حينئذ دخلت أنت جنت فجعلت كل الأوقات تناسب استقبالك دخلت
كفرس جامحة، بخطواتٍ واثقة، بعنق ،ماجد بجبين شامخ، وشعر ثائر. دلفت يوم ذاك كوطن حر لطالما حلمت به، وطن لطالما أغراني بثورته
وجموحه وجنونه.
جلست بخفة قطة، وضعت إحدى رجليكِ فوق الأخرى بدلال عفوي و (شماغ) بناتي يحيط رقبتك بأناقة. أغراني اقتحامكِ الناعم ذاك !
أغراني حتى ارتعشت أطرافي توتراً. تحرشت بك على طريقتي تحرشت بكِ بقدر ما استطعت، فأجبتني باقتضاب مغرور أثار قلبي وعقلي وجوارحي. سألتك يوم ذاك إن كنت مسترجلة، أذكر كيف رفعت رأسك، وكيفسددت نظرتك الحادة تلك كقذيفة من لهب... كانت نظراتك شهية رغم حدتها ورغم تحديها. لا أعرف كيف سلبتني بتلك السرعة يا جمان، لا أفهم كيف خلبت لبي من أول مرة وقعت فيها عيناي عليك. استفززتك كثيراً يومها، كنت ازداد عطشاً لاستفزازك بعد كل كلمة وبعد كل جملة، عصيتك كانت لذيذة، احمرار أذنيك كان مثيراً، كنت (المنشودة) باختصار ولم أكن لأفرط بك بعدما وجدتك. حينما غادرت المقهى يا جمان، قررت أن تكوني لي، لم أكن لأسمح بأن تكوني لغيري أبداً!أتدركين ما تفعله رسائلك بي ترسلين لي يومياً عشرات الرسائل تكتبين لي فيها وتخبرينني ماذا شربت وماذا أكلي، وما قرأت وبماذا حلمي تكتبين عن كل ما تقومين به، وتنتقلين إلي كل شيء، تسطرين يومك برسالة هاتفية لأعيش حياتك وكأنني معك طوال الوقت. تشعرني رسائلك غالباً بالضجر، تفرطين بالكتابة، ورجل مثلي لا يحب أن يحاصر بكل تلك التفاصيل والحكايات. حينما نتشاجر وتقاطعينتي، وعندما أعاقبك بالغياب، أعود إلى رسائلك القديمة فيمزقني الفقد عودتني على رسائلك فيت كطفل رضيع يعيش بك، ويصيبه الجفاف حينما تفطمينه الرسائل. تركتني أعطش بلا تفاصيل لأكثر من أسبوع، كنا قد تشاجرنا من أجلها،من أجل رسائلك الكثيرة وتفاصيلك المبالغ فيها، قلت لك يومها بأنكِ امرأة ثرثارة، فغضبت وقررت المكابرة، وحرمتني من رسائلك لأيام كثيرة وطويلة. كنت أنتظر أن تملي فترسلين، لكنكِ عاندت كعادتك ولم ترسلي لي شيئاً.
هكذا أنت، تعودينتني على الأشياء لتحرميني منها حينما تغضبين!، تعامليني كطفل صغير، تعاقبينه بالحرمان من الأشياء التي يحبها، ومن الأشياء التي لا يدرك كم تعني له وكم يحبها (أحياناً) لتلقنينه درساً في قيمة الأشياء ! كنت أبتسم في كل مرة يعلو فيها صوت رسالة هاتفية، وفي أعماقي يدوي صوت الانتصار، فتصدمني رسائل غيركِ وتصمت المدافع في داخلي بانتظار استسلامك.
كنت عنيدة، وامرأة مثلك حينما تعاند لا تتنازل إلا باعتذار مذل وتضرع طويل، لذا لم أكن لأعتذر عما تفوهت به أبداً. عدت يومها إلى رسائلكِ القديمة، كتبت برسائلك الأربع الأخيرة: (حبيبي أنا في المقهى مع هيفاء، لن أتأخر في العودة إلى البيت.. أحبك)، (أنا في طريقي إلى البيت، ليتك كنت معي)، (حبيبي، أنا في البيت، نظفت أسناني، لبست ملابس النوم ودخلت فراشي، أيقظني عندما تصل إلى بيتك، اشتقتك اليوم كثيراً).
كنت أرى بأنك تفصلين يومك أكثر مما يجب، واضحة أنت إلى أبعد حد، موجودة أنتِ في كل الأوقات، تشعرينني دوماً بأنك حولي ومعي، لم أشعر منذ أن عرفتك بأني سيد قراري تجبرينني على أن أناقش خياراتي معك التقرر معاً كل ما يخص حياتي وكأنها ملككا كنت أدرك أنك تقحميتي بتفاصيلك رغبة منك باقتحام تفاصيلي، ولم أكن لاقبل في هذا يا جمانة.
١٢
أنت تقرأ
فلتغفري...
Romanceالكاتبة :أثير عبدالله النشمي الجزء الثاني من رواية احببتك اكثر مما ينبغي ٠