استراح العمدة ويلسون في مقعدٍ ضخم من المقاعد التي تم إعدادها مؤخراً في المنصة الخشبية المرتفعة، وبجانبه أخرى مصطفة، يجاوره القائدان تازيا وبالدوين. تفحصت عينه الوحيدة المكان حوله حيث يزدحم الناس في السوق، منهم من هو مشغول بتفقدِ الأسعار التي انخفضت بهذهِ المناسبة السعيدة، ومنهم من يترقب الوفد القادم بنفاذ صبر، و الآخر يُلقي التحية، كالزائرين من القرى المجاورة الذين يهتفون حالما يرونه، و الأطفال المتحمسين أسفل المنصّة بجانبه، أصغى لحديثهم بإبتسامة خافتة مُرتسمة على شفتيه.
" انه العمدة! هو من انقذنا من الباطِش كيدنس! "
تحدث طفل وهو يرفع عيناه اللتان تَتلألأن ناحيته" أتعلم؟ يقولون أن سيفه يصدر طاقةً خضراء من شدة قوته! "
" مستحيل.. كيف يفعل هذا؟ "
" اريد ان انضم لمعسكره حينما اكبر كي اشاهده يفعلها! "
ابتسم قبل أن يجذب قميص صديقه بفكرةٍ مُندفعة
" ما رأيك أن نطلب منه؟ ربما يرينا "" هاه؟ مُحال! لن افعلها! "
" ولكننا أتينا من قرية بعيدة.. اريد أن اراه.. "
أطل العمدة من مكانهِ المرتفع ناحيتهما
" مثل هذا؟ "
قال، ثم أشع اصبعه باللون الأخضر، ليحركه بشكلٍ دائري ويختفي تحت ملامحهما المصدومة، صرخا عالياً، اما هو فعاد لوضعيتهِ الأولى، وكأنه لم يفعل شيئاً." كم تُحِب اندفاع الشباب، يذكّرانك بنفسك، أليسَ كذلك؟ "
همس نحوه تازيا، وهو يتكئ على حافة المقعد" تمُر بي أطياف الأيام الخوالي "
أجاب ويلسون، وثبّت بصره للأمام" خلال حياة الإنسان وعند تقدمه فيما يصبوّ إليه، تمُر به احياناً لحظاته الأولى، ما كان عليه، وما صاره "
" وشتّان ما بين الأثنان "
تدخل بالدوين في حديثهما وهو يمسّد طرف شاربه المقوّس مبتسماً" على كل، أين هو راين؟ هل نسى كونه قائداً؟ "
قهقه تازيا" ذلك الفتى.. رقصة الأفتتاح ستكون بعد قليل "
من على جانب آخر، ترك راين المعسكر، ومضى بهيئته المُزدانةِ بالوشاح الأسود الطويل، ودروعه التي حاوطت منكبيه وصدره مع سيفه الأسحم المثبت على خاصرته ذو مقبض النمران، امتطى خيله، ورفع علم المملكة ذو شعار الشجرة مُمتدة الجذور للأسفل، وخلفه افراد فرقته الخاصّين، يقودهم نحو موقع التجمع في السوق. في الفترةِ الأخيرة، بات أمر المعسكر يشغله كاملاً، ولا يعطيه مجالاً لشيءٍ غيره، وحتى وقتاً لواجبه الأول و الأسمَى، الواجب الذي لا يجب أن يفنى او تذرُه الريح العابثة. شدَّ لجام خيله و استدار مواجهاً فرقته.
أنت تقرأ
ممالك باسقة
Fantasyحكاية تقع في غابر الأزمان، بعد أن كانت الأرض واحدة ومتشابكة، حدثت كارثة عظيمة، جعلتها تتقسّم إلى أربع أراضي متفرقة ومنزويّة، فقد البشر ذاكرتهم، وصار السبب طيّ النسيان. بعد قرون عدّة، وفي عصر نهضة الممالك الأربع: دادان، كونكورديا، هونشو، شاكتي. انتشر...