الفصل 14: إنكسار

24 2 2
                                    

ما أبشع ظلمة الحياة و ما أجمل القدر عندما ينيرها
...................................

كانت تراقبه مقيد ، منحني الرأس حالته شابهة المشردين ، أيام لم يرى النور...
أ تشفق أم تشمت ؟ هي حقا لا تستطيع تحديد ماهية مشاعرها ... أتبكي أم تضحك؟
هو بين يديها , أخذها لإنتقامها جد سهل لكن هي تشعر بأن داخلها شيئ يمنعها ، شيئ حاربت سنين لتقتله لكن بلا جدوى.. هي توهم نفسها أنها نجحت وحسب.. قد كذبت و صدقت .. لكن لا مهرب من الحقيقة..
تمقت شعورها بالحزن على حالته.. حتى و إن كانت مشاعر شفقة لا حزن إبنة تجاه والدها، فهي لا تحب ذلك بتاتاً...
( أ سيدوم تحديقكي بي طويلا؟)
( لماذا؟)
فقط لماذا ؟ لما لم يحبها ؟ لما تركها ؟ لما أهملها؟ لما كان سيئا؟... لما..و لما؟؟
( لم أحبها يوما فلما سأحب قطعة منها )
( لماذا؟)
كانت ترددها بأعين خاوية لم تحمل لوما حتى..
( كانت مجرد صفقة عندما مللت تركتها)
( لماذا؟ )
( إمتلكت حبيبة بالفعل )
( أين هي الآن ؟ )
( تركتها )
(لماذا؟ )
( لما ؟ لما لا تحمل مشاعر ، لما أنت متصلب ، لما كل هذا الكره و لامبالاة ، لما منحتني أملا في وقت ما ، لما حطمتني ، لما تركتني دون سند ، لأنك لست ببشر أنت تماثل الآلة.. أكثر ما تحب هو نفسك و ما تؤمن به هو المال و حسب..)
( أ إنتهيتي ؟ )
هكذا و ببساطة لم يعرها أي إهتمام.. كعادته كان يشعرها بالنقص و أن لا قيمة لها لكن ليس بعد الآن..
تقدمت ناحيته بخطوات بطيئة و هادئة لتنحني قليلا تقابل وجهه تنظر داخل عينيه تمحي الخواء ليحل مكانه قوة ، ثقة و صدق
( أنا أكرهك )
إستقامت تحدث صوتا بأصابعها ليدخل رجل ذو بنية ضخمت يحمل بيده مسدسا.. سار ليقف جوار "كاترينا" يحني رأسه محي إياها
( أنت تستحق الموت ، كما قتلت المشاعر داخلي و كما قتلت أمي قهرا ستموت.. ستموت و عيناك صوبي أشاهد زوال لطخة حياتي)
فتح عينيه على مصرعيهما لا يصدق أن الحال وصل بها لهنا.. هو يدرك أن كرهه من حقها.. وحتى تعذيبه.. لكن قتله هذا لم يخطر على باله حتى..
قبل أن ينطق بأي كلمة كان الحارس يوجه مسدسه نحوه يستعد للإطلاق ليصرخ سريعا
( أماريتا )
أمرت الحارس بالخروج و حالا ، لتتيبس قدميها لا تكاد تشعر بوجودهما.. كان الحزن و الألم يحاوطان قلبها.. لمعة إنكسار سكنت أعينها الساحرة و مرارة إكتسحت حلقها.. كانت تستمع لرنات ضحكاتها و برائة كلماتها إجتاحت عقلها.. رفعت عينيها تخفي لمعة الإنكسار داخلها لتردف
( لما تذكر إسمها ؟ هي ميتة أ و تقلق حتى الميت في قبره ؟ )
قالت كلماتها بتعب باد لتنهيها بصراخ
( هي حية )
كلمة.. مجرد كلمة كانت كفيلة لتقلب حالتها كليا.. رمقته بأعين متسعة لتنقض عليه تضربه بلا طاقة ، كانت تصرخ تنعته بالكاذب..
سارع أندريه يفتح الباب يحاول إيقاف حركتها يردد إسمها بقوة.. ليصرخ أخيرا يشل حركتها..
كانت كالطفل التائه بين يديه لا تفقه شيئا.. هي لا تريد تصديقه ليس لكرهها لأختها بل للفراغ الذي ستستشعره إن كان كاذبا ، كان وضعها يزداد سوءا بين يديه.. أزاحت عينيها الحائرة عن أعين والدها المقيتة لتوجهها صوب "أندريه" تجعل من نظراتها مترجية و ملحة أن يروي حيرتها إما لتصبح يقينا يكذب والدها فلا تغوص في محيط أمالها أو أن يؤكد كلامه ليحدث تغيير شامل على مسار عقلها ، قلبها ثم حياتها برمتها..
لم يشئ أن يتركها تنازع الألم وعديد المشاعر المتناقضة داخلها ليتأملها بأعين ترق تارة على حالها و تظلم تارة أخرى تتوعد للنذل تحت قدميه
( هي حية صغيرتي )
كانت جملة و حسب كفيلة لسحبها نحو دوامة ضاهرها سواد مخيف أما داخلها لا لون له فقط فراغ نتيجته مجهولة.. خرجت من أحضانه تتوجه الخارج كأنها جثة روحها غادرت تسبقها لتنتحب فوق سطح جبل عال يكفي دموعها المكبوتة سنين..
سارع بخطواته نحوها مخبرا الحراس بعدة كلمات قبل أن يستقل السيارة التي ركبتها هي بالفعل كانت في مقعد السائق تلف يديها بهدوء شابه هدوء منزل الميت بعد مغادرة الضيوف ساكنة ، خاوية و صامتة.. بينما جلس هو جوارها يرفض أخذ مكانها رغم حالتها التي لا تسمح لها بالمشي حتى فما بالك بالقيادة..
أرجع رأسه للخلف يتكئ على كرسي السيارة يرفض وضع حزام الأمان حتى.. قامت بتشغيل السيارة تنطلق بسرعة تتجاهل وجوده جوارها بينما قلبها متمرد على فكرها فبتواجده و رغم مقتها له حاليا هو يبث لها الأمان لتحرر الطاقة المتراكمة داخلها بجنونية.. كانت تزيد السرعة تدريجيا لتماثل صاروخا في السماء.. تصوب أعينها نحو الطريق بحدة لا دمعة حتى فقط سرعة ، لا عقل فالمشاعر هي ما تحكم الآن .. هي ليست واعية أساسا لكن ما يهم و إن ماتوا في حادث سير راحتها ، رغبتها و إن ودت بهما للسماء حقا ....

نور من الظلامOù les histoires vivent. Découvrez maintenant