كان جوا ربيعيا بامتياز. نسيم عليل، سماء فاتحة، وهدوء مريح، بينما تشق السفينة الامواج، وتمشي بمن عليها من ناس.
كنت انا أجلس بمفردي على أحد جوانب السفينة، أستمتع بٱخر لحظاتي حياتي، فبينما أتى هؤلاء للسفر والمرح، أتيت أنا حتى يتم بيعي كالبضاعة.
يمكن للحياة أن تكون غير عادلة أحيانا... لا بل يمكن للحياة ان تكون عادلة أحيانا، فهي دائما ظالمة، إلا في مرات عندما يحدث خطأ في النظام، أو يضغظ شخصا ما على أحد الأزرار بالخطأ، عدا هذا فالحياة هي نفسها... لا تستحق.
يكتب الناس عنها القصص، الكتب والأشعار، بينما تقوم هي بجعلهم يعانون بل وتمسح بسعادة بعضهم الأرض، لكنهم يتمسكون بها لسبب ما، أنا لم ولن أفهم هذا النوع من الناس، هل هم الغرباء أم أنا ذات النظرة السوداوية؟.
أحب بدل هذا أن أدعوا نفسي "واقعية". فبدل أن أجمّل الحقيقة المرّة، وأكذب على نفسي، أنا عكسهم، أرى الأمور كما هي، وأخبر نفسي بالحقيقة كاملة، حتى لو كلفني هذا سعادتي وسلب الابتسامة مني، ولكن هكذا أنا، أميرة السوداوية.كنت غارقة في أفكاري كالعادة عندما سمعت صوتا يناديني. استدرت ورائي لأرى شخصا مألوفا.
حان الوقت للهرب مرة أخرى.
أمسكت بطرف فستاني الطويل، وانطلقت بأقصى سرعة، سمعت صرخات الرجل مرة أخرى، تلاها صوت أقدامه تجري خلفي.
تعمدت التوغل بين حشود الناس كي يفقد أثري، لكنه استطاع لمحي في كل مرة فهو معتاد على الأمر بعد كل هذه السنوات. استمريت في الجري لمدة، اعبر بين الناس، و اقفز من مكان لٱخر. جانب مني استمتع بالأمر، الشعور بهذا الاحساس الطفولي، بالخفة، بالتمرد، بالحرية...
لكن بعد فترة تعبت وتضايق نفسي، ولم يعد بامكاني الهرب أكثر، ولكني لست غبية كي يمسك بي.
أحد الفوائد القليلة لكون المرأ فتاة، هي امكانية استغلال تفكير الناس عن الفتيات ضدهم... "الفتيات ضعيفات وتبكين بسرعة"... صحيح، هذا صحيح حتما.
توقفت عن الجري ورميت بنفسي على الأرض ببطئ، فلم يكن من الرجل المار من أمامي إلا إمساكي. نظرت الى الخلف لأرى مطاردي يقترب، فباشرت في التنفيذ بسرعة...
انطلقت من عيناي دموع متتابعة، وبصوت مبحوح ووجه خائف، نظرت الى الناس من حولي.
"هل أنت بخير يا ٱنسة؟". سأل الرجل.
وبدون أن أتعب فمي الجميل بالردّ، سمحت لجسدي بالهون، واغمضت عيني، فأمسك بي الرجل بسرعة، ظنا منه أني قد اغمي عليّ، فمن لن يخدعه تمثيلي؟.
اجتمع المارة من حولي يتهامسون، الفضوليون منهم يستفسرون عما حدث، واصحاب الضمائر يحاولون المساعدة، بينما كان أغلبهم مندهشا فقط دون أن ينطق بكلمة، لكن لا يهمني في هذه اللحظة إلا شخص واحد، الرجل الذي كنت ألعب معه الغميضة.
حركت رأسي فأسقطت بعض خصلات شعري السوداء لأغطي وجهي، وفتحت عيني بسرعة أبحث عنه. كان الرجل الذي يحاول مساعدتي قد حملني بالفعل، ويمشي بي بعيدا، لكن هذا لم يمنعني أن ألمح الخاسر في لعبتي من بعيد. كان يقف في ٱخر الحشد يحدق بحسرة وانزعاج. منظره كان مضحكا بالكاد كتمت ضحكتي. لقد استمتعت معه لفترة، لكن إن زاد الأمر عن حده انقلب الى ضده، ألم يعلموه هذا في المدرسة؟.
أنت تقرأ
أوكيانوس: لنحبس أنفاسنا معا ||• 💙 Љ ..
Romance"أوكيانوس: لنحبس أنفاسنا معا 💙" 🥹 القصة فيها رشة صغيرة من الفانتازيا... البطل يمزج بين أحلام وواقع البطلة، تراه في أحلامها ولا تعرف هل هو حقيقة أو خيال، وهل هو موجود أم أنه مجرد تهيئات جميلة... ويقودها الأمر حتى إلى الشك في صحتها النفسية 🖤.. I h...