في قلب مدينة كيليوس الكبيرة، الواقعة في مملكة كونكورديا، نشأت إحدى الحانات الشهيرة المدعوة بآل فيتال، بمبنى خشبي كبير، وطاولات عديدة متفرّقة للتقديم. تصاعد صوت دخول وخروج الزبائن عبر الباب الصغير المُنفصل الذي يُصدر صريراً، وتكدّس فرسان عند طاولة قرب البائع. تجرّع الفارس الأشقر كأسه، ثم صفقه يُنزله وهو يزفر بعمق، تكوّن إحمرار طفيف عند وجنتيه، وتمتم." كان من المفترض أن احتسي هذا الشراب عند انتصارنا.. لكن ماذا حدث؟ آآه ماذا حدث؟ "
تمايل ثمِلاً مع حديثه، وتساقط شعره على عينيه، ثم أكمل يسكب المزيد في كأسه مفرطاً في الشرب. وعندما تنبّه أن زجاجته انتهت، تسللّت يديه لإنتزاع زجاجة من يجاوره، إلا أن لكمةً على رأسه أوقفته، صرخ.
" هل جئت لتقاتلني يا كيدنس؟ اخيراً.. لقد.. لقد كنت في انتظارك! فأنا لم اترك عدوي طليقاً ابداً.. في الحقيقة.. فعلتها في حالات نادرة فقط، لكني لا افعلها بالعادة.. نعم! سأنتقم لوقتي الضائع في المراقبة أيُّها الحقير.. ثم.. احتسي شرابي بإستمتاع! أتعلم! بسببك لم- "
بتر حديثه لكمة أخرى، فصاح مجدداً، وتشبث بمن في جانبه، وهو يشفط ما في أنفه المحمر.
" راين.. إن كيدنس هنا.. لكمني عندما أردت سرقة شرابه.. لم أعلم انه بخيل ايضاً! يا للعار "
" في الحقيقة راين هو من فعلها "
تحدث ايميليان بهدوء، وكأسه متموضع بين أصابعه الطويلة، يحتسيه. لكن سكونه لم يدم كثيراً، فافترش الطاولة يخفي ملامحه بشهقات متقطعة.
" أنا فاشل.. لم امسك به.. "
كان راين يتأمل الفقاعات التي تكونت أعلى شرابه بلا هدف، تبرز، ترتطم، وتفرقع. حاول تجاهل نواحهما، ليتنهد في النهاية بقلة حيلة.
" هل عليّ أن أوصلكما للمعسكر بنفسيّ؟ "استدار توليو، يمسح على موضع اللكمات
" لا داعي.. اوصلنا إلى منزلك الذي تقطن فيه تلك الجميلة- "
أنت تقرأ
ممالك باسقة
Fantasyحكاية تقع في غابر الأزمان، بعد أن كانت الأرض واحدة ومتشابكة، حدثت كارثة عظيمة، جعلتها تتقسّم إلى أربع أراضي متفرقة ومنزويّة، فقد البشر ذاكرتهم، وصار السبب طيّ النسيان. بعد قرون عدّة، وفي عصر نهضة الممالك الأربع: دادان، كونكورديا، هونشو، شاكتي. انتشر...