2#Oliver...

60 10 15
                                    



أخذت أمشي خارجا، أتأمل المكان. بدأ الظلام يحل، وتقل حركة الناس على السفينة.
النسيم العليل جميل، ولكن جوعي يمنعني من الاستمتاع به.
نظرت حولي لأرى طفلا يحمل سندويشا، انه يبدو شهيا للغاية، وأنا أكاد أموت من الجوع، حان وقت الأكل!.

توقفت لأفكر قليلا، قلبت عيني، وقلبت أفكاري، حتى لمحت غطاء قارورة على الأرض. غطاء مقابل طعام، سيكون هذا رائعا!.

اقتربت من الصبي، أقلب الغطاء بين أصابعي وأتحدث بصوت مسموع: "اذن ماذا سأتمنى اليوم يا ترى؟... امم، ملابس جديدة؟، لا تمنيت هذا من قبل، شعري الأشقر أن يتحول الى أسود؟، لا سبق أن فعلت هذا البارحة. اذن ماذا؟".
"معذرة!" قال الطفل. "هل يمكنني أن أسئلك ماذا تعنين يا ٱنسة؟".
"اوه لا! هل سمعتني؟، من المفروض أنه سر. علي الذهاب!".
"لا، لا، انتظري، استمعي الي، أنا لن أخبر أحدا أنا أعدك، فقط أخبريني".
"أنا ٱسفة يا صغير، ولكن هذا سر ولن أخاطر به هكذا".
"هيا، لقد سمعت كل ما قلته، ثم أنا مستعد أن أدفع لك مقابل اخباري به".
"تدفع لي؟. هل هذه عادة يعلمها الاغنياء لاطفالهم منذ الصغر، أم انهم يولدون بها؟".
"لا، ليس-".
"حسنا، حسنا، فقط لأنك أقنعتني، في العادة أنا لا أخبر أحدا على الاطلاق، اذن عدني أن تبقيه سرا".
"أعدك، أعدك!".
"طفل جيد... امم، لكن لن أطلب الكثير، ليس عليك أن تدفع لي، يمكنك أن تعطيني طعامك فقط".
"حسنا، تفضلي". قام الولد مباشرة بتنفيذ الطلب وتقديم الأكل لي، فابتسمت وأنا أكمل حديثي بهمس:"خذ هذا الغطاء في يدك، ثم قم باغماض عينيك وتمني أمنية، عندها سيحمل هو طلبك، وبعد أن ترميه من على السفينة، سيبلغ البحر بأمنيتك، فتتحقق مثلما تحققت أمانيي".
"حسنا!" قال الولد بحماس ملتقطا الغطاء من يدي. بينما استقمت انا لأغادر قبل أن أراه يفتح عينيه بسرعة.
"لقد تمنيت!" قال بسعادة واضحة.
"...كان هذا سريعا. جيد"، قلت وأنا في صدد الرحيل.
"هل تمنيت أنت أيضا؟".
"نعم تمنيت أن ألتقي بمخلوق الحور، أو مهما كان اسمه". قلت بسخرية.
"مخلوق؟، لابد أنك تعرفين الكثير من الأمور السحرية يا ٱنسة. أما أنا فقد كانت أمنيتي أن تتعافى والدتي".

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.



توسعت عيناي لسماع رده. ليكمل بعدها:"ان العلاج مكلف في هذا البلد، لذا نحن قلقون، لكن امنيتي ستنقذها".
تمزق جزء من قلبي وأنا ارى فعلتي هذه، لا بد أن الصبي ليس غنيا حتى كما اعتقدت، بل هو فقير ويعاني مع مرض امه. أي نوع من الاشخاص أنا؟.
بلعت ريقي، أبلع شعور الذنب ثم نظرت اليه:"ما اسمك يا صغير؟".
"أوليفر كريستوفين".
"اسم جميل حقا" *بابتسامة* "والدتك ستكون بخير صدقني، انا متأكدة، لا داعي أن تقلق. أنا اعرف انه بعد هذا اليوم ستحصل معجزة تنقذ حياتها... ولكن أرجوك يا اوليفر أن لا تكلم الغرباء في الشارع مرة أخرى، حسنا؟".
"حسنا".
"ويمكنك الاحتفاظ بطعامك، لابد أنك جائع أكثر مني".
"يمكننا أن نتقاسمه".
"لا، أنا-" قلت رافضة الفكرة، لكنه بسرعة قسمه الى جزئين.
"تفضلي".
"اه!... حسنا، شكرا، اوليفر، انت صبي جيد... على عكسي تماما".



بعد هذه الحادثة الغريبة، عدت مباشرة الى غرفتي. و ما ان دخلت حتى لمحت أمي تجلس على سريري.
"وأخيرا تذكرتي أن لك عائلة؟".
"كنت أتجول قليلا فقط".
"هل تظنين نفسك فتى؟، تتجولين طول اليوم بلا فائدة".
"أهذا هو دور الفتيان في الحياة في نظرك؟، التجوال بلا فائدة؟".
"يا سليطة اللسان، أعني انك فتاة، وقد حان الوقت لتتعلمي كيف تكونين زوجة مناسبة، ففي حال لم تلاحظي انت لا تعودين بالعمر الى الوراء".
"أتمنى أن أعود فقد سئمت من هذا حقا".
"تتجرأين أن تقولي هذا بل كل المتاعب التي سببتها اليوم؟".
"لمن؟، أوه، الحارس الذي ارسلته لمطاردتي؟" *بضحك*، "هل هو خطإي أنه عجوز بطيء؟".
"يا الهي!. انت تقودينني للجنون. انت معاقبة، لا خروج حتى أقرر أنا متى!!".
"تعرفين يا أمي أني دائما ما أجد طريقة للخروج، ولكن في هذه الحالة، هناك استثناء".
"ماذا؟!".
"اذا نفذتي طلبي، سوف أبقى هنا أتعلم، ولن أخرج".
"يالهي!"، قالت أمي بنفاذ صبر، ثم أكملت حديثها تنظر إلي:"حسنا هات مالديك".
"التقيت بصبي صغير منذ قليل، اعرف اسمه، واسم عائلته، وحالة والدته الخطرة، لذا أريد منك مساعدته، ودفع تكاليف علاجها، على الأقل يمكننا فعل شيء جيد بهذه الثروة لمرة واحدة".
"لسانك السليط يجعل من الصعب علي قبول طلبك... ولكن سوف أفعل هذا على كل حال، لذا ابقي هنا، مفهوم؟".
"نعم، أمي".
"جيد، اذن هيا اخبريني باسمه وأين التقيته".

أخبرت والدتي عن ما حدث، وطلبت منها أن تحاول انقاذه. صحيح أن أمي يمكن أن تكون قاسية، لكن جانب منها يرأف بالناس ويشفق لحالهم. رأيت هذا عدة مرات، وأحببته فيها، فكم أن الأمر أصبح نادرا في وقتنا هذا.




بعد محادثتي المطولة معها، ألقيت بنفسي على الفراش، لأحاول النوم، فلدي يوم حافل غدا ب... بالأشياء التي لا أكترث لها، لكن أمي تجبرني على فعلها. ولا يمكنني الهروب حتى هذه المرة، فقد أعطيتها وعدا، وحياة تلك المرأة حرفيا تعتمد على هذا. لا يمكنني المخاطرة بقتل شخص ٱخر... أنا أمزح لم أقتل أحدا من قبل في حياتي، ولكن لكل شيء أول مرة، أمزح مرة أخرى...

أوكيانوس: لنحبس أنفاسنا معا ||• 💙 Љ ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن