أمامه وحبسه في غرفة بجانب مكتبه، رد أحدى عشر بطاعة وذهب للإمساك بالعم مو، وما إن وضع أحدى عشر يده على العم مو، حتى شعر العم مو بضغط هائل من يد أحدى عشر، قال العم مو مستهزئًا بعد أن سب سبة عابرة:
- واو، ما الذي تأكله حتى تصبح يدك هكذا؟! هذه يد غريلا وليست بيد آدمي...
لم يفهم أحدى عشر اللغة التي تحدث بها العم مو، وبسبب ذلك لم يعر لذلك الكلام أي اهتمام، بل دفعه بقوة أمامه، ولكن المدير فجأة أوقف العم مو وسأله:
-أين ذهب المريض الذي معك؟
نظر العم مو بنظرة لئيمة للمدير وقال له:
-أنت المدير أليس من المفترض أن تعرف؟
أثارت كلمات العم مو غضب المدير فأمر أحدى عشر أن يكسر قدم العم مو، فهم العم مو كلامهم، فقال فجأة:
-أخذه الطبيب فجأة خارج الغرفة، كان يقول شيئاً عن ارساله لسرداب ما.
ما إن قالها حتى هرع المدير لخارج الغرفة، نظر أحدى عشر للعم مو، قال العم مو:
- كلا يا غريلا، مديرك لم يعد يريد منك كسر قدمي، توقف عن النظر لقدمي وكأنك تريد كسرها!

وادي الفضولحيث تعيش القصص. اكتشف الآن