(3) في كونكورديا

868 75 132
                                    







في تلك المملكة يانعة الخضار، ارتكز قصرٌ مهيب على جبل شاهق الأرتفاع، تحوّطه الأشجار و الغابات من جميع الجهات، و أسوار ضئيلة استدارت حوله كما الأفعى. علو الجبل جَعل منظر المملكةِ من تحته كتناثر الرمل إلا من جبال مُماثلة تبعثرت في الأرجاء. ارتكز مسار معبد طويل يشقُ طريقه من أسفل الجبل إلى الأعلى يستخدمه الأشخاص المصرّح لهم فقط كالخدم و الحرّاس، اما بالنسبة للعائلة المالِكة، فـهم لا يتركون القصر ابداً؛ هناك اسباب تبرّر ذلك و أبرزها الحماية.

عائلة رومولوس الملكية لمملكة كونكورديا.

افراد العائلة و الذين يقبَعون بالقصر في الوقت الراهن يتكونون من الحاكم ألفيس دي رومولوس، و الأميران التوأمان ايف و ايفان اللذان يبلغان الرابعة عشر.

" اخي.. تستطيع فعلها! اهزم راين! "

هتفت الأميرة ايف، بينما تجلس على طاولة مستديرة مملوءة بالكعك و الحلوى و في يدها النحيلة حمَلت كوب الشاي. خلال ذلك صَدح صليل السيوف التي اتحدّت في بعضها، و رمق الأمير حارسه الشخصي الذي يبارزه.

" لست نداً لي "

ابتسم الحارس راين و شعره الأسود تمايل مع الرياح، ثم و بحركةٍ سريعة اسقط سيف الأمير و ارتكز نصله على رقبته.

" اوه.. لقد نسيت رقم الفوز "

تحدث راين مبتسماً بسخرية، ليتنهد ايفان و يمدّد ذراعيه بالهواء مُتعباً، ذهب لإلتقاط سيفه واضعاً إيّاه بالغمد الذي تعلّق بخاصرته، ثم توّجه ناحية اخته ليسحب الخدم له مقعداً، خلالها تبعه الحارس كالظل و ارتكز بالخلف مع بقية الخدم.

" أنت تعلم كم أمقت مثل هذه الرسميّات التي لا تنفك عن فعلها "

" ليست رسميّات "

وبعد أن شاركهما الطاولة مُجبراً تحت الضغط، تبادلوا ثلاثتهم الأحاديث الصغيرة حتى ابتسمت الأميرة ايف و همست
" أتعلمون.. اظن انّي سمعت شيئاً مثيراً للأهتمام ولن تصدقوه! "

" ما هو؟ "

اقتربا منها، فلم يتضح غير ثلاثة رؤوس مُنكبة على الطاولة بإهتمام، تنهد الخدم الذين وقفوا بعيداً، مثل هذه المشاهد للأميران وحارسهما لا تُبشِر بخير؛ وقد اعتادوا عليها.
ولِدا التوأمان في ليلة مكتملة القمر في شهرٍ صيفيّ، لملك و ملكة متحابّان، إلا و انه بعد ولادتهما ساءت حالة الملكة و مرضت، لذلك لم تستطع العناية بهما و سافرت إلى الخارج، تحديداً إلى مملكة: شاكتي.
عرفت مملكة شاكتي بتطوّر التقنيات و العلم لديهم، بعكس مساحتها الضئيلة إلا انه لا يُستهان بقوة علمها وعلمائها.
منذ ذلك الحين، ترعرع التوأمان دون أن يعلمَا من هي والدتهما او أن يريانِها، وكُلّما راودهما الفضول لسؤال والدهم، كان يُزيح وجهه ويغرق في التفكير، لذلك تجنّبا ذكر الموضوع، وشعرا انه يجرحه بطريقةٍ ما.

ممالك باسقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن