نظرت من النافذة، لأرى المكان فارغا، والهدوء قد حل، واخيرا حان الوقت المناسب.
وضعت يدي على المقبض وأدرته بحذر، ثم ببطء شديد فتحت الباب، حرصت أن أنظر يمينا ويسارا قبل أن أخرج بسرعة وأجري على أطراف أصابعي بعيدا عن الجناح.
ها أنا في الخارج أخيرا!. أشعر أني كنت محبوسة من زمن. كم اشتقت لهذا الاحساس بالنسيم الليلي العليل، رغم أني لم أمكث في الداخل كثيرا إلا أنني روح حرة، أحب أن أسرح وأستمتع بحريتي دون جدران تقيدني.
هنا على سطح السفينة أقف، أستطيع أن أرى البحر الجميل وأستمتع بالهواء الصاقع. انه احساس رائع كالعادة.
ادركت في لحظة أنه نفس المكان الذي كنت أقف فيه تلك الليلة، قبل أن يحدث ما حدث وأجد نفسي فجأة في عمق البحر دون تفسير، ثم أستيقظ في الصباح التالي، لأجد نفسي في سريري، وكأن أحداثا قد تم اقتطاعها من حياتي، أو أنني فقدت ذاكرتي ذاك اليوم ونسيت ما حدث بين تلك المقاطع.إنه لأمر مضحك، لو كان عندي ذرة عقل لما عدت الى هنا، لما وقفت في نفس المكان الذي جعلني أفقد عقلي، في نفس المكان الذي عذب نفسيتي ذاك اليوم، ولكن إحساس غريبا يدفعني الى هذا، احساس لا يمكنني تفسيره أو فهمه، يخبرني ويقودني الى هنا، فما ان وطئت قدماي خارج الغرفة، حتى حملتني وجاءت بي الى هذه البقعة.
نظرت الى البحر مجددا، كيف أن زرقته تختفي في الليل وتتحول الى سواد...
البحر ليلا، يصبح داكنا، بنفس لون عينَيّ، أما نهارا فهو... يصبح أزرقا... فيذكرني بلون عيونه... عيون ذاك الغريب.
تلك العيون الزرقاء التي رأيتها في تلك الليلة، ولم أنساها من ساعتها... تلك العيون التي غرقت فيها يومها، فأنستني أني أغرق في البحر وأن حياتي حرفيا في خطر... تلك العيون التي سأشتاق إليها، تلك العيون التي للأسف لن أرى جمالها مرة أخرى...لم يزعجني أن المكان مهجور، فلا تبصر أحدا يمر من هنا، وكأني الوحيدة من تعرف بوجود هذه البقعة... وكأني الوحيدة على السفينة... بل بالعكس استمتعت بهذا، فما أجمل الوحدة...
مددت يدي الى الأمام أتحسس الهواء العليل يمر بين أصابعي، واستمتع به... حتى شعرت بعيون تراقبني...
تصمرت مكاني لبرهة، ثم بسرعة استدرت الى الخلف أبحث عن صاحبها... تفحصت أرجاء المكان بسرعة، فأنا بمفردي هنا وعلي أن أكون حذرة...بين أشرعة السفينة البيضاء كان هناك، خيال أسود يمشي ببطء، تخفي الاشرعة هويته، فلا تستطيع أن تلمح وجهه، ولكن... لكنني أعرفه...
...
بنية قوية لم تقدر الأشرعة أن تخفيها، وهالة مميزة أحسست بها من قبل... إنه هو، لا أصدق هذا، لا يعقل!... إنه هو، لا أصدق أنني ألتقي به مجددا!.. ولكن هذه المرة لن أدعه يبتعد...
افقت من صفوي بسرعة، وجمعت أفكاري، ودون أي تردد انطلقت أتبعه... جريت الى اتجاه الغريب... كنت أرى خياله لا يزال في مكانه، يقف وراء شراع ولا يتحرك، و ما إن اقتربت، وضعت يدي على الشراع أبعده عن مرٱي، أريد أن اراه، ولكن... لقد اختفى...
نظرت حولي بدهشة واستغراب، أين ذهب فجأة، هذا لا يعقل... لقد كان أمامي منذ لحظة فقط..حركت الأشرعة بسرعة، أمشي بينها، أبحث عنه، ولكن بدا الأمر وكأن الاشرعة لا تنتهي، فقط تخيلي نفسك يا قارئتي حولك من كل اتجاه، أقمشة بيضاء طويلة معلقة، وانت في وسطها محاصرة، كل ما يمكنك رؤيته هو اللون الابيض..هكذا كان حالي، ولكن هذا غير منطقي فمن أين جاءت كلها بينما كان عددها لا يفوق بضعة أشرعة منذ قليل، والٱن هي تغطي كل شيء، لا يمكنني رؤية شيء غيرها، حتى السفينة لا تظهر لي في هذه اللحظة...
استمريت في المشي بينما أبعد الأشرعة عن طريقي، وأبحث في كل اتجاه، هذه المرة ليس عن الغريب بل عن مخرج يخلصني من هذا المكان، فقد وجدت نفسي محاصرة تماما... لم أفهم أو استوعب كيف لأشرعة أن تظهر من العدم وتغطي كل شيء وفي رمشة عين... وكأني في متاهة...
كنت أمشي كالمجنونة، علامات الدهشة تملأ معالمي بينما أدفع الاقمشة البيضاء بعيدا عني... لكن يا الهي إنها لا تنتهي... كنت أُبعد واحدا لأجد خلفه ٱخر، وفي كل اتحاه اذهب تقابلني... كل شيء أبيض...
هل فقدت عقلي حقا؟!..
(حبيبتي ما تنسي تخلي تصويت عشان تخفزيني أكمل كتابة الأجزاء الجاية 🥹🤍 وشكرا يا عيوني 💗)
أنت تقرأ
أوكيانوس: لنحبس أنفاسنا معا ||• 💙 Љ ..
Romance"أوكيانوس: لنحبس أنفاسنا معا 💙" 🥹 القصة فيها رشة صغيرة من الفانتازيا... البطل يمزج بين أحلام وواقع البطلة، تراه في أحلامها ولا تعرف هل هو حقيقة أو خيال، وهل هو موجود أم أنه مجرد تهيئات جميلة... ويقودها الأمر حتى إلى الشك في صحتها النفسية 🖤.. I h...