تتالت الطرقات على الباب لتقوم "جولييت" بفتحه لتتصمر مكانها مع تلألأ أعينها بالعبرات وعجز فمها عن نطق الكلمات.. مدت يداها المرتجفتان حاضنتا أبنتها التي لم تكن أفضل حالا منها.. لتذيبا شوق سنين مرت.. همست قائلتا أمي عديد المرات وكأنها تسترد لذة تلك الكلمة لتخر باكيتا في أحضان والدتها تستنشق عبيرها الأخاذ.. اشتاقت لها ، لأحضانها ، قبلاتها، كلماتها وحتى معاتباتها و قسوتها
(آه يا صغيرتي، كم افتقدك لما اطلتي الفراق، أ لتحرقي فآدي ببعدك..)
(آسفة امي، لكن ذلك ما توجب علي فعله لأسترد حقي)
(أ هو بالداخل؟)
(نعم، لتتراجعي أرجوكي أنا اخاف الآتي بشدة.. ماذا ان تأذيتي..)
(امي أنا لم أعد مارينا السابقة قد غدوت أقوى مما تضنين)
(سأطلب منك شيئا واحدا و هو ان تنتظريني في تلك السيارة رفقة كاترينا)
(لكن ا..)
بترت كلماتها عندما لمحت نظرات ابنتها المترجية لتتتوجه نحو السيارة..
(مرحبا خالتي ,كيف حالك؟)
(أنا بخير صغيرتي شكرا لسؤالك)
(مرحبا خالة أنا نواه لا أدري ان كانت مارينا حدثتك عني)
(لقد حدثتني عزيزي و أنا أقدر مساعدتك لمارينا شكرا لك..)
(لا داعي لشكر مارينا اختي و أنا اكن لها حبا كبيرا )
أومأت له مبتسمتا لتظل تدعو بألا يصيب ابنتها مكروه..
(مرحبا.. أبي.. ) أردفت بنبرة غزتها السخرية لكن لم يتخللها أي ضعف، ألم أو انكسار كما اعتادت.. كانت تقف شامخة ترمقه بنظرات حادة تعبر عن مدى غضبها لتضيف..
(أ فاجئك وجودي ؟ لم تنبس بكلمة ، لم تصرخ ، لم تشتم أو تضرب.. أ أنت على ما يرام أبي العزيز؟! ) فلتت منها ضحكات متتالية.. ضحكات لم تعرف أ هيا لنصر حققته أم لحقيقة تنكرها ستكشف على يد مجهول
(لم تموتي اذن ، لم تغربي دون عودة.. )
(لم أفعل ، أ يعقل ان أتركك أبي العزيز )
(لم أتيتي ، أتردين أن احبسك أو ابرحك ضربا؟ فلتنطقي )
(أنت تعرف جيدا ما أنا عليه و إلا ما كنت إنتضرت ثانية حتى لتقتص مني فلا داعي لتهديداتك الفارغة يا هذا)
(فلتغربي لا أريد رؤيتك ثانية عاهرة.. لم تستحقي تضحياتي من اجلك) قالها صارخا ليخفي عجزه أمامها.. وقد قوبل بلمحه بسمة باردة احتلت وجهها لتردف إثرها
(لن يكون رحيلي بهذه السهولة سيد "ريتشارد" أولا عليك تطليق والدتي ، ثانيا ستدع أختي و شأنها لتذهب للعيش معي ، ثالثا لن ألمحك مجدادا جواري أو جوار أحبتي وإن كان ردك الرفض فلتعلم أن ما بحوزتي يمكنه إدانتك لتقض بعض سنوات عمرك في السجن..)
زج على أسنانه لتبرز عروقه معبرتا عن غضبه لاكن ما باليد حيلة أمام هذه الفتاة.. لم تسمح للأعاصير بكسرها بل و استمدت منها طاقتها لتغدو أقوى و هاهي تحقق مرادها..
طأطأ رأسه ليقول بصوت يكاد يكون مسموعا
(أنا موافق)
زينت البسمة محياها.. عمل سنين ، آلام أعوام و بكاء ليالي لم يذهب سدا.. ها هي تنال انتقامها لتغمر السعادة كيانها...
اتجهت نحو السيارة بخطوات ثابتة و قوية ترمز لأهمية صاحبتها
(انتهى كل شيئ امي ، غدى مجرد ذكرى كاترينا أخيرا لا أصدق )
(مبارك يا جميلة نلت رغبتك) قالها "نواه" حاضنا اياها
(مارينا لقد انتهى ، انتهى بالفعل ، مبارك عزيزتي تخلصت من عذابك) أردفت "كاترينا" بأعين دامعة متأثرة لما مرت به صديقتها طيلة سنين.. فقد كانت الشاهدة على مأساتها و السند لها طيلة الوقت..
احتضنت "مارينا" أختها قائلة
(لا أريد رؤيت الدموع بعد اليوم فلتزيليها )
اومأت لها مبتسمة لتنقل "مارينا" نظراتها لوالدتها التي كانت ترمقها بأعين منكسرة ، متأسفة و نادمة
(امي ليس وقت الندم , لقد غدى كل شيئ في الماضي.. لتفرحي )
(آسفة بنيتي ، أنا آسفة كان بإمكاني انهائه منذ أمد.. )
(لا عليك أماه قد انتهى على أي حال.. فلتبتسمي ارجوك انسي ما حدث.. )
(معك حق ، كله اصبح ذكريات و حسب..)
تعانقتا متناسيتين الماضي الأليم و متأملتين الحاضر المبهر ليخف حمل قلبيهما متحررا من قيوده...___________________
أتمنى أن ينال الفصل إعجابكم.. لازلنا في البداية و حسب لذا الفصول الأولى قصيرة ستشهدون على التغير في الباقي كما أنه ستوجد عديد الشخصيات الأخرى فقط إنتظروا..
إلى اللقاء يا أفضل قراء❤️
VOUS LISEZ
نور من الظلام
Historical Fictionعندما ضنت أن آخر شمعة أمل في حياتها أوشكت على الذوبان و أن خيوط الشمس التي تنير روحها إنسحبت إلى الأبد مخلفة خواء و بردا موحشا قد أبصرت يدا صلبتا ممتدة من خلف بوابة الأقدار المتلاعبة , يدا إنتشلتها من قعر دوامتها كي تبصر نور الحياة من جديد