حكاية تقع في غابر الأزمان، بعد أن كانت الأرض واحدة ومتشابكة، حدثت كارثة عظيمة، جعلتها تتقسّم إلى أربع أراضي متفرقة ومنزويّة، فقد البشر ذاكرتهم، وصار السبب طيّ النسيان.
بعد قرون عدّة، وفي عصر نهضة الممالك الأربع: دادان، كونكورديا، هونشو، شاكتي. انتشر...
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
" سأخذ استراحة! "
هتفت أوار ثم ذهبت لتجلس على طرف أحد الأخشاب المُلقيَة على ضفاف الطريق، تراقب العاملين يكدحون بحماس في وسط السوق، ماضين ذهاباً وإياباً. لقد اقترب موعد المهرجان، فما كان على ميعادهِ غير أقل من اسبوع. تزيَّنت المدينة بالأوراق الملونة المعلقة على أسقفة البيوت، و الزهور المتنوعة الموضوعة في أوعيةٍ مخصّصة، والمحلات التي فتحت أبوابها مع وضع طاولات للتقديم خارجاً لإبراز بضاعتها، فالمهرجان ايضاً فرصة للترويج حيث أن سكان القرى المجاورة يأتون للمدينة لحضور الأحتفال. وقرّر العاملين بعدما اقترح أحدهم تحت إشراف العمدة ببناء منصة خشبية اكبر من التي اعتادوا عليها في ساحة السوق، جزء مخصّص لأصحاب الشأن وجزءٌ للعرض، و المساحة الباقية للحضور، ونال الأقتراح إستحسان العمدة كثيراً. هكذا نبضت عروق المدينةِ بالصخب و الحماس و العمل الدؤوب، وحتى محل الغسيل الأشهر في المدينة، جينت دي ماري، حضَّروا طاولة مستطيلة أمام محلهم، وعلى الغير المتوقع، قرّروا انهم سيقدمون الشاي أثناء الأحتفالات، كنوعٍ من كسر الرتابة اليوميّة ولخدمة الوفد القادم. وكانت شيزو هي المشرفة، بينما تقف بشموخ، تضع يداً فوق الأخرى بتكتف، وتراقب عمل اندا التي تصدر أصوات صريرٍ من فمها، لتحرّرها وتنوح اخيراً.
" نحن محلٌ لغسيل الثياب، لا افهم.. ما شأننا في هذا! ثم إنني لا أبرع في صنع الشاي! "
" من حينٍ لآخر يجبُ على المرءِ تغيير مساره من أجل رحلة التطور "
قالت شيزو بإيجاز ثم أخذت ترتشف من الشاي الذي صنعته اندا، توقفت قليلاً تعقد حاجبيها، لتُهَمهم بنظرة ناقد مُتمعن.
" انه لذيذ، لم اتوقع، ولكنكِ أكثرتِ من وضع الأوراق قليلاً، صارَ طعمه مُرّاً "
" كفي عن الهرطقة، فعلت هذا تحت الإجبار! "
رمَت اندا المئزر، وتوجهت -دون أن تفكّر مرتين- نحو العمّال كي تساعدهم على نقل الأخشاب للجزء المُتبقي للمنصة في الساحة، رمقوها بإستغراب، إلا انهم لم يمانعوا يداً مفتولةً إضافية. ابتسمت أوار وهي تشاهد ما حولها بعيون لامعة.
" سأشتاق حقاً.. لهذهِ المملكة "
همست، ما زالت غير واثقة في قرارها، لكنها تعلم انها لا تستطيع البقاء فقط في مكانها دون حراك. وغاسق، غاب منذ ذلك اليوم، وكانت لا تشعر بحضوره مطلقاً، حتى أن الخاتم في سبّابتها بات خفيفاً جداً، وملمسهُ بارد مِثل معدن صدِئ، ليس بحرارتهِ ولا وميض حجر الكهرمان الذي اعتادت عليه. بَسطت اصابعها أمامها وغاصت بتفكيرها. بما انه مارد مربوط، و استطاع الذهاب بأمرها، ألا يعني هذا إحتمالية شيءٍ آخر؟ ربما هنالِك نقطة ضعف للتعويذة التي أُلقيَت عليه، قد لا تكون بتِلك الجسارة ويسهل فكها طالما انها ليست بمقدور المارد ذاته. قلّبت إحتمالية الفكرة بعقلها، تحدق لنور الشمس وهو ينعكس على خاتمها. وعلى مدِّ بصرها، استطاعت الإحساس بايف تحدق ناحيتها بينما تعمل على طاولة محلهم المُمتدّة، وما إن اتصلت ابصارهما، حتى ابتسمت ثم أشاحت نظرها بعيداً على الفور. سَرَت قشعريرة طفيفة على بشرة أوار.