الفصل 17 : المسؤولية الأولى

14 2 5
                                    

💫إصفع من يوريك لطفه بعد زوابع قسوة
هو لم يفعلها شفقتا و حنانا بل إستفزازا
و تلاعبا... 💫

____________________

لطالما كانت مشاعر الأخوة من أسمى و أهم المشاعر فإن صدقت وجدت حنانا يحيطك , أمانا يملأ جوفك , ثقة لا تهتز و لا تهز ، تلك الثقة التي تهمس داخل أذنك في كل مشكلة أن سندك موجود.. لن يفلت قبضتك و لو إنقطعت يداه ، سيتشبث بك بكل جوارحه...
جميعنا ندرك أن الأخوة لا تقاس بالسن لكن هذا لا يعدم حقيقة السند الذي يكون عليه الأخ الأكبر عادة هو الأب و الأم الثانية لأخيه الأصغر ... إن أول شعور له بالمسؤولية لايكون تجاه أطفاله بل أخيه , يحتضنه كأنه إحدى أضلعه ، يتغذى على لمعة عينيه بعد تلقيه لإحدى هداياه كما ينكسر لنظرة الحزن في حدقتيه و كأنما سلب أحدهم راحته و إستقراره فتجده يسارع بإيجاد حل يظفي السعادة في قلب أخيه فينعم هو بدوره بذاك الشعور الساكن الذي يعتريه ، شعور بأنه كان محل للثقة ، عونا في وقت الشدة و أول الشاهدين على لحظات سرور ذاك الطفل الجميل...
أ تعلمون قيمة سعادة أم بحمل مولودها الأول جازمتا أنه لن يذرف دمعتا بسبب خوفها المفرط ، تحكمها المقية أو قيود العادات و التقاليد؟؟
أم سلبت نور طفولتها و حماس شبابها بسبب أب جاهل متغطرس خائن و أم حرمها المجتمع من إلقاء كلمتها لافا يديه المشؤومة حول عنقها يأسر صرخاتها...
هكذا كانت سعادة كاترينا بولادة أختها الصغرى.. أقسمت أن تعطيها من صحتها ، مالها و وقتها ، بل أخذت عهدا على ذاتها أن تنذر نفسها لقهقهة من فم تلك الملاك ...
حسنا القدر لم يكن بمنصف كثيرا بل كان ظالما مقيتا ، لم يسمح لها برؤية الحياة من الجانب المشرق آسرا إياها في قبو ظلامه .. سرق منها أمالها و ضحكتها التي رسمت داخل دوامة البؤس بصعوبة ليكون مصيرها التلاشي عبر الزمن ....
مهلا ربما لم يكن ظالما كثيرا فقد رفع ستاره قليلا يريها مكان الشعاع يدلها على طريق الأمل يمنيها بهدية ستكون كالبلسم لجراحها ..
لنسحب ربما تلك رجاء ، هو لم يكن لطيفا بفعلته تلك بل حقيرا ، مستفزا .. فقد شدد على إغلاق ذاك الستار مجددا ، أغلقه بسحب أختها الرضيعة من بين يديها بعدما منحها مجرد سويعات يتحدها بنسيان طراوة ملمسها و دفئ رائحتها...

..............................................

( لم يكن ذنبي صديقيني.. لقد أوهمني بموتك ، حقا لم يكن لي علم بارلونا ،
أ تصديقنني؟ لتقولي أي شيئ رجاء.. لي ساعات أفسر الوضع و لم تنبسي بحرف.. )
بالكاد أخرجت كاترينا تلك الكلمات من حلقها.. لسانها أصبح يخذلها بعدما تسلل الخوف و اليأس أكثر يحتلون عقلها... أمضت الكثير من الوقت جالستا حذو أختها على شاطئ البحر المكان الذي لطالما كان مصدر الطمئنينة لكلتا الأختين، نقطتهما المشتركة... لكن سواد البحر في هذا الظلام أخذ يضيق على كليهما محتلا روحهما بدل كونه علاجا.. لم تكن الأمواج تتسابق لترتطم بعدة صخور موجودة بل إرتطمت بجروحهما تثير الآلام أكثر.... اللعنة على أب مثله ، اللعنة على كل من كان سببا بل اللعنة عليها لأنها صدقت وغدا مثله و لم تبحث عن أختها ...
أيهما يأن قلبه وجعا أكثر من الثاني؟ أيهما قسا عليه القدر أكثر ؟ و هل يوجد مخطئ بينهما؟
كلتاهما سهرتا ليال و أعينهما تدمع ، تذر الدموع الحارة لعل نيران فؤادهما المندلعة تخف ولو قليلا... هو جعلهما تتألمان بل تحتضران على شواطئ البحر محملين المياه صرخات و نحيبا لا يسعه...
لا مجال للمقارنة بين حريقهما البارد و صراخهما الصامت... أ و يوجد مقارنة بين بركان و بحر ، بين شمس و قمر ، بين ليل و نهار؟ أيوجد ما يسمى بالمقارنة أساسا؟؟ هو مجرد مصطلح أحمق أخترع ليفضل شخصا على الثاني خادشا الآخر في العمق بعدما إستهان بمشاعره مهينا معتقداته.. لذا لا معنى للمقارنة منذ الأزل.. لكل كيانه ، لكل بصمة نجاحه و لكل وصمة عاره ...
لكلتا الأختين بصمتهما الخاصة ، لكلتاهما جانب مظلم و لو سطع نورا ... كل يحمل في طياته حروف تخيط قصة بؤس... فلا عالم دون ندبات أثرها لا يمحا ...
أعطيني عينيكي لأرا الموقف لكن من نظرة ثانية أو خذ عيني لآخذ من عينيك نظرة ثانية بالكاد هكذا يدرك الكل نصوص الثاني التي لم تكتمل كلماتها...
صمت العروس و لمعة أعينها بعد دقائق من إعلان زواجها بحبيبها هو صمت كاترينا بعد بضع الحروف التي إلتقطها فؤادها قبل أذنيها... لا، لا.. سعادة العروس حتى لا تضاهي مشاعرها المتفايضة...
" أختي " هذا ما نبست به تلك الفتاة بأعين مترقرقة و صوت مرتجف لتكون كلمتها الفرمان الذي أباح دخولهما في مسابقة أي تملأ نهرا جافا الأولى... لو قلت أن عبرتاهما بللتا كل قميصيهما لكان قليلا بحق دموعهما المنهمرة.. في سكون الليل و ضوء القمر سمع صوتان فقط، أمواج البحر الهائجة كأنها تحتفل بلم الشمل و نحيب قلبان تباعدا يوما ليربطهما القدر مجددا ،فقط بشكل أقوى من أن يفرقهما أي لعناء الأرض...
أشرقت الشمس أخيرا و سكن البحر لسعادة أختين تنعمان بسلطان النوم داخل أحضان ببعضهما ...

🌅🌅🌅🌅🌅🌅🌅🌅🌅

( سابقا كنت طفلة، لن تدركي معنى كلمة لقيطة لكنك تفعلين الآن ، أ ليس كذلك؟ ) وجه "أنديه" تساؤلاته تجاه "آن"
( نعم أعلم أساسا لم أجد معنى لتصرفاته سوى أنني لست إبنته )
( أ كنت تدرك ذاك ألكس؟ ) من نبس بالإستفسار هذه المرة كانت "مارينا"
( لم أعلم بدايتا جميلتي , قد ترك لي رسالة عند عودتي يحاول تبرير سبب أفعاله بكون أمي خائنة و آن ليست أختي الشقيقة أساسا، ولم أستطع مواجهته بسبب إختفائه من قبل رجوعي حتى ، حاولت البحث عن الأمر أكثر و قد كانت كل الأدلة تشير لصحة كلامه بشكل مريب و كأن العالم إجتمع ليبرهن أقواله )
(حتما يوجد ما لايزال مخفيا و علينا معرفته ، لو أنني أتذكر معنى تلك الكلمة و الدمية اللعينة )
( ستتذكرين حتما فقط لا ترهقي ذاكرتكي فيعود الأمر بالسلب ، ليأخذ كل منا قسطا من الراحة ) أنهت آن كلماتها لتستقيم متوجهتا نحو غرفتها رفقة نواه و قد ماثلهم الجميع عدى ثنائينا الفاتن

( أ نذهب ؟ )
( أصبحت تدرك موطن راحتي أكثر مني
أ يجب علي الخوف ؟ )
( فاتنتي لا تخاف شيئا أ ستخاف مني ) ضحك كلاهما قاصدين وجهتهما

..................

أ تعلم هذا كان ثاني ركن أشعر فيه بالأمان ، قضيت فيه عديدا من ليالي الموحشة أشكو له همي و يتلقى هو دموعي بصدر رحب ، حقا غرفة السطح هذه إحتوتني كما لم يفعل أحد..
كانت تسترجع ذكرياتها جالستا على سيقان "ألكس" و ضهرها مرتخ على صدره بينما كان هو يمسكها من خصرها راسما باليد الثانية خطوطا عشوائية على بطنها جاعلا إياها ترتاح أكثر
( لم تعودي بمفردك فاتنتي.. تعلمين إني بت بئر أسرارك ، موطن أمانك ، ملاذك من الدنيا القاسية و ينبوع سعادتك .. )
أدارة وجهها ناحيته تتأمل اللوحة التي بين يديها ..حسنا شكليا هي التي بين يديه فقط لا علينا لنركز على الأهم.. فقد سحبته أكثر نحوها ليلتحما شفاههما في قبلة أقل ما يقال عنها مثالية ، مثالية كتمام البدر في الليالي العاتمة ، عميقة كالمحيطات السحرية ، شاعرية كأغنية كتبت من ألام أحدهم ثم فاتنة كالمرأة التي بين يديه.. كانت تشكره بطريقتهما الخاصة.. أجساد متطابقة ، أياد و أفواه مشغولة و الأهم أعين بمشاعر عميقة و لمعة ظاهرة... قلب الوضع ليمددها على الأرض معتليا إياها و في اللحضة التي إمتدت أنامله ناحية مفاتنها همست بصوت متثاقل ليس بالرغبة بل بما هو أهم و أخطر..
" أبوليان "
لتتيبس أنامله فوق خصرها متراجعا بوجهه للخلف فاصلا قبلتهما يرمقها بحدقتين قاتمتين ، هي تدرك أن نظراته الآن ليست بمبشرة بتتا ، قد نطقت إسم رجل آخر بينما كان يقوم بوضع صكوك ملكيته عليها ...

________________________

مرحباا يا رفاق ما رأيكم بقفلة الفصل ؟؟
أتمنى أن تكونوا بخير كما أتمنى أن تثبتوا وجودكم فقد بات هذا الصمت قاتلا🙂
نلتقي الفصل القادم وداعا❤️

نور من الظلامOù les histoires vivent. Découvrez maintenant