الفصل العاشر "لقاء"

36 5 3
                                    

*******************
آه لو يعلم المحبوب ما ألم بنا!
و الوجد يحرقنا و الدمع همال..
{محمد بكر}
*******************
نظر لعينيها مباشرة, لأول مرة يرى عينيها بهذا القرب, يكاد يقسم أنهما من أجمل العيون على وجه الأرض هذا و إن لم تكن أجملهن, لم يشغله بوجهها شيء غير هاتين العينين ذوات اللون البني المائل للون العسل, كان الضوء يضفي لمعة رائعة على عينها جعلته يود لو يخفيها عن البشر, شعر و كأنما هو الوحيد الذي أضحى له الحق في النظر و الاستمتاع بها وحده.

أما عنها فأصبحت كمن تاه في ليل عينه, عيون سود لم ترى مثلهما قبلا, وجه رجولي ذو شارب بني مميز و شعر ناعم انسدل على جبهته نتيجة انحنائه.

ظلا هكذا مدة ليست بقصيرة إلا أن استمع كلاهما لصوت فتاة آت من خارج الغرفة و هي تحمحم قاصدة جذب انتباههم فانتبه لها الاثنان ليقوما مسرعين تخيم عليهما غمامة خجل سوداء, حاولت تلك الفتاة و التي لم تكن سوى "علا" تلطيف الأجواء و هي تقول:

-ميعاد الدواء يا سمر

خرجت "سمر" من الغرفة تتحاشى النظر في وجه أي أحد سائرة بخطى تشبه الركض عائدة لحجرتها, و بعدما اختفت من أمامهم التفتت "علا" تنظر لـ"مراد" نظرة بمعنى "أيوة بقى" ثم غمزت له بوقاحة جعلت الآخر يدور برأسه يمينا و يسارا باحثا عن شيء يستطيع إلقاءه عليها لتتحدث "علا" متصنعة الخوف:

-خلاص يا عم طالعة أهو و لا تزعل نفسك

خرجت "علا" من الغرفة و هي تضحك بخفة على "مراد" الذي تغيرت أحواله منذ تعرفه على تلك الجميلة الصغيرة...

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خرجت "ندى" من المشفى تضرب الأرض بقدميها, تكاد تجزم أنها على وشك تحطيم الأرض من قوة ضربها..

و من على الرصيف المجاور للمشفى قامت "نغم" سرعان ما رأت ابنة خالتها و وقفت خلف أحد الأعمدة كي لا تراها الأخرى, و بعدما استقلت "ندى" سيارتها و سارت بها بعيدا, تقدمت "نغم" متمهلة نحو المشفى و حين تأكدت من اختفاء "ندى" ركضت بسرعة الى الداخل حيث غرفة الاستقبال لتسأل الموظفة عن مكان تواجد أختها قائلة:

-هو في بنت هنا اسمها سمر الخيام؟

و كالعادة نظرت العاملة في الحاسب الموضوع أمامها ثم رفعت رأسها متحدثة لـ"نغم":

-آه, موجودة في الأوضة رقم 8 الدور الثاني

ركضت "نغم" الى حيث قالت العاملة, و عندما وصلت للطابق الثاني, ظلت تجول بأعينها على أرقام الغرف واحدة تلو الأخرى الى أن وجدتها, في تلك اللحظة تسارعت دقات قلبها بصورة مبالغة بها و قبل أن تهم بدق الباب وجدته يفتح و تخرج منه فتاة تبدو أنها مازالت في مقتبل العمر, فتاة ذو بشرة قمحية نقية و عيون بنية اللون و حجاب تمردت منه بعض الخصلات السوداء الكثيفة, كانت ترتدي زيا طبيا لتخمن "نغم" فورا أنها احدى الممرضات العاملات هنا.

و يبقى الألمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن