الفصل العاشر

102 18 0
                                    

بين جدران غُرفته، اطمأنت أفكار "جونيور" المتزاحمة، وتابع إلقاء الأوراق التي حملتها سلة النفايات واحدة تلو الأخرى دون تعب، توقف بعد ساعة ونصف تقريبًا وأعاد ظهره للخلف مغلقًا عينيه، صمت برهةً ثم حادث نفسه :
- آمل أن يجدي الأمر نفعًا..

نهض لاحتساء فنجان آخرًا من القهوة  والتقط رسالة "فيليب" من على الأرضية :" لازلتُ لا أستطيع أن أخمن..ماذا يُريد؟ "
تناول قهوته وعاد للجلوس أمام الاوراق المتفرقة على المنضدة، سرح بأفكاره ناظرًا للجدار أمامه :" ماذا إن لم يوافق الملك بالسِلم؟ أي عنف قد ألجأ إليه سيد "جوناثان"! أنا مجرد مغفلٌ مقارنةً بهم.. لا حول لي أو قوة! ولا أمل لي إلا عندما تتضح الصورة فيما بعد.."

قام بفتح ورقة "جوناثان" مرةً أُخرى متأملًا ما كُتِب فيها :" المنطقة "د" الشارع السابع، المنزل رقم ثلاثة عشر."

حك "جونيور" لحيته متساءلًا بغرابة :" هل يجوز الوصول للمنطقة "د" حقًا؟ منذ عشرة أعوام تم ترحيل الساكنين هناك بسبب نشاط جبل"أثينا" خوفًا من انطلاق أية حمم بركانيه فجأة، وأصبح العيش في تلك المنطقة محظورًا، هل لازال الحال كما هو؟ في النهاية، أنا بحارٌ يقضي معظم حياته في الأزرق الواسع ويجهل نصف أحداث الجزيرة، أشك أن الجارة العجوزة التي لا تخرج من حجرتها إلا كل شهرٍ تعرف أكثر مني! "

تلاقط أنفاسه وطرق على الطاولة، ثم استلقى على سريره متابعًا التفكير مدةً، وأقبل الليل بآثاره الملحوظة جيدًا من النافذة ليحادث "وولف" نفسه بعدما نظر في ساعته :
- متى حدث ذلك! لقد تعطلت! لم أكن أتوقع حتمًا، لا مشكلة. سأصلحها فيما بعد، أظن أن عليَّ زيارة "دوليش...
توقف برهةً واستدرك غفلته :
- مهلًا! لقد كنتُ أنوي مقابلة "كارول" و "فوكس" أمس وتهربتُ من الضجة..

آمل أن أجدهما هناك اليوم حقًا، حسنًا أين سيكونا؟ جميعنا عاطلون عن العمل، لا غاية لهم سِوى اللهو قبل أن يُصدر الملك فجأة قانونًا بذبح رقاب البحارة، أو أن يثور الشعب ضدنا مجددًا، مبررين بأننا العرق الشيطاني الذي يبدو للشبان كأبطال المغامرات الناجين من الكوارث وأننا نستحثهم على إلقاء أنفسهم للهلاك، بحقهم هل يصدقون هذا؟ أنا حتى لا أستحث نفسي على مهنتي كي أستحث غيري!

~•~
وصل إلى مقهى "دوليشيان"، اتسمت الأجواء بالضجة،  ولاحظ المشروبات الباردة تزين الطاولات والبخار الساخن ينبعث من وجبات العشاء بالإضافة لرائحة المكان العطرة بأطعمته الطازجة، ألقى"جونيور" التحية على"دوليشيان" ثم لمح "فوكس" بالفعل جالسًا مع بعض الرجال، بينما كان "كارول" منفردًا يدخن أمام الحانة، جلس "جونيور" بجواره :
- آملُ ألا أكون قد تأخرت.
نظر له "كارول" بطرف عينه ونفث دخانه :
- علامَّ؟
-- أعني.. إخماد هذه النار.. إنها وظيفتي.. رئيس الملاحة ولا أقول شيئًا للبحارة عن تدمير مينائهم تمامًا.. أنا حتى لا أعرف عنه ما ينبغي أن يُقال. يا لني من عار.

أمواج هيلين { مكتملة ♡ }حيث تعيش القصص. اكتشف الآن