الفصل الواحد والاربعون♥️

22.1K 896 67
                                    

الفصل الواحد والأربعون(بداية النهاية)
للألم نهاية بالتأكيد ...في يوماً ما ستزين السعادة وجوهنا ...يوماً ما سنضحك من قلوبنا وستضمد روحنا المنكسرة .)
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في سيارة الأجرة ...
كانت الدموع تنساب من عيني عبير وهي تقول بإختناق :
-يا حبيبتي يا حبيبتي اتصلت بيا كتير وانا كنت قافلة الموبايل ...المسكينة كانت لوحدها ...واحتاجتني وانا مكنتش موجودة ...
كان أمير ينظر إلى عبير وهو يشعر بالذنب ...فهو من طلب منها  أن تغلق الهاتف كي لا يزعجهم أحد ...ليته لم يفعل هذا ...الذنب كان يقتله حرفيا بسبب ما حدث مع جواهر ...المسكينة اضطرت أن تواجه موت والدتها بمفردها....اضطرت أن تعيش تلك اللحظات المروعة بمفردها.....اضطرت أن تعيش حزنها بمفردها ...لن تسامح عبير نفسها على هذا ....
اخيرا وصلا إلى الحي التي تسكن به  ترجلت عبير من السيارة مسرعة وهي تضع كفها على قلبها بينما ترى صوان العزاء....انفجرت  الدموع أكثر من عينيها ...صحيح هي لم ترى سوسن منذ زمن طويل ولكنها تتذكر كم كانت سيدة طيبة وجميلة...
أسرعت للمنزل ورأت العديد من الناس التي لا تعرفهم ومن بينهم كان عدي ...اقتربت منه لاهثة وهي تقول :
-جواهر ...
نظر عدي إليها بحزن وقال:
-قاعدة في الاوضة ..مش عايزة تخرج ولو حد دخل بتمشيه ...أنا مش قادر اشوفها في الحالة دي ...عايز اساعدها بأي طريقة ومش قادر يا عبير ...ومش عارف اعمل ايه ...
مسحت عبير دموعها وقالت بإختناق؛
-انا هشوفها متقلقش ...
ثم ولجت للغرفة ...
صوبت  نظراتها إلى جواهر الجالسة على الفراش وهي ترتعش بقوة ...لا أثر للدموع بعينيها فقط شاخصة عينيها في الفراغ ...
عضت عبير على شفتيها بإنفعال وهي تحاول ألا تبكي ولكنها فشلت إذ خرجت شهقتها بقوة من شفتيها بينما الدموع تنفجر من عينيها أكثر وهي ترى صديقتها القوية في تلك الحالة ...
اقتربت عبير من صديقتها وضمتها بقوة وهي تقول من بين شهقاتها :
-انا اسفة ...اسفة يا جواهر ...اسفة...
لم.تصدر جواهر اي رد فعل بل ظلت شاخصة بعينيها  ...
-جواهر ...جواهر ردي عليا ارجوكي ...
كانت تتكلم عبير وهي تبكي ولكن جواهر ترفض الكلام ...
-جواهر أنا اسفة ...اسفة اني اتأخرت سامحيني ...بس ردي عليا أنتِ بتقلقيني كده ....
-ماما ماتت ...
خرجت تلك الكلمات من فمها بنبرة تائهة ...
نظرت  جواهر بشرود إلى عبير وقالت:
-ماما ماتت ...أنا كنت فاكرة أن ده كابوس ..بس طلع حقيقة...أنا نومت على أمل اصحى والاقيها موجودة بس لا مكانتش موجودة ...عدي حاول يفهمني....حاول يرجعني لعقلي بس انا رفضت ...قولت مستحيل تسيبني ...ازاي تسيبني وانا مليش غيرها ؟! مش ممكن يكون ده كله كابوس ...
شهقت عبير وهي تبكي وتضمها أكثر لتكمل جواهر :
-انا مودعتهاش حتى ...محضنتهاش آخر مرة ...افتكرت أن ده كابوس ونومت...الناس حاولت تصحيني عشان أودعها وانا رفضت ...أنا اخترت اهرب ...أنا مش كويسة ...مكنتش جمب امي لا في تعبها ولا حتى لما ماتت ...أنا بختار الهروب دايما أنا مش انسانة كويسة يا عبير ...أنا اذيت ماما ...
-ششش ..اهدي ...اهدي ...
هزت رأسها وقالت:
-انا نفسي اشوفها يا عبير ...عايزة اشوف ماما ...عايزة احضنها لثواني بس ...عايزة ...عايزة ...
نهضت فجأة وقالت وهي  تضع    كفيها   على اذنيها ثم اصبحت تصرخ بعنف ....
-جواهر ...
قالتها عبير برعب وهي تراها منهار بتلك الطريقة ....
ولكن جواهر سقطت على الأرض وهي تصرخ وتبكي وكأنها أدركت أخيرا حجم خسارتها ...اقتربت عبير بهلع وهي تحاول ضمها ولكن فشلت ...فشلت في السيطرة على. انفعالاتها ....
-جواهر ...اهدي...اهدي....
صرخت عبير وهي تبكي وعندها دخل  عدي وأمير الغرفة ...بهت عدي وهو يرى انهيار جواهر ...اقترب منها وعانقها بقوة وهي يحاول تهدئتها ...سكنت بين ذراعيه قليلا ونظرت إليه والدموع تغرق وجهها :
-ماما راحت من غير ما اودعها يا عدي ...هاتها بس ابوسها واحضنها ..عشان خاطري يا عدي احضنها بس رجعها ابوسها وادفنها تاني ...
كانت عبير تضع كفها على فمها والدموع تجري على وجنتيها بدون توقف ...ألم شديد في قلبها ...حالة جواهر الآن  فكرتها بحالتها عندما توفت والدتها ...هي تعرف شعور فقد اهم شخص في حياتك ....
أغمض عدي عينيه محاولا السيطرة على نفسه إذ شعر بالدموع تلسع عينيه.....ضمها بقوة أكبر وقال بنبرة مرتعشة :
-اسف...آسف يا جواهر ..
-عشان خاطري رجعهالي يا عدي هبوسها بس والله هبوسها واحضنها بس مش هعمل حاجة تاني ...عايزة اودعها يا عدي ...عشان خاطري جيبها ابوس إيديك ...
ثم أخذت تضربه على صدره وتصرخ:
-بقولك جيبهالي ...جيبها عايزة اشوفها....عايزة اشوفها يا عدي !!!!ماما جيبلي امي يا عدي ...جيبها
-جواهر !!!
قالها عدي مصدوما وهو يحاول تهدئتها ولكن عبثاً ...كانت تتصرف بجنون تام ...تصرخ بقوة وتضربه ثم تتجه يديها الى وجهها وتضرب نفسها ...كان الامر جنوني للغاية ...هي منهارة ولا تهدأ ...تهذي بكلمات غير معقولة والدموع تطفر من عينيها بشدة ....كان عدي يلهث من فرط الجهد الذي يبذله لكي يسيطر عليها ...ولكنها لم تهدأ ...لم تهدأ واستمرت بالصراخ ...ولكن فجأة بدأ صراخها يخفت ...أغمضت عينيها بتعب وقالت:
-انا عايزة انام. ..عايزة ارتاح يا عدي  .
قبلها عدي على رأسها وقال بإختناق :
-ارتاحي يا حبيبتي ارتاحي ...
بعد عدة دقائق وهو ما زال يضمها غرقت بالنوم  ...
حملها عدي بين ذراعيه وهو يتنهد بتعب ثم وضعها على الفراش وجلس بجوارها ...كان قلبه يتمزق وهي بتلك الحالة المريعة ...لقد لاقى ألمها صدى كبير في قلبه...كم تمنى ان يخفف عنها ...يعتذر منها ويخبرها انه آسف ...آسف لانه لم يكن بجانبها ...آسف لانها تتألم وهو عاجز عن فعل اي شئ لها ...
كانت عبير تبكي بين ذراعي أمير ....قلبها يعتصر من الألم  وهي ترى رفيقتها في تلك الحالة ...لا تشعر لماذا ولكن ضميرها أيضا يؤنبها ...تشعر انها ابتعدت عن جواهر لم تكون الصديقة الجيدة لها ...مهما حاولت اقناع نفسها بالعكس تفشل تماما في هذا ...كل المبررات التي يقدمها عقلها لا يقبله ضميرها الذي ما زال يجلدها ...
نهض عدي وهو يشعر بالإنهاك وقال ؛
-أنا بقول نسيبها ترتاح شوية ...
ابتعدت عبير عن أمير وهي تمسح دموعها وتقول بصوت خافت :
-مش مفروض نعرضها على دكتور ...حالتها صعبة اووي يا عدي أنا خايفة تأذي نفسها ....
احتل الرعب قلبه  وهو يفكر بالأمر ...صحيح ماذا إن حاولت إيذاء نفسها ؟!فحالة جواهر تقلقه ...هو يريد ان يضعها تحت عينيه...يراقبها ويهتم بها وهذا لن يحدث الا بزواجها منه ...يجب أن يتزوجها بسرعة ويذهب بها من هنا. ...يحاول أن يساعدها...لن يتركها تعاني بمفردها....
-احنا هنفضل معاها مش هنسيبها ...هي محتاجة حد جمبها يا عبير ...أنا هفضل معاها وانتِ كمان افضلي معاها...
هزت عبير رأسها وقالت بقوة :
-اكيد هفضل معاها مش هسيبها ابدا ....مش هعمل كده ..
ثم اتجهت إلى الفراش وجلست بجوارها وهي تمسك كفها بقوة والدموع تطفر من عينيها...تذكرت كل تلك الأشياء التي فعلتها جواهر من اجلها....كل تلك المشاكل التي واجهتها فقط من أجلها ...جواهر فعلت الكثير من اجلها وهي يجب أن ترد لها المعروف ...يجب أن تقف بجوارها الآن ...
قبلت رأسها وهي تربت على كتفها بينما الألم داخلها يتفاقم
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
-ليان ..ليان كفاية !!!
قالتها نسرين والدموع تطفر من عينيها بينما ليان تبكي بهذا العنف ...كانت ليان تضم نسرين بقوة وهي تبكي ...قلبها يحترق كلما تذكرت ما فعله وما قاله ...كيف يكون بتلك القسوة معها كيف ...كيف يكسر قلبها بتلك الطريقة ..لا تصدق أن من أحبته يفعل هذا بها ....
-هموت يا نسرين هموت ...روحتله ولقيت عنده واحدة ...قالي مرة تانية أنه مبيحبنيش وطردني من بيته ...شوفته معاها يا نسرين ...حضنها قدامي ...كنت بموت يا نسرين وانا بشوفه ليه بيعمل فيا كده ليه...أنا عملتله ايه يا نسرين ؟!
تنهدت نسرين وهي تربت على ظهرها ...قلبها يتمزق بسبب ما تعانيه صديقتها حقا قد كرهت موسى ...كرهته كثيرا كيف يفعل هذا بها ؟!لقد أحبته فعلت من أجله الكثير ...ليان ابدا لا تستحق تلك المعاملة ...هي تستحق أن تعامل جيدا ...فيكفي أنها أعطته قلبها ...قبلت نسرين رأس ليان وقالت :
-والله ميستحقش ولا دمعة من عينيكي يا لي لي...هو واحد حقير ...خلاص انسيه ...
-مقدرش أنساه يا نسرين مقدرش ...ده اول حب في حياتي ...مش سهل الموضوع زي ما أنتِ فاكرة ...أنا بحبه اووي يا نسرين ...بحبه حتى اكتر من حياتي ورغم اللي عمله بحبه برضه  ...مش قادرة ابطل احبه يا نسرين ...حاسة اني هموت ...حاجة جوايا اتكسرت وعمرها ما هتتصلح ...أنا هتجنن كنا كويسين وكان فرحان اووي ليه يحصل ده فجاة ليه ؟!!..
-متفكريش كتير يا ليان فكري ازاي تنسيه ...شيليه من حياتك زي ما شالك من حياته ...خلاص بطلي تفكري فيه ...
-ياريت اقدر يا نسرين  ياريت ...
قالتها والدموع تنفجر من عينيها لتبتعد نسرين قليلا وتعانق وجهها وتقول :
-لا هتقدري يا ليان ..هتقدري تنسيه ...لو حطيتي في بالك انك هتنسيه ...هتنسيه ...أنتِ بس حاولي ...طلعيه من دماغك ولا أنتِ اللي هتعاني بعد كده ...
-هعاني اكتر من كده ؟!!
قالتها بقهر لتهز هي رأسها وتقول بتأكيد :
-ايوة هتعاني اكتر من كده يا ليان ..هتضيعي عمرك على واحد ميستاهلش ....موسى ميستاهلش دموعك دي ابدا ولا تروحيله تاني ...ده ترميه من حياتك علطول ...سمعتيني ...متفكريش فيه تاني ....
ازداد انسياب دموعها وقالت بصوت مختنق :
-ياريت الموضوع بالسهولة دي ...
شدت نسرين على كف ليان وقالت بقوة :
-عارفة أنه صعب عليكي ...صعب جدا كمان ...بس مش مستحيل يا لي لي ...لازم تنسي وتتخطي عشان تعيشي ....
-أنا...نفسي ..اعرف عمل فيا كده ليه ؟!أنا عملتله ايه ؟!
-متفكريش كتير ...فكري أنه انسان ميتساهلش  ...أنه خدعك ...أن دموعك اغلى ما تنزل على حد غيره ..ليان حبيبتي والله ما يستاهل ...
ضمت ليان صديقتها وهي تبكي ...وقالت:
-شكرا ...شكرا يا نسرين ...شكرا انك جمبي ..شكرا ...
-أنتِ اختي متقوليش كده ...وانا معاكي دايما  يا ليان ...معاكي دايما ....
  .......
بعد ساعة تقريباً ....
ابتعدت نسرين عن ليان التي نامت بهدوء كي لا تزعجها ....دثرتها بغطاء خفيف ثم قبلت رأسها ومسحت تلك الدموع التي تلطخ وجنتيها  ...
ثم خرجت بهدوء من الغرفة واتصلت بفؤاد ؛
-أيوة يا حبيبي ..
قالتها نسرين بنبرة خافتة ليرد فؤاد:
-ايوة يا حبيبتي...ايه اجي اخدك دلوقتي ولا أيه ؟!
عضت نسرين شفتيها بإحراج منه فهي قد وعدته أنهما سيحتفلان بمناسبة زفافهما الذي بعد يومين ولكن تراجع حالة ليان جعلها تلغي الفكرة ...
-حبيبي معلش أنا النهاردة هبات مع ليان المسكينة حالتها صعبة ...
كتمت أنفاسها وهي بإنتظار رده ...توقعت الغضب أو التأفف ولكن فؤاد  دوما ما يفاجأها إذ قال بكل بساطة:
-ماشي يا حبيبتي خليكي النهاردة معاها ولو احتاجتي اي حاجة اتصلي بيا هكون عندك فورا ...
تألقت عينيها بسعادة وقالت :
-فؤاد أنا بحبك اووي فعلا بحبك ...
ابتسم وقال:
-وانا كمان بحبك اووي يا نسرين خلي بالك من نفسك ..
-ماشي يا حبيبي سلام
أغلقت نسرين الهاتف براحة وقررت أن تدخل الغرفة لليان وتنام عندها ...أرسلت رسالة لنهى تخبرها أنها سوف تنام عند ليان وقد أخبرت فؤاد بذلك ....
........
-معرفش يعني ايه نسرين هتبات عند ليان وانا اكون اخر من يعلم ...
هدر بها فؤاد بغضب لتنظر إليه نهى بدهشة وتقول :
-استأذنت من جوزها يا كريم ولا انت نسيت ...
-طيب وانا ..أنا فين من حياتها يا هانم ؟!
نظرت إليه نهى ببرود وقالت :
-والله يا كريم انت اللي عملت كده ...انت اللي بعدت البنت عنك فمتجيش تتضايق دلوقتي !!انت اللي بإيدك رميت كل المسؤولية على فؤاد وقررت انك ملكش دعوة بيها ...ازاي دلوقتي جاي تطالب بحقوقك كأب ليها ازاي !!!!
امتقع وجه كريم وهو عاجز تماما عن التحدث ...انها محقة ...هو من أبعد ابنته عنه ...هو من دمرها ...هو يستحق ...ولكن هل سيستطيع أن يصلح الوضع أم أن الأوان قد فات ؟!ذلك السؤال كان يؤرقه كثيرا ....
.....
في منزل موسى كان جالس على الأريكة بإنهاك...يشعر انه كمن فقد روحه ...دموعها لا تتركه وشأنه ...اخرج هاتفه وهو ينظر الى صورهما سويا ...يتأمل ابتسامتها وابتسامة حزينة ترتسم على شفتيه ...قلبه يتمزق بسببها ليته يستطيع قتل صاموئيل والذهاب إليه والاعتذار منها ...كل ما يريده هو ان يبقى معها للأبد ...هو لا يخاف الموت ولكنه يخاف الحياة دونها فالحياة دونها مرعبة ...لا تحتمل ببساطة ...
قرب الهاتف من وجهه ثم قبل صورتها وقال:
-حقك عليا يا حبيبتي ..حقك عليا اخلص من صاموئيل واعوضك عن كل حاجة ...هعتذر منك على أي حاجة غلط قولتها ..هفضل وراكي لحد ما تسامحيني ...ده وعد
-بتحبها اووي كده ؟!
قالتها  مايا وهي تقترب منه ...انها تعرف ألم العشق جيدا ...ألم تحب صاموئيل ولكن هذا الحب كان من طرف واحد ...فهو دوما اعتبرها عشيقته ...لم يهتم بها ابدا ...كسرها مرارا حتى أنه حاول قتلها مرة ولم يساعدها الا قيصر ....
-هي روحي !
قالها موسى بنبرة مختنقة لتتنهد مايا وهي تذهب وتجلس بجواره كم هذا مؤلم ...مؤلم عندما تدفع حبك الحقيقي بيدك ...كانت تشفق كثيرا على موسى هو لا يستحق هذا ...كم تتمنى ان تساعده ولكن كيف؟!موسى لن يتحرر من مخاوفه الا بموت صاموئيل ...
-أنت لازم تقتل صاموئيل يا قيصر ...لازم تقتله...
نظر إليها موسى بصدمة لتهز له رأسها وتقول:
-هو واحد لا عنده قلب ولا ضمير ...مش هيسيبك في حالك ولا هيسبني أنا كمان ...صحيح أنا بحبه بس بحب نفسي اكتر ...وخايفة ليقتلني ...عشان كده يا قيصر  لازم نتخلص منه ...لازم !!!
-الموضوع مش سهل خالص يا مايا ...وانتِ عارفة ...صاموئيل مش سهل وانتِ عارفة كده ...ممكن ببساطة يقتلنا احنا الاتنين ...
هزت مايا رأسها مؤكده على كلامه وقالت:
-عندك حق ...بس لحد امتى هنفضل خايفين ومستخبين منه ....قيصر انت الوحيد اللي وقفت في وشه....انت الوحيد اللي قدرت تكسره وتقدر تقتله كمان ...أنا هساعدك بس خلينا نتخلص منه ...أنا مش عايزة أعيش في الرعب ده اكتر من كده لو سمحت حط ايدك في ايدي عشان أنا أعيش حياتي ...وأنت تعيش حياتك مع حبيبتك من غير خوف  ...
كلماتها القوية بدأت تنفذ لعقله ...كل مشاكله سوف تحل لو قتله. ..وسوف يأخذ بثأر روان...
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي....
خرج من الحمام وهو يرتدي المئزر بينما يجفف شعره الذهبي جيدا ...ذهب ووقف أمام المرآة وهو ينظر إلى انعكاسه ويتنهد بقوة ما زال يتذكر كلامها له ...لقد وافقت عليه ولكنها لن تكون معه الآن...طلبت منه أن ينتظرها فهل هو قادر على هذا ؟!!دعك عينيه بتعب وهو يتذكر كلامها له ...
....
-انا عايزة اغير حياتي ...عايزة افتخر بنفسي وأليق بيك عشان اقدر إرتبط بيك ...مش هسمح لأي حد أنه يشاور عليا ويقول اني الخدامة اغرت الدكتور ...لازم يكون ليا مكانة في المجتمع...
قالتها رانيا بقوة وعينيها تلمع بتصميم ...
ليهز يحيى رأسه بإستنكار ويقول :
-ما طز في المجتمع يا رانيا أنتِ ليه شاغلة بالك بيه؟!أنا ميهمنيش كلام المجتمع ..كدا كدا هيتكلموا ..لو متكلموش عليكي هيتكلموا عليا ...هيلاقوا أي حاجة يتكلموا عنها لان دي شغلتهم الكلام والتنظير  بس ...المشكلة انهم بيسيبوا مشاكلهم وعيوبهم ويركزوا في عيوب الناس التانيين ...جيبيلي حاجة واحدة تمنع أننا نتجوز غير كلام الناس ...جيبلي حاجة واحدة في الدين تمنع جوازنا ...قولي . 
-مفيش تكافؤ بيننا يا دكتور ...الجواز من النوع ده بيفشل ...
هز رأسه بإستنكار وقال:
-ازاي بتحكمي على علاقتنا بالفشل قبل ما تبدأ ...ليه متفكريش في الخير بس ...
أغمضت عينيها بتعب وقالت:
-عشان للأسف ده اللي هيحصل...والدتك مش هتقبل بيا ...وهتحصل مشاكل كتير ...مشاكل كتير اووي ...لازم على الأقل اليق بيك عشان المشاكل دي تقل شوية يا دكتور ..
-انا هتصرف مع امي ...هي ..
هزت رأسها وعينيها تلمع بفعل الدموع  وقالت :
-مظنش يا دكتور ...الفرق اللي بيننا صعب اووي ...والدتك عندها حق تشوفك مع واحدة تليق بيك ....واحدة تقدر تمسك ايديها وسط الناس وتقول انها مراتك ...
اقترب أكثر منها وقال وعينيه الزرقاء تلمع بقوة :
-انا همسك ايديكي انتِ وهقول بفخر أنك مراتي ...أنا ميهمنيش الناس !!!
-بس أنا يهمني ...
قالتها بإنفعال والدموع تنسكب من عينيها ثم أكملت :
-ليه مش قادر تفهم أنا اللي هواجه لوحدي كل الاهانة يا يحيي ...أنا اللي هيشاور عليا ويقولوا الجاهلة اخدت دكتور. ....أنت مش هتقعد اربعة وعشرين ساعة معايا عشان تحميني  ...أنا اللي هبقى في وش المدفع...أنا اللي هتحمل كل الاهانة يا يحيى وصدقني مش هتحمل ...أنا مش عايزة اتهان...أنا عايزة أليق بيك ....مستعد تستناني ...
هز رأسه بيأس وقال:
-أنتِ عنيدة اوووي تعرفي كده ؟!!ايه العناد ده يا بنتي  بقولك بحبك وعايز اتجوزك ...همسك ايديك قدام الناس كلها وميهمنيش وهبعدك عن ماما ...ليه الخوف ده كله ...أنتِ مبتثقيش فيا ؟!
مسحت دموعها وقالت:
-بثق فيك بس انا عايزة كده ..عايزة اتعلم و ..
-ومحدش قالك متتعلميش يا رانيا ...نتجوز وانا بنفسي هساعدك ده وعدي ليكِ ....
هزت رأسها بالنفي ...كان الاصرار يلمع بعينيها إصرار لم يراه من قبل ...كانت مصرة لتكون إنسانة افضل ...كانت تريد التفاخر بنفسها ...
-مش هتتراجعي عن قرارك ؟!
قالها بيأس فهزت رأسها وقالت:
-مستحيل ...أنا عايزة اشوف نفسي في مكانة عالية مش عايزة حد يقول عني جاهلة ...أيوة أنا بهتم بكلام الناس صحيح هما مش هيسكتوا ويتكلموا علطول بس على الاقل وقتها اكون عملت اللي عليا وضميري مرتاح ...حتى لما اكون ماشية جمبك محسش اني قليلة واقدر اطلع معاك من غير ما اتكسف ...أنا جاتلي فرصة اتعلم ومش هسيبها ...انت حابب تستني ماشي مش حابب ده حقك ...
أغمض عينيه بتعب وقال :
-هستنى قد ايه بالضبط معهد تمريض خمس سنين وكلية تلات سنين تمن سنين أنا هكون عجزت فيهم ...
نظرت إليه بيأس وشعرت أن الامر صعب ليتنهد هو ويقول :
-ايه رايك في حاجة ...تدخلي المعهد براحتك وبعدها نتجوز وانا هدعمك يا رانيا ...مش هخلي حد يأذيكي ده حل مناسب ...نتجوز بعد ما تبدأي دراسة في المعهد وانا يا ستي هدربك في المستشفى بتاعتي....
-طيب ممكن بس اعدي اول سنة فيه وبعدها نتجوز مش هخليك تستنى ده كله بس على الاقل اتجوزك وانا حاسة اني لايقة عليك ...
-يعني هستنى سنة ؟!
أطرقت برأسها فقال :
-طيب بس تسمحيلي اشوفك ولو حتى من بعيد ....
رفعت عينيها البنية ونظرت إليه ...أنه محاصر من قبلها ...هالك لا محالة ... ابتسامة حزينة ارتسمت على وجهه وهو يدرك أنها لن تتنازل عن شروطها وسوف هو يكتوي بنار الانتظار لمدة سنة !!!
عاد من شروده وهو يتنهد ..كيف يمكنها أن تكون عنيدة لتلك الدرجة لقد قدم لها قلبه وروحه ...ولكن داخله كان يعرف انها محقة للغاية فوالدته لن تتركها وشأنها وربما في تلك السنة يستطيع إقناع والدته بها...يستطيع أن يخبرها أن حبه نحو رانيا حقيقي ...ليس شفقة والأمر بالفعل صادم له ولها ...فهو حتى لا يدرك متى أحبها ....لقد احتلته رويدا حتى رأي ان الحياة دونها لا تطاق ...أغمض عينيه وهو يضع كفه على قلبه ...لو فقط ترفق بقلبه !!!
........
وقفت أمام المرأة وهي تلف خمارها بالطريقة التي تعلمتها من الخالة ماجدة ...خطوة جديدة اتخذتها في حياتها ...أرادت ان تكون قريبة من الله ...لقد عرفت ان السعادة في قربه فقط ...هي لن تكون سعيدة الا عندما تطرق بابه وتطلب عفوه ورحمته...فهي لم تحصل ابدا على السلام الا عندما بدأت بالإلتزام بتعاليم دينها ووقتها عرفت انها اضاعت حياتها عبثاً...عرفت انها بحاجة للهّ بحاجة للاقتراب منه ...حتى موضوعها مع يحيى تركته لله ...فقط دعت ان يصلحه لها ويصلحها له او يعطيها من ترضى به ويملأ قلبها وروحها إن لم يكن يحيى من نصيبها
تنهدت بسعادة وهي تتراجع قليلا وتري انعكاسها في المرآة الكبيرة التي اشترتها بالأمس وابتسامة سعيدة تزين ثغرها ...صفرت وهي ترى نفسها أكثر جمالا ...فعينيها البنية كانتا تتألقان بسعادة كبيرة  ...نظرت الى ساعتها آن الاوان لتذهب للعمل الآن تحركت خارجة من غرفتها ووجدت والدتها قد أنهت إفطارها ؛
-بالهنا والشفا يا أما...
قالتها رانيا مبتسمة وهي تقبل رأسها ثم احضرت ادويتها وقالت:
-ودلوقتي هتأخدي ادويتك وتقعدي عند خالتي ماجدة شوية لحد ما أنا أجي...
ضحكت رابحة وقالت:
-يا بنتي يعني خايفة عليا ما أقعد لوحدي ...أنا كتير قعدت لوحدي ومخوفتش ...
ابتسمت رانيا وقالت:
-معلش يا ست الكل عشان اكون متطمنة على الأقل ...
تنهدت رابحة وقالت:
-ماشي يا بنتي على راحتك...أنا عارفة اني مش هقدر اغير رأيك ...
-صحيح ويالا دلوقتي عشان تأخدي الدوا...
وبالفعل اعطتها الدواء ليرن جرس المنزل وتقول :
-واهي خالتي ماجدة جات ...
ثم اندفعت لتفتح الباب لتتجمد وهي تجد امامها اخر شخص توقعت ان يأتي الآن وهو عمها !!
-أنت !!!هو احنا مش هنخلص ولا ايه ؟!جاي ليه ؟!
-ممكن تدخليني يا بنتي ؟
قالها بإنكسار لتنظر إليه بدهشة وقد بدت عليها الحيرة....
...
بعد قليل كانت قد ادخلته وجلست تستمع إليه ...
-انا هرجعلك حقك في الورث يا رانيا .
قالها بتعب وهو يطرق رأسه بالأرض ...
رفعت حاجبيها  وقالت:
-واكيد ده هيكون بشروط...
هو رأسه ودموعه تتساقط على وجنتيه وقال:
-لا يا بنتي...من غير أي حاجة أنا هرجعلك حقك...أنا عرفت ان كل اللي حصلي ده بسبب اللي عملته فيكي انتِ وامك ...خلتكم تحتاجوا وتعيشوا في الفقر وانا أخدت ورث أبوكي منك ...سامحيني يا رانيا ...سامحيني ...أنا والله اتعلمت الدرس.....ابني عمل حادثة وفي المستشفى بين الحيا والموت وبنتي اتطلقت واتخرب بيتها.....
-لا حول ولا قوة الا بالله ربنا يصلح الحال...
قالتها بتأثر ...رغم انه اذاها كثيرا ولكنها لم تتمنى ان يعاني أي من اولاده ...
-يعني انتِ مسامحاني يا رانيا ...مسامحاني يا بنتي !!
قالها بلهفة لتزدرد ريقها وتقول:
-مقدرش اقول كده ..مقدرش اسامح.بكل بساطة لاني انسانة مش ملاك ...واللي عملته صعب بس عمري ما هدعي عليك ولا على واولادك هدعيلك دايما ربنا يصلح حالهم ...
هز عمها رأسه بتعب وقال:
-بكرة بإذن الله  حقك في ورث أبوكي هيوصلك كاش...مبلغ كويس اووي يا رانيا هتقدري تعيشي بيه مرتاحة من غير ما تشتغلي تاني... خلاص أخيرا هترتاحي

الشيطان وقع اسيرها♥️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن