عودة إلى الماضي، قبل سنوات عديدة، في مملكة هونشوفي أروقة القصر المُمتدة و المظلمة، أومض البرق ونشر ظلاً عملاقاً على الجدران حين عبَر الأمير مستعجلاً، يسحب الرداء الطويل الملتف حول جسده وراءه، بعد أن جاء من قصر الحاكم المجاور لقصره الخاص، وخبر ولادة زوجته انتشر في الأرجاء. ما إن وصل، قابلته الطبيبة الملكية عند الباب، و انحنت بخفة تحييه.
" مبارك لك سموّك.. انه فتى "
قالت، رفع عدستيه الزرقاوين، وخلال ظل الباب الورقي، أبصر زوجته وهي تحمل طفلاً بين ذراعيها، وخصلات شعرها تبعثرت بتعب. دفع الباب بكلتا يديه إلى الجانب، وتقدم يبحلق بالصغير، ورغم انه رضيع، فقد كان هادئاً جداً. تصاعدت ابتسامته وهتف مع إنسلال هزيم الرعد.
" اودن.. اودن هانزونو! "
هذا الذي سيحمل الخلافة من بعده. ولم ينتظر، أعلم الحاكم عن ولادة ابنه، تحت نظرات أخيه الأكبر، ورغم انه لم يتفوه بشيء او يبارك له، كانت نظراته الحانقة واضحة؛ فوالدهما، الحاكم، افصح عن أن الخلافة ستكون للأجدر الذي سيجلب له حفيداً ويجعل نسله مستمراً، وليس للأكبر. فسبق الإبن الأصغر شينجي، أخيه الأكبر تسوكاسا، و انجب ابناً يرثه، رغم ذلك، بسبب الضغط الكبير الذي سببه لزوجته، و أوامره المتسرعة لإرغامها على إنجاب المزيد من الأبناء له، توفت في ولادتها الثانية، وتركت ورائها طفلا وحيداً لم يبلغ عامه الثاني بعد. هكذا، بدا أن وعي الأمير شينجي عاد له، و اشفق على حاله وحال ابنه الصغير، فجلب مربيةً ترعاه، وقرّر أن ينغمس في أمور الحكم مع أبيه ويسانده، متأملاً في نسيان ما حدث. لم يقضي الكثير من الوقت مع ابنه، كان يراه في القليل من الأحيان عندما يزور قصره للراحة. كبر اودن وقد كان طفلاً هادئاً، لا يشكو من شيء، ويفضّل قضاء الوقت لوحده، ممّا سبب المشاكل للمربية جو التي كانت كثيراً ما تطوف زوايا القصر بحثاً عنه بهلع. وفي النهاية، تجده بالقرب من الحديقة التي تقع بجانب قصر الحاكم مباشرة، يتأمل زهور العنكبوت الأحمر القرمزية.
أنت تقرأ
ممالك باسقة
Fantasíaحكاية تقع في غابر الأزمان، بعد أن كانت الأرض واحدة ومتشابكة، حدثت كارثة عظيمة، جعلتها تتقسّم إلى أربع أراضي متفرقة ومنزويّة، فقد البشر ذاكرتهم، وصار السبب طيّ النسيان. بعد قرون عدّة، وفي عصر نهضة الممالك الأربع: دادان، كونكورديا، هونشو، شاكتي. انتشر...