🦋🦋الفصل التاسع والعشرون🦋🦋

6K 75 0
                                    

بعد تلك النزهة العائلية الرائعه عاد الجميع الى بيته
ليلًا.....
دخلت داليدا الى الحمام فور وصولها وظلت بداخله
لساعات بدل سلطان ملابسه وتمدد على الفراش بانتظارها....
خرجت داليدا تلف جسدها بمئزر الحمام الوردي
وتجفف شعرها بمنشفة صغيرة عندما ابصرته
جالسًا على الفراش يحدق بها بصمت بدأت تغمغم بكلمات عصبية غاضبة...ميز القليل منها بانها
تلعن الزواج والحب بالمجمل !...
يالها من ليلة طويلة مع المجنونة الثائرة...
نظر سلطان الى صورتها المنعكسة في المرآة بعد
ان وقفت أمامها تمشط شعرها رأى احمرار عيناها
السوداء وانفها من كثرة البكاء....
انكمشت ملامحه بحنق متمتمًا في جلسته
الممددة..
"انتي كمان اللي زعلانه وبتعيطي بعد الفضيحه
اللي عملتيها واحنا في الجنينة..."
جزت داليدا على اسنانها وهي تفتح كريم الترطيب
برائحة الورد المميزة وبدأت تدهن منه بهدوء ثم اجابت باقتضاب وهي ترمقه شزرًا..
"معلش واضح اني جرحت شعور ام اربعه وأربعين
بتاعتك....روح راضيها زمانها خدت على خاطرها جامد... "
تشدق سلطان بجزع....
"انتي عارفه ان الكلام اللي قولتي مينفعش يتقال
حتى لو صح... "
رفعت حاجبها للأعلى مدمدة بغضب....
"يعني انت عارف انها بترسم عليك...ومع ذلك سايبها
عجباك حركاتها الرخيصه..."
اعتدل سلطان جالسًا على حافة الفراش ثم استأنف بمنتهى العنجهة الذكورية...
"عارف وواخد بالي ومن زمان أوي....ولو كانت عجباني كنت اتجوزتها ياداليدا.....قبلك او حتى بعدك..."
نهضت داليدا من مكانها بنظرة شرسة صاحت
بتهكم مهاجمة.....
"بعدي !!!....اه انت بتحلم تكونش فاكر اني عشان
بحبك هبقا مكسورة الجناح بقا وهقبل باي وضع تختاره معاليك لا فوق انا زي الفريك يابابا مليش شريك ولو فكرت بس تجبلي ضرة هقتلك وهقتل نفسي بعدك..سامع ياخاين يابتاع الخوخ انت...."
"اعصابك يادودا... اعصابك...."مسك يدها يسحبها لعنده بعد ان وصلت اليه بخطوات عصبية مهددة
اثناء حديثها...
"ملكش دعوة باعصابي سبني...أنا تقول عليا شعنونه....أنا... وقال إيه وقعت نفسك ليه الوقعة
دي تجوز عيلة....انا عيلة يام صورم...."
ابتعدت عنه وسحبت منامة من الدولاب امام عيناه المراقبة لها ثم في منتصف الغرفة نزعت مئزر الاستحمام وبدأت ترتدي ملابسها دون حياء او تردد....
ام انها اعتادت ان يراها هكذا عارية تمام ام ان
غضبها الان عماها عن تلك النقطة...لا يعرف لكنه أحب الوضع جدًا وظل يحدق في تفاصيلها الانثوية بتأني واعجاب...
ورغم انها تمتلك جسد نحيف كعارضات الازياء الا
ان مفاتنها بارزة بصورة مغوية فاتنة...منتفخة
بصورة طبيعية تزيد من ابتلاع ريقه كل ثانية بتعب
وحرارة جسده ترتفع وهو يراقب انحناءها واهتزازها وهي تتابع بعصبية أكبر....
"هتموت وتبقا زيي..غيرانه مني....تعرفي تبقي
ضوفري حتى ياصفرة....."
تاوه سلطان بعد ان انتهت داليدا من ارتداء اخر قطعة على جسدها....فور هذا التأوه اقتربت منه
بقلق.....
"مالك ياسلطان......انت تعبان....."
نظر لها سلطان وشذايا عطر الورد الجوري تغزو
أنفه بقوة مهلكة فؤاده..اما عينيها السوداء فهي
الأفق الواسعة التي يجوب داخلها دون كلل
او ملل......
عندما طال صمته وضعت يدها على جبينه
بتلقائية وقلق أكبر...
"انت سُخن.....شكلك بردت ولا إيه...."
مسك سلطان يدها فجأه قائلا بحرارة..
"انا سُخن فعلا ماتيجي ننسى اللي فات ونفكر
في اليلادي...."
سحبت يدها بغضب بعد ان فهمت مقصده..فقالت
بهيجان متبرمة....
"دا بعدك....انت فاكرني هعديلك عملتك السوده
دي...دا انت خوفت عليها مني ومسكتني عشان مضربهاش....اااه ياناري لو كنت مسكتها كنت كلتها
باسناني قدامك..."
تافف سلطان وهو يشير على الفراش
بغلاظة....
"ماخلاص بقا ياداليدا مش هنفضل نتكلم في الموضوع ده طول اليل.....تعالي ننام انا حيلي
اتهدى النهاردة.... "
قالت بضيق وهي توليه ظهرها...
"نام انت انا دمي محروق.... هروح أطفح..."
اتسعت عيناه وهو يوقفها سائلًا...
"وهو اللي دمه محروق بيروح يطفح..."
زفرت وهو ترد بتهكم...
"انا.....إيه هتعد عليا اللقمة كمان......"
تحدث سلطان بخشونة محذرًا بنفاذ صبر...
"اتظبطي ياداليدا واتكلمي عدل...وعدي يومك..انا عديت صوتك العالي والجنان اللي عملتيه برا بالعافية فبلاش تختبري صبري اكتر من كده عشان
انا على اخري منك...."
كان ردها مختصر وباهت....
"انا هنام في أوضة الأطفال تصبح على خير.."
خرجت من الغرفة وهي تتنفس بعصبية واعصابها مشدودة منتفضة بغضب...يتحدث بمنتهى الغطرسة والتملك وكان الحق معه...غليظ وجلف ومزعج...لم يعتذر بكلمة ولم يراضيها بنظرة كان قاسٍ كالحجر الصلب.....
كانت على وشك الدخول الى المطبخ لكنها توقفت
بعد ان صدح رنين الهاتف المنزلي اتجهت اليه ورفعت السماعة على اذنها بهدوء ثم قالت
بتلقائية..."الو....."
وقع قلبها في قدمها وهي تستمع لانفاسٍ خشنة
غاضبة أنفاس علمت بهواية صاحبها فور سماعها..
نحن لا ننسى تفاصيل الحب الأول مهما صادفنا
من بعده، تظل التفاصيل التي اوقعت بنا هي بداية تكوين كل شيءٍ ناضج بداخلنا مهما انكرنا أو ازداد شعورنا نفورًا تظل أول ندبة غليظة تتلقاها قلوبنا ذكرى لا تنسى كما لا تغتفر ؟!...
ظلت واقفه مكانها متسمرة كتمثال رخامي بارد ومشاعرها هائجة بالغضب والنفور فصورته مع ابنة
عمتها تثير قرفها عما وصل تفكيره الحقير بالعبث والهو بقلب( هدى) البائسة المضغوطة من مجتمع يقهر الفتاة ويحملها الذنب لمجرد انها
تخطت الثلاثون دون زواج أو أولاد...
ومن ناحية أخرى امها كنفها الامن هي في الحقيقه مصدر شقاؤها وانطوائها بعيدًا عن جميع بنات العائلة بسبب حقدها على الجميع الحقد التي تحقن به ابنتها بمنتهى القسوة.....فجعلت منها مسخ ربما هي أطيب من ان تكون(وجيدة) الثانية لكنها تدفعها لتكن نسخة مصغره منها !..
طأطأت داليدا براسها تنتظر بملامح ممتقعه وعينين
باردتين.....فاتى صوته مهددًا بحقارة...
(خليكي عارفه ان تمن القلم اللي خدته منك هيدفع غالي أوي....وقريب اوي كمان هتجيلي مذلوله تحت
رجلي....)
ادارة داليدا راسها لغرفة النوم المغلقة حيث يقبع زوجها خلف بابها ثم عادت عينيها للأمام واحتدت نظراتها وهي تهسهس بشراسة....
"ابعد عن هدى ياعادل احسلك.....انـ"
اوقفها عادل بصوتٍ بذيء...
(هتعملي إيه.....بنت عمتك بقت زي الخاتم في صباعي اللي بقولها عليه بتعمله وهي مغمضة..)
انتفضت بقوة تساله بهلع....
"تقصد إيه....اللي بينكم وصل لفين بظبط...."
ضحك باستمتاع معقبًا....
(ياه.... مكنتش اعرف انك لسه بتغيري عليا...)
زمت شفتيها بقرف وكره شديد وهي تعيد
السؤال من بين اسنانها....
"انسى الهبل اللي في دماغك ده....ورد عليا...
تقصد إيه....."
ابتسم بتسلية وهو يمط الكلمات باهانة...
(افهمي انتي بقا....واضح ان بنات عيلتكم ناقصين
ربايه....بتخافوا تقوله لا لحسان تتسابوا...)
صاحت بغضب مكتوم.... "اخرس...."
(اعصابك يادواللي مش كده....تعرفي اي الفرق اللي بينك وبين هدى..)صمت قليلًا يلاعبها بالكلمات
ثم أردف بصفاقة وهو يضحك بسادية....
(بصراحه مفيش فرق انتوا الاتنين أرخص من
بعض....)
أغلقت الهاتف في وجهه بعصبية وهي تذرف الدمع
وقلبها ينتفض بخوف وكره....
ماذا تفعل اتخبر سلطان بكل شيء وتفضح هدى امام الجميع... ام تتحدث مع هدى أولًا وتفهم منها ماذا حدث بينهما والى اي مدى وصلت تلك العلاقة وعلى
اساسها ستبدأ بالتحرك.....
علقت عيناها على الباب المغلق مجددًا بعجز وحسرة علاقتها مع زوجها متوترة دون اي شيء إضافي
يعكرها أكثر...وان علم سلطان بهذا الأمر ستكون العواقب وخيمة....
ماذا تفعل...وما الخطوة القادمة مع هذا الحقير...
وبين الماضي والحاضر أحاصر في عنق زجاجة
ضيق ومحكم الغلق !....
..............................................................
في الصباح رفعت الهاتف على اذنها منتظرة بقلب مضطرب الخفقات وعينين متورمة حمراء من قلة
النوم فقد ظلت طوال الليل تتقلب على صفيح ساخن بعد تلك المكالمة المريعة والتي هشمت سلامها النفسي بعدة كلمات بذيئة من لسان من
كانت تهيم به عشقًا ، مستعدة للموت لأجله !...
تتغير مشاعرنا تغير جذريًا حينما نرى الصورة واضحة
نسخر من تصرفاتنا وافكارًا حيال ذاك بصورة تثير
السخرية والحرج كشعورين ملتصقين ببعضهما....
زفرت وهي تدب بالارض بقدمها بحنق شديد..
فهذا الاتصال الثاني الذي يذهب هباءا دون رد
من زوجها المبجل.....
هل هو منشغل بين ألواح الخشب ام منشغل بين
أحداهن اللواتي يترددنا دومًا عليه بحجة ساق
طاولة مكسور او درفة دولاب مخلوع او نافذة
غرفة يصعب غلقها ؟!....
هل هو معهن الان...ام ان غيرتها تقودها للجنون
اغمضت عيناها بضيق زافرة بقوة حين ذاك فتح
سلطان الخط وسمع نفخها فاتى صوته المتاففًا
قبل السلام...
(اصطبحنا وصبح الملك لله...بتنفخي ليه على
الصبح خير.....)
تجزم داخلها انه لا يجرؤ على هذا الرد الغليظ مع الزبائن المحترمات أصحاب العباءات السوداء الضيقة والأساور الذهبية المغطية أذرعهن ببهرجة.. والوشاح الحريري الساقط على رؤوسهن بعشوائية وكانه وقع دون دراية منهن ؟!....
ومن بين دهاليز غضبها وافكارها السامة لروحها
نطقت بصعوبة....
"مبتردش على تلفونك ليه...دي تالت مرة أرن
عليك.... "
رد بفتورٍ زاد مقتها عليه....
(كنت بقطع الخشب ومش سامع....في حاجة...)
عضت على باطن شفتيها للحظة محاولة التخلص
من هذا الثقل على صدرها...فقالت على نحوٍ
مفاجئ...
"أيوا....كنت عايزة اروح عند عمتك وجيدة...."
اتى الرد المتعجب على الفور...
(اشمعنا يعني....ومن امتى بتطلبي تزوري عمتك
وجيدة وبنتها ؟!...)على الناحية الاخرى رفع سلطان حاجبٍ للاعلى بوجهٍ يعلو علامات الاستفهام من هذا الطلب الغريب..
وكان السؤال الذي ألقى به الان متوقع منه وقد
رتبت داليدا الرد عشرات المرات قبل الإتصال به..
فالطلب بنسبة لسلطان من عجائب الدنيا السبعة فعلاقتها مع العمة وابنتها مختصرة على الكلمات
المجاملة الباردة والابتسامات الفاترة فهم ليسوا
على وفاق ، والقبول والمحبة هبة من الرحمن
وللأسف ليست بينهن ولا باي شكل من الأشكال...
قالت داليدا بعد لحظات بثبات عظيم...
"عادي يعني اصلي حاسة انها زعلت مني إمبارح
لما بدات تتكلم عن ماما وتحكيلي عنها وانا صدتها
بالكلام وقمت من جمبها...فـ...فضميري انبني بعدها وقولت أروح لها النهاردة...واخدلها حاجة حلوة معايا...من عمايل ايديا....."
كان سيعقب على شيء لكنه توقف جافلا وهو
يسالها بارتياع....
(حاجة من عمايل ايدك؟!.... عملتلها اي بظبط ياداليدا.... اوعي تكون بسبوسة....)
طيف ابتسامة زار شفتيها الحزينة فقالت
ببراءة.....
"لا كيكة بالبرتقان..... لسه مخلصاها دلوقتي...شلتلك
منابك لما ترجع من الشغل هدوقها وتقولي رأيك
اتفقنا...."
لانت ملامحه بحنان لكنه عاد يقول
بريبة مرجح.....
(وليه التعب دا كله ماتخليها ونجبلها اي حاجة
من برا.....)
قالت بصوتٍ مصقلا بالغرور...
"لا طبعا لازم تعرف اني بقيت استاذة في المطبخ.."
اتى صوته مستاءًا ناصحًا....
(استاذة !....براحتك مترجعيش تعيطي لما تديكي كلمتين في جنابك انتي عارفه عمتك...مش بيعجبها
العجب.....)عندما لم يسمع ردها زفر بكأبة قائلًا...
(البسي واجهزي كده... وانزلي كمان ساعة بظبط
اكون خلصت اللي في ايدي...عشان اجي اوصلك...)
(تمام....)اغلقت الهاتف واتجهت فورًا للداخل لتبدل ملابسها باخرى عبارة عن فستان انيق محتشم
ومعه حجاب يماثلة اناقة ورقة.....
بعد ساعة تقريبًا...
كانت جالسة بجواره بقلب سيارة النصف نقل التي يمتلكها والتي يعتمد عليها في نقل الاخشاب واثاث الموبيليا بصورة دائمة ويسافر بها كذلك...
لفهما جوٍ من الصمت البارد فكانت تشيح بوجهها
وعينيها السوداء الحزينة الى نافذة السيارة تشاهد
الطريق الراكض امامها بروح باهته...
كان سلطان ينظر اليها كل ثانية تقريبًا شاعرًا بشيءٍ
غريب بها لكنه يعجز عن معرفته....وكأنها تبتعد عنه
اميالًا بعقلها وقلبها مجددًا.....
هل هذا الخلاف التافه سيسبب حاجز منيع بينهما
وهل سيتركها لهواها تمتنع عنه وتقيم في غرفة اخرى مجددًا.....
قال سلطان بمناكفة وهو يرمقه بطرف
عيناه....
"إمبارح الواحد نام براحته في هدوء....وبرطع
في السرير من غير رفس ولا شخير....."
ضاقت عينا داليدا مدمدة بشراسة...
"قصدك ايه...انا لا برفس ولا بشخر...."
لوى شفتيه باستفزاز وعيناه مركزة على
الطريق.....
"معذورة....مفيش حد بيحس بنفسه وهو نايم..."
على الانزعاج وجهها أكثر فقالت بتجهم بالغ...
"الكلام ده مفهوش هزار ياسلطان....انا مش بشخر
وانا نايمه... وبعدين من امتى وانت مش واخد راحتك في سريرك.... دانا بنام في حته قد كده... وانت اللي مستولي على المكان.... بجسمك ده...."
اشارة على جسده الضخم العضلي الصلب مقارنة بجسدها النحيف الانثوي اللين كالهلام.....
فزم سلطان شفتاه باستفزاز أكبر....
"دا واضح انك شايلة ومعبيه.....واي كمان يادودا..
اشجيني...."
عقدت ذراعيها امام صدرها متذمرة بعد ان وجدت نفسها تتحدث اليه بمنتهى السذاجة ناسية الأمس
وقبل أمس....
"ممكن تسكت ومتكلمش معايا تاني...واشبع بالسرير
بتاعك وبرطع فيه براحتك....كده كدا سيبهولك.."
توهجت عينا سلطان بتملك ذكوري لعين...
"معناه ايه الكلام ده...لو مفكرة اني عشان سبتك امبارح تباتي في أوضة تانيه يبقا كل يوم هيبقا
على مزاجك....مفيش الكلام ده انسي...."
قالت بضجر..... "يعني ايه...."
تحدث بتملك اجفل قلبها الملتاع بحبه...
"يعني هترجعي اوضتنا تاني وهتنامي جمبي..جمبي
إيه...في حضني من اليلادي...."
توهجت وجنتيها وتسارعت خفقات قلبها
بحماقة فقالت بتلعثم.... "مش بمزاجك هو...."
اتكأ سلطان على اسنانه بتجهم هاتفًا بقلة
صبر....
"امال بمزاج مين يامدام...اتعدلي ياداليدا..وبلاش
العوجة دي انتي عرفاني لما بقلب..."
صاحت ثائرة وهي ترمقه بقرف....
"انت عايزني ابات في نفس الأوضة ليه..مش انا بشخر وبرفس..."
اكد بهزة من راسه يليها ردًا غليظ....
"حصل... ومضطرة استحملك...مفيش قدامي حل تاني...."
قالت ممتعضة بانفاس متهدجة....
"لا فيه كل واحد يبات في اوضة وبلاش نقرف
بعض...."
رفض سلطان بحدة....
"لا هنقرف بعض بمزاجك أو غصب عنك..."
تمتمت تجلي صوتها بين ركام غضبها منه الأيام السابقة..... "استغفر الله العظيم....انت... انت.. "
قاطعها سلطان بأسلوب همجي رديء....
"انا إيه.....كلمة كمان وهرجع امسمرك في السرير
عشان اوريكي القرف اللي بحق وحقيقي..."
رفعت داليدا حاجباها مصعوقة ثم تشدقت
بنزق.....
"تمسمرني ؟!....انت مفكر نفسك كده رومانسي..."
هز راسه بعدم اهتمام قائلًا بأمر خشن....
"والله كل واحد ومصطلحاته...بليل إرجع القيكي مستنياني في اوضتنا ولو لقيتك في حته تانيه غير السرير قولي على نفسك يارحمن يارحيم.. "
رفعت شفتها العلوية بتمرد....
"بلاش تهددني عشان انا مش بخاف ولا بكش..."
التوى فمه بسخرية...
"تموتي لو قولتي حاضر ونعم...."
مد يده نحو حجرها فتجمد جسدها جافلًا وبعينين
واسعتين واجلتين نظرت له لتجده يفتح العلبة الموضوعة على حجرها والتي تحوي على كعكة البرتقال التي غزت رائحتها الشهية انفه فور دخولها السيارة...
اخذ منها قطعة وتذوقها وبدا بمضغها بجوع..فحتى الان لم يضع لقمة في معدته الفارغة عدا السجائر والشاي.. كالعادة المدللة تنام حتى الظهر ولا تكلف نفسها عناء الاستيقاظ حتى تعد الإفطار له فنادرًا ما تستيقظ قبله لتعد الفطور....
وهذا يحدث عندما تكون الأميرة في مزاج رائق يسمح بفعل شيءٍ رفاهي بنسبة لها ؟!..
أعجبه مذاق الكعك جدًا وشك في فكرة ان تكون
من تحت يدي داليدا التي لا تعرف في الطهي
إلا المكرونة...عنصر مبهر وشهي في عينيها فقط
اما عنه فهو يراها وجبة للأطفال مشبعة لكن
غير مغذيه.....
"متاكده انك انتي اللي عملاها...."
هزت داليدا راسها في الفور بنعم مصرحة...
"ايوا طبعًا... انا بقالي شهر بتدرب عليها....وكل مرة
بكتشف غلطه جديدة بتعلم منها لحد ما اتظبطت معايا ودي النتيجة....مالها هي وحشة...."
"ما لو وحشة مش هسألك السؤال ده....تسلم
إيدك....."قالها وهو يمد يده وياخذ قطعة أخرى
ويضعها في فمه في قضمة واحده...
ابتسمت داليدا بحب وشعورٍ دافئًا عانق قلبها المتيم وهي تراه ياكل من صنع يدها بل وينشد بمنتهى الصراحة والعفوية بانها اعجبته الى الحد الذي
جعله ياخد القطعة الخامسة على التوالي !....
جفلت داليدا وهي تنظر الى العلبة التي لم يبقى
بها إلا ثلاث قطع من الكيك فقط لا غير...
"سلطان....."
نظر اليها ببلادة وهو ياخذ القطعة السادسة وياكلها
غير مبالي باتساع حدقتاها بالذعر....
"انت كلت الكيكة اللي جيباها لـعمتك...."
رد غير مبالي يلقي اللوم عليها...
"كنت جعان....ماهو لو بفطر في بيتي زي الناس
مش هبقا جعان بالشكل ده...."
نظرت للعلبة الفارغة عدا من قطعتين فقالت
بحرج....
"دا مش مبرر يخليك تاكل الكيكة على فكرة
هروح للناس بالعلبة فاضيه..."
سحب العلبة من فوق حجرها واضعها امامه
قائلًا بايجاز....
"لا هتسبيها في العربية اتسلى انا في الوحدتين
دول لحد ما نوصل...وجمب عمتك في حلواني
نبقا نشترلها اي حاجة تدخلي بيها...."
سالته داليدا بهدوء...
"هو انت مش هتطلع معايا ولا إيه...."
هز راسه بنفي قائلا....
"لا عندي شغل قريب منك....قرب ما تخلصي قعدتك
رني عليا اطلع اخدك واسلم عليها...."
ثم استرسل بنظرة ثاقبة عليها...
"لحد دلوقتي مش فاهم اي سر الزيارة المفاجاة
دي...."
ازدردت داليدا ريقها وهي تقول بخفوت..
"ما قولتلك في التلفون...انت مش مصدقني.. "
هز راسه بنفي قائلا بمنتهى الصراحة..
"بصراحة لا... بس انا مش همنعك اهي برضو
عمتك وصلة الرحم واجب علينا احنا الإتنين.."
................................................................
بدأت تتبادل النظرات بينهن بتوجس فالعمة وابنتها
غير مصدقين مجيئها اليهن في زيارة ودودة حاملة
قالب حلوى اليهن....
ضيقت وجيدة عينيها وهي تنظر الى ابنتها واشارت
اليها بحركة مدروسة بان تتركها مع ابنة اخيها وحدها قليلًا... ففعلت هدى على عجلة قائلة بود...
"هروح اجبلك حاجه تشربيها ياداليدا نورتينا.."
"لا مش عايزة خلـ....."وقفت داليدا فجأه محاولة الحاق بابنة عمتها لكن وجيدة لم تعطيها الفرصة
فقد سحبتها من يدها بقوة لتقع جانبها على الاريكة
بلعت داليدا ريقها بخوف وهي تنظر لعمتها كمن ينظر
لقاتل متسلسل بعدة جرائم شنيعة....ابتسمت بصعوبة
قائلة بحرارة الخوف لا الشوق...
"وحشاني والله ياعمتي...."
رفعت العمة حاجبٍ واحد متغطرس قائلة
بشك أكبر..
"وحشتك إزاي...مانا لسه سيباكي إمبارح في الجنينة.."
ضحكت داليدا قائلة بمرح....
"ها... اه...مانتي علطول وحشاني ياجوجو...."
توسعت عينا وجيدة كمن قرصتها
حيه...
"جوجو ؟!...اي قلة الأدب دي يابت...."
بلعت داليدا ريقها بارتياع... "بدلعك ياعمتي...."
هتفت وجيدة بعدائية وهي ترمقها شزرًا...
"ليه احنا صحاب....تكونيش من سني عشان تاخدي
عليا اوي كده....انا اخت ابوكي اكبر منك مقام وسن
قال جوجو قال...دا انا جوزي مقالهالش ليا...تقوليها
انتي يامقصوفة الرقبة.... "
بدأت داليدا وصلة النفاق بكلام منمق
مدروس..
"خلاص ياعمتي غلطة ومش هتكرر....مع ان الدلع لايق عليكي اوي على فكرة... واللي يشوفك ميقولش
خالص انك متجوزه ومعاكي عروسة على وش جواز..دا اللي يشوفك يقول انك اصغر واحده فينا
لا بجد عيني عليكي باردة....احلى جوجو في الدنيا..."
"برضو هتقول جوجو...."لكزتها وجيدة فتحسست
داليدا ذراعها متأوهه لتبدأ وجيدة برفع راسها قائلة
بغرور.....
"بس تعرفي انتي صح.... انا طول عمري حلوة بالك انا لو سبت شعري ودهنته جاز بالخروع... وحطيت
مسك البنجر على وشي هيورد كد ويفتح وبقا عسل... بس انا اللي مش بهتم...بعد المرحوم الدنيا اتقفلت في وشي..... مبقاش ليا نفس لاي حاجة..."
توهج صوت داليدا بالمكر قائلة...
"لا انا مش عجبني كلامك ده خالص ياعمتي ليه الحزن دا كله هو الحزن بيرجع اللي راح يعني...فين جوجو القمر بتاعتنا.... دا انتي كان عليكي حتة ضحكة تبهج الدنيا وناسها..."
ضحكت وجيدة وغز الخجل وجنتاها كفتاة في السابعة عشر من عمرها....
"اه مانا عارفه ابو هدى كان علطول بيقولي كده.."
ضحكت داليدا بارتياح قائلة...
"طب والله راجل عسل وبيفهم...."
ضحكا معًا بخجلا ومرح طفيف حتى تلاشت ضحكة وجيدة فجأة وضربت ركبة داليدا صائحة بتهكم..
"اخرسي يابت ماتخدنيش في دوكه... اي اللي جابك
الزيارة دي وراها حاجة ادخلي في الموضوع وبلاش
تلفي ودوري عليا... دا انا وجيدة برضو وافهمها وهي طايرة.... انا عارفه انتي جايه هنا ليه...."
تراجعت داليدا في مقعدها جراء قول
العمة فقالت بتخوف..
"عارفه ؟!.. عارفه إيه بظبط ياعمتي.."
سارت عينا وجيدة على ملامح الفتاة المرتابة
وبعد لحظات قاتلة من الصمت والتراقب..
قالت بدهاء..
"السبب اللي جابك لحد هنا...زعلانه انتي وجوزك
وجايه تغضبي عندي بدل ماتروحي لأمك اللي هتسمعك من المنقي خيار....وهترجعك ليه
غصب عنك.. "
كان واقع وضع لذلك لم تطلب التأكيد...لذا ظلت داليدا مبهوته الملامح لبرهة حتى قالت بصوتٍ متحشرج وهي تقرأ المعوذتين سرًا.....
"غضبانه؟!.... لا ياعمتي مفيش حاجة من دي...
احنا كويسين اوي...الحمدلله.. "
على وجه وجيدة الاحباط فقالت بنزق...
"كويسين..... امال جايه ليه طالما مش غضبانه.."
لكزتها داليدا بمرح....
"جايه اقعد معاكي شوية.... ونتساير وحشتني
قعدتك الحلوة ياجوجو...."
لم تتبسم وجيدة بل نظرت الى عبلة الحلوى مشيرة بهلع.... "اي اللي في العلبة دا يابت...."
نظرت داليدا الى العلبة ثم لها... مجيبة بفتور
"دا جاتوه ياعمتي..."
ارجعت وجيده راسها للخلف قائلة بفطنة...
"اه..... المرادي امك رشه العمل في الجاتوه.. عشان
ابلعه انا وبنتي وتبقا الشيله واحده...مش كده.. "
قالت داليدا بعينين غير مستوعبتين....
"عمل ايه اللي في الجاتوه... وبعدين حرام تظلمي
امي.... ماما مش بتاعت اعمال ومتعرفش اني
جيالك اصلا.."
ثم اضافة بقنوط بعد صمت العمة المشككه
في الامر برمته....
"انا جايه اتكلم مع هدى شوية في موضوع...."
لمعة عيناه العمة فجاة بنشوة... "جيبالها عريس...."
هزت داليدا رأسها...."لا جيبالها شغل...."
ارتسم على وجه العمة القنوط والقسوة فقالت
باقتضاب..
"اتنيلي ماهي راحت خمستالاف شغلانه قبل كده وفي الاخر بترجع بايدها فاضية... لا عريس ولا
مرتب عدل.."
ظهرت هدى فور كلمات امها المقتضبة...فقالت داليدا
سريعًا تشهدها....
"احضرينا ياهدى..... عمتي بتضيع من ايدك شغلانه
حلوه اوي.... وفي شركة كبيرة كمان محتاجة موظفين بنفس الشهادة اللي معاكي قوللها حاجة..."
وضعت هدى صنية المشروبات ثم استقامت
متنهدة بأسى...
"ياريت والله ياداليدا... انا زهقت من قعدت البيت
ونفسي اطلع من اللي انا فيه..."
عقبت العمة بقسوة.....
"اللي هيطلعك من اللي انتي فيه الجواز اتشمللي
شوية...."
اسبلت هدى جفنيها في وقفتها الخانعة للقسوة
الموجهه لها دومًا مع حديث امها المحقن بالسموم....
نهضت داليدا قائلة وهي تسحب هدى من ذراعها
الى غرفتها بسرعة قصوى....
"هدى تعالي نتكلم في اوضتك... واحكيلك أكتر..
بعد اذنك ياعمتي..."
عندما دخلت الغرفة اغلقت داليدا الباب جيدًا..
فراقبت هدى تصرفها متعجبة سائلة....
"في اي ياداليدا.... بتشديني كدا ليه...."
دخلت داليدا في صلب الموضوع قائلة...
"بصراحه بقا انا لا جايه عشان شغل ولا نيلة انا
جايه عشان اسألك على حاجة مهمة..."
"اسألي قلقتيني في إيه.. "قالتها هدى وهي تجلس
على حافة الفراش ترمقها بتراقب وانتظار.....
اخذت داليدا نفسا متهدج ثم جلست على اقرب
مقعد مقابل لهدى وقالت بمقدمة لا بأس بها....
"احنا مش صحاب ياهدى ولا عمرنا كنا قريبين من بعض مش عشان فرق السن بالعكس أميرة اكبر منك
ومني ومع ذلك انا وهي صحاب أوي ومش بنخبي حاجة على بعض.....احنا مش قريبين عشان انتي اللي عايزة كده... وانا عذراكي لانك مضغوطة من زمان بسبب الجواز والسن والكلام العبيط ده...اللي
دفنا نفسك جواه لحد دلوقتي... "
ظهر الازعاج على ملامح هدى فقالت
بتململ...
"انا مش فاهمه حاجة ادخلي في الموضوع
علطول..."
نظرت داليدا للبساط أسفل اقدامهن لثانيتين ترتب أعلاه الافكار والكلمات قبل النطق بها ثم عادت
الى هدى قائلة بنبرة حادة بعض الشيء....
"إمبارح واحنا في الجنينة شوفتك واقفه مع شاب
الشاب ده انا عرفاه...يعني كان بينه وبين صاحبتي
علاقة حب....بس هو طلع ندل وكان عايز يتجوزها
من ورا أهلها....وهي رفضت وسابوا بعض بعد
كده....اسمه عادل وساكن في الساحة في شارع
تسعة صح ولا انا غلطانه...."
ردت هدى بهدوء وبملامح متبلدة....
"صح.....بس عادل مستحيل يعمل كده...وبعدين
عادل ملوش علاقات نسائية....هو حكالي بصراحه
ان مشكلته انه بيشرب بس هو بطل من فترة قصيرة
لما قبلني وحبني..."
نفس الحديث الذي ألقاه على مسامعها يومًا انقلبت
معدتها وشعرت برغبة فالتقيؤ...فقالت بصعوبة
تفكر بصوتٍ عالٍ أمامها....
"حبك ازاي....وفرق السن اللي بينكم دا انتي اكبر منه بحاولي سبع سنين مش شايفه انه مينفعش... "
بهتت ملامح هدى وبنظرة بائسه رمقتها...فعضت
داليدا على شفتيها شاتمه نفسها فالعفوية بالتحدث
في أدق الأمور حساسية من شيم الغباء وعدم المسؤولية......
"انا مش قصدي حاجة والله...انا بس بحاول اوضحلك ان لو العلاقة دي استمرت كلام الناس
هـ..."
قالت هدى بنبرة مهمومة يائسه...
"كلام الناس مش بيخلص ياداليدا...يقوله اتجوزت
واحد أصغر منها أحسن مايقوله عانس ومش لاقيه حد يبص في وشها...."
علت الصدمة ملامح داليدا التي عقبت
بدهشة...
"انتي سامعه نفسك ياهدى...انتي مش بتحبيه...انتي
عايزة تتجوزي وخلاص اي حد وده ممكن تدفعي تمنه غالي أوي...."
زمت هدى شفتيها قانطة....
"الكلام سهل...بس انتي لو مكاني هتقبلي باي وضع
واي حد عشان تخلصي من نظرات الناس وكلامهم وتخلصي من كلام أمك وتلقحها عليكي في الراحة
والجايه...قدام الغريب قبل القريب... "
ثم اضافة هدى بعينين تلمع بدموع الحسرة...
"تعرفي ليه احنا مش قريبين من بعض ياداليدا
عشان انا بحقد عليكي وبغير منك عشان اتجوزتي قبل حتى من قبل ما تتمي العشرين.....تعرفي الكلام
اللي سمعته من امي الشهر اللي قبل فرحك ويوم فرحك..لسه حفظاه من وقتها.. كلمة كلمة وحرف حرف..."
اشاحت داليدا بوجهها شاعرة بقبضة جليدية فوق قلبها وعقلها يردد المعوذتين بخوف....
بينما تابعت هدى بوهن والوجع يشتبك بين
الاحراف بعذاب.....
" تحبي تعرفي قالتلي ايه ووجعتني إزاي...حتى لو عرفتي هتحسي بيا مثلا..ابدا اللي برا الدايرة عمره ما هيحس باي بنت بتعيش اللي بعيشه....بروح افراح
صحابي وبحضر سبوع ولادهم...وكل اللي يشوفني
يسمعني نفس الكلمة...عقبالك ياهدى...هنفرح بيكي
امتى ياهدى...."
"في اللي بيقولها شماته وفيه اللي بيقولها شفقة
وفي اللي بيقولها علشان مفيش غيرها يقولهالي.."
سقطت دمعتين من عينيها مضيفة بابتسامة باردة كروحها التي تجري في حلقة مغلقة....
"صحابي كلهم اتجوزوا ومع ذلك كل واحده فيهم
كانت بتبلغني بفرحها قبلها بيومين خوف من
الحسد.....وكنت بروح والبس حلو واتذوق زي
ما امي بتطلب مني...على امل أوقع واحد في
شباكي واتجوزه واخلصها من همي التقيل...."
"بس للاسف مكنتش بلفت الانتباه...كنت عادية
عادية لدرجة اني مش بتشاف وسط البنات الحلوة..."
حاولت داليدا المواساة بشفقة قائلة...
"انتي مش وحشة ياهدى...انتي جميلة وروحك حلوة
وطيبة وتستاهلي احسن حاجه في الدنيا... ومش معنى ان نصيبك اتأخر يبقا مش جاي....بس صدقيني
اكبر غلط انك ترتبطي بواحد زي ده...مش كويس
وبتاع بنات وبيشرب.... وحاجه اخر قرف... حرام تدفني نفسك بالطريقة دي...ابعدي عنه... "
عليها ان تضحك الان ساخرة فقد اتى اليوم
التي تنصح فيه فتاة غيرها بألا تقع في الإثم
باسم الحب......فالثمن غالي وعظيم !!....
بينما قالت هدى بعدم تصديق...
"ابعد عنه ؟!... دا الانسان الوحيد اللي حسسني
اني مرغوب فيا...اني حلوة واستاهل اتحب....دا
اللي اداني قمتي....."
قالت داليدا برجاحة عقل....
"قمتك مش في عيون الناس ياهدى...قمتك في عنيكي انتي...البنت اللي تحترم نفسها وتحافظ
على شرفها وتصون قلبها هي اللي قمتها فيها..
مش العكس....."
بلعت مذاق كالصدى بحلقها وهي تضيف
بقلق.....
"هدى....الشخص ده مش كويس...صدقيني
بيتسلى بيكي....بلاش تغلطي غلطتي انا كنت
عامية ومشفتش الصورة كاملة فوقعت وربنا
برحمته وفضلة أراد ينجدني وينور بصرتي...."
انعقد حاجبي هدى مستفسرة....
"انا مش فاهمه حاجة....تقصدي إيه بكلامك
ده..."
قالت داليدا بوهن.....
"مش لازم تستفسري....اسمعي الكلام ياهدى...
انا خايفه عليكي... "
نهضت هدى قائلة بتعنت...
"وانا ادرى بمصلحتي شكرًا على النصيحة يابنت خالي.....واطمني مش هجيب سيرة لعادل عن الكلام
اللي قولتيه عن صاحبتك...كاني مسمعتش حاجة.."
نهضت داليدا ايضا تمنعها قائلة...
"ياهدى افهـ....."
قاطعتها وجيدة من الخارج قائلة بتذمر...
"بت ياداليدا....تعالي هنا كفياكي رغي من امتى الحب دا كله.....كل ده بتكلموا في الشغل...اطلعي
يابت منك ليها مش هفضل قعده مع نفسي..."
زفرة داليدا وهي تنظر الى هدى التي سبقتها
للخارج هاربة من الغرفة مغلقة خلفها الحوار نهائيًا
تاركها قلب داليدا يحترق بالخوف من القادم...
.................................................................
عندما اتى المساء ظلت تتقلب على الفراش بعدم ارتياح الساعة تشير لمنتصف الليل حان معاد
وصول زوجها..
وبمنتهى العناد وتحدي اعتكفت في الغرفة الثانية تاركه غرفتهما الكبرى تسكنها اشباح الوحدة حتى ياتي سلطان ويقيم بها كحال أمس... وحده عقابًا له على دفاعة عن امرأه أخرى امامها... بل ويكبلها
خوفًا على العقربة من بطشها..... بطش تستحقه اضعاف مضاعفة منه....
مزال حديث هدى يتردد في اذانها بقسوة... مزال صدرها يحترق خوفًا من القادم فهي على دراية بان عادل اتخذ هدى وسيلة للانتقام منها ومعاقبتها على صفعة تلقاها منها يومًا.....
كيف تخبر الغبية البائسة انها بين يدي شاب مخادع.. يريد اغتيال قلبها وشرفها واسم عائلتها ليحقق اهدافه الدنيئة بضربها هي......
وكيف ستجرأ على أخبار سلطان بالأمر.. ستفضح هدى وتكسرها امام الجميع.. ماهو الحل الانسب للخروج من هذا المأزق وكسر شوكة هذا الحقير للأبد...
وكيف تشهر السلاح للأمام والحرب تأتي من الخلف بطرق غير شريفة ، ومنذ متى كانت الحروب تقام على الشرف !..
سمعت باب الشقة يفتح ومن ثم يغلق...فاغمضت عينيها بقوة وهي تسمع زر الاضاءة بالخارج ومن
ثم اغلاقه بعد لحظات من الصمت....
مطت شفتيها شاتمه سرًا..رغم عنادها وتكبرها امامه إلا انها اشتاقت بشدة اليه الى احضانه الدافئة وقبلاته المولعه بحبها وهمساته الوقحة المداعبة لانوثتها بين يداه....مفاتن تذوب له وحده
تعرفه قبل ان تدرك هي تأثيره عليها ؟!...
سمعت صوت باب الغرفة المجاورة تغلق فزفرت بضيق وهي تفتح عينيها في الظلام..قائلة بتذمر
"مجاش صحاني ليه زي ما قال.....هو مش قال همسمرك في السرير....رجع في كلامه ولا إيه....."
عضت على شفتيها بقنوط وهي تضع الوسادة فوق راسها محاولة النوم.....لتمر الدقائق وتشعر بمن يتدثر خلفها مشاركها الفراش الصغير وهو يضم جسدها اللين بكلتا ذراعيه الصلبة....
اغمضت عينيها بدلال وحب فاقدة النطق او حتى الامتناع مما شجعه على تحريك يداه على جسدها يرسمه بصورة وقحة...حتى فلت تاوهها بضعف فوق ذراعه فزفر سلطان وهو يديرها اليه بنفاذ صبر هامسًا بصوتٍ عميق بث طوفان من الرغبة والشوق داخلها...."وحشتيني يادودا....."
استنشقت انفاسه الساخنة المعطرة برائحته الرجولية
المميزة فـفغرت شفتيها وهي تعترف بضعف...
"وانت كمان وحشتني اوي ياسلطان...."
قربت شفتيها منه وهي تحيط عنقه بكلتا يداها مداعبة شعره بحب وعيناها تتلألأ في الظلام...
ذابت الكلمات على الشفاه بينما الانفاس والاجساد
ملتحمة في عناق حار شديد مشبع بالنشوة
والحب....
الأمر يبدأ بشجار حاد وخصام لأيام وربما أشهر
ثم ينتهي بأربع كلمات أولها(أشتقت إليكِ) واخرها(وانا أيضًا...)ومع أول عناق بعد ليالي
البُعد تمحى الكلمات ويبقى آثر الحب خفقاتٍ
تمجدهُ....
..............................................................
دلف عاصم بكامل اناقته الى صالون البيت يبحث
بعيناه عنها بلهفة فقد استيقظ اليوم ظهرًا على غير
العادة ولم يجدها جواره رغم تنبهاته الصرامة عليها بالأ تتعب نفسها خلال تلك الفترة وتلتزم فراشها
في الشهور الأولى على الأقل....
لم يرى سوى الجدة نصرة في الصالون تمسح أحد
الفازات المذهبة بالزخرف برفق مركزة عيناها باهتمام
شديد عليها.....
تقدم منها عاصم ملقي تحية الصباح
ببشاشة...
"صباح الخير ياست الكل.." طبع قبلة على
جبينها.....فردت الجدة مبتسمة بمحبة..
"صباح النور ياحبيبي...أول مرة تقوم متأخر..."
حك في لحيته قائلا بلهفة...
"يمكن عشان مأجز النهارده.... هي شهد فين.."
قالت الجدة...."في المطبخ من الصبح......"
انعقد حاجباه متعجبًا... "في المطبخ بتعمل إيه...."
قالت الجدة بعد تنهيدة....
"مصممة تطبخ النهاردة بنفسها... لما عرفت ان اهلها
جايين....."
ازداد وجوم ملامحه فقال بتجهم...
"دا كلام من الصبح في المطبخ... وازاي تسبيها ياحاجة...."
قالت الجدة برفق....
"حاولت والله ياعاصم بس مفيش فايدة فيها.. دماغها ناشفة بس اطمن ياحبيبي الخادمين معاها
وبيساعدوها وانا منبها عليها متقفش كتير..."
انتصب واقفًا وهو يزمجر بخشونة...
"منبها عليها... ودي هيفرق معاها تنبيه...."
"رايح فين ياعاصم....عاصم...." نادت عليه الجدة
لكنه قد اختفى عن مرمى ابصارها متجه الى المطبخ
بغضب ممزوج بالقلق على زوجته....
مما جعل نصرة تضحك وهي تحرك السبحة بين اصابعها داعيه بمحبة لهما.....
"ربنا يسعدكم ياولاد...ويكملك على خير ياشهد.."
عندما وصل للمطبخ داهم انفه عدة اصناف منوعة
جميعها تميز الطاهية التي اتقنت وابدعت فيهما
لتصنع من عدة مكونات اكلات شهية تسيل لعاب ممتلئي البطون من مجرد رائحة البهار الذيذة
فماذا عن الشكل والمذاق.....
ماهو سرك ياسيدة الحُسن؟!...
لطالما تساءل بينه وبين نفسه مررًا وتكررًا
عن سر تلك المرأه، التي استحوذت عليه سابقًا
بنظرة واحدة من عسليتاها ومالى للهوى بعد
كلمتين معها ، بل واغرم بما تصنعه يداها ويجيد
تمييز اطباقها الفريدة مذاقًا وشكلًا من بين
آلاف الطهاة.....
ويبقى السؤال واحدًا ماهو سرك ؟!..
ابصرها تقف امام الموقد الكهربائي تقلب في القِدر
وترش القليل من البهار في المقلاة المجاورة والتي
تحمر بها شيءٍ ذي رائحة شهية، ربما لحم لكنه يختلف عن رائحة اللحم التي عرفها طوال
عمره.....
كل شيءٍ من صنع يدها مختلف ومميز وكانها
تتحدى نفسها بموهبة فريدة تمتلكها....
موهبة كان يظن انها عادية كغيرها حتى تذوق طعامها حينها ظن ان الطعام رش عليه السحر
ليكن الأروع والالذ في فمه ويدمنه مع الوقت
كما أدمن سيدة الحُسن والجمال !...
أبصر الخدمتان يساعداها بجد مستمرين في العمل معها على قدم وساق كما امرتهما بل ومستمتعين بصحبتها جدًا حيثُ كانت تتحدث معهن بين الحين والاخر عن الطهي وبعض الوصفات الشهية التي يمكن اعددها بأقل التكاليف لعائلتهن الصغيرة
وايضًا بعض الاشياء التي تثير اهتمام النساء
عن كيفية تخزين الخضروات والفواكه بطرق
صحيحة وصحية.....
كانت ثرثارة بشكلا راقي ولطيف كحالها دومًا ملكة
تضوي في عيناه تمتلك من الرقي والتواضع
والخلق ما يسلب قلبه فيكن كالهلام في عشقها
ذائب في الشهد.....
توقف مكانه يتابع هذا المشهد البسيط العفوي
ويربط بينه وبين مشهد بعيد (لرُفيدة) عندما كانت
تقرف من مجرد المرور على المطبخ عن طريق
الصدفة بل وتصرخ على الخدم بتذمر وغرور
لمجرد ان احدهن تاخرت في جلب القهوة الصباحية لها....
أشياء لم تثير اشمئزازه يومًا بل لم يفكر بها ابدًا
لكن اليوم يسخر من نفسه للمثابرة على علاقة
لم تكن موفقة منذ البداية !...
سارت عيناه بشوق عليها ومضخة قلبه تزداد قوة
بين اضلعه....كانت ترتدي بنطال جينز ثلجي تعلوه
كنزة صيفية صفراء فوقها مريول المطبخ تلف شعرها
في ربطة راسخة للخلف وتترك الغرة متناثرة تخفي الجبهة وسماعة اذنها عمدًا...غرة يعشقها كعيناها العسلية البراقة وككل شيءٍ جميل ومميز بها....
هذا الجسد النحيف الانثوي يحمل طفله متى تظهر
علامات الحمل عليها ويرى بذرتهما تكبر يومًا بعد
يوم في تلك البطن المسطحة الناعمة.....
ازدرد ريقه وهو يتذكر ليلة أمس عندما ضمها الى احضانه بشدة وغمرها بالقبل الحارة في كل جزء بجسدها الغض خصوصًا بطنها المسطحة انهمر
عليها بالقبلات الحارة...يقبلها ويقبل طفلًا تمناه
يومًا بشدة ولم يتوقع ان يعوضه الله به سريعًا
من رحم أمرأه يعشقها بجنون...
أشار للخدمتان بيده بان ينصرفا من المطبخ فلبى
الطلب برؤوس منحنية بأحترام له....تاركين إياه مع زوجته التي لم تلاحظ وجوده حتى الآن فمزالت منشغلة على الموقد بين الاناء والمقلاة....
"هنية هاتي الملح...."قالتها شهد وهي تحرك المقلاة
عدة مرات منهمكة فيما بين يداها...
أبتسم عاصم وهو يبحث بعيناه عن الملح حتى وجد
علبة كبيرة بيضاء اعطاها لها دون تردد....
اخذتها شهد منه وقبل ان تفتحها عقدة
حاجبيها قائلة....
"جيبالي الدقيق؟!...بقولك الملح...."
زم عاصم شفتيه يبحث بعيناه مجددًا حتى رأى
علبة صغيرة بيضاء اعطاها لها....فزفرت شهد
بضجر بعد ان اخذتها....
"دا توم بودر....انتي اي حكايتك ياهنية بظبـ..."
بلعت الكلمة فور رؤيتها له يقف امامها بكامل اناقته
والهالة النظيفة الامعة التي تحيط به فقد ارتدى طاقم رياضي انيق يبرز جسده الرجولي الصلب
بقامة طول شديدة الهيبة ، كما صفف شعره
الأسود الغزير للخلف وشذب اللحية السوداء الامعة بشعيرات فضية بسيطه ترى عن قرب ويزداد
بها وسامة مهلكة لعيناها العاشقة......
كان يضع يده في جيبه وكما تنظر له بتراقب وعن
كثب ينظر لها كذلك.....وعندما فاقت من سحر طلته
المهلكة.....بللت شفتيها متلعثمة بحرج....
"مرضتش اصحيك قولت اسيبك نايم...."
لم تلين ملامح عاصم الصخرية بل انه عقب
بعتاب حاد....
"والله؟!...واحنا قولنا إيه إمبارح بليل ياهانم..."
تخضبة وجنتيها بغباء مع احمرار بسيط في اذنيها
وانفها....احمرار فطري يحدث عند الغضب والحرج.
ماحدث أمس لا يمت للكلمات بصلة..انهما كانا يعزفا
على أوتار الحب بلمسات الجريئة والقبلات الحارة
تطلق قلوبهما المشتعلة بالعواطف ترنيمة عن الهوى
وجمال الشعور به في أحضان بعضهما.....
لماذا يذكرها بليلة أمس وهي مزالت غارقة في تفاصيلها حتى الان....قالت بلا تفكير...
"هو احنا اتكلمنا إمبارح بليل أصلًا...."
لانت شفتيه في ابتسامة صغيرة او انها تتوهم
فقد اختفت سريعًا عن محياه وبقى الصمت
والجمود.....
"بتعملي اي بظبط....احنا مش اتفقنا ترتاحي
الفترة دي...ليه مش بتسمعي الكلام ياشهد...."
قالت شهد بتذمر وهي تتقدم منه وعيناه مأسورتين في نهر عسليتاها......
"ببساطه لاني مش متعودة على الراحة...يكفي اني
قعده في البيت اربعة وعشرين ساعة...كمان هلزق
في السرير كده كتير ياعاصم....."
خفق قلبه متجاوب معها لكنه سيطر
على مشاعره بقوة مستنكرًا بخشونة....
"أول مرة اسمع حد بيقول مش بحب الراحة..."
قالت بهدوء وهي امامه وجهًا بوجه...
"انا مش بحبها ابدًا.....وبعدين ياعاصم انا حبيت ادخل النهارده المطبخ أعمل الغدى بنفسي بما انك اجازة واهلي جايين يزرونا أول مرة بعد الجواز..."
أحاط كتفها بكلتا يداه يهزها بخفه قائلًا
بقلق..
"ياشهد انا خايف عليكي...الموضوع لسه في
الأول....و....."
ضاقت عيناها بتشكيك لئيم...
"قول بصراحه خايف عليا ولا على اللي في
بطني...."
انحنى حاجبه مندهشًا من تفسيرها للأمر...
"اي السؤال الغريب ده هو انا حبيته ليه مش
علشان ابننا احنا الإتنين...."
مدت يدها بنعومة تلامس ياقة السترة....
"السؤال مش غريب بس لهفتك عليه واضحة
أوي...."
ابعد غرتها عن عيناها قليلًا ثم تنهد امام وجهها الجميل قائلا بصدق....اختلج معه قلبها المتيم
به.....
"انا زي زي اي راجل ياشـهـد بتمنى يبقا ليا ولاد
عيلة وعزوه يشيله اسمي واسم أبويا ويبقوا سندي
لما أكبر....دا ربنا سبحانه وتعالى قال المال والبنون
زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات...."
قالت بابتسامة جميلة...
"صدق الله العظيم....يعني هو ده اللي انت
بتتمناه..."
هز راسه بنفي مصححًا وعيناه تلتهم تفاصيل
حُسنها بعواطف مشتعلة بشوقًا لا ينضب داخله
مهما ارتشف من رحيق الشهد...
"انا خدت اللي اتمنيته من ربنا.. والباقي كرم
كبير من عنده...لازم تعرفي اني بحبك اكتر
من اي حاجة في الدنيا دي ...وحابب نفسي
معاكي وحابب يكون ليا ولاد منك انتي....انتي
وبس ياشـهـد..."
اغمضت عيناها بانسيابية الحب بعدما بدأ يقبل
حنايا وجهها بعاطفة جياشة....فهمست بعد
لحظتين تئن بالضعف.....
"عاصم....احنا في المطبخ...."
رفع راسه ناظرًا لعيناها مقترحًا بحرارة...
"تعالي نطلع الاوضة احنا مكملناش كلمنا إمبارح.."
ابتعدت هي عنه الى طاولة مستديرة فاخرة
الشكل تقبع في منتصف المطبخ الذي لا يقل
فخامة وعصرية كذلك...
"لا تعالى انت لف ورق العنب معايا...."
انكمشت ملامحه عابسًا وهو يراها تتخذ مقعد
امام الطاولة وتبدأ بلف (ورق العنب)....
فامتنع عاصم بتكبر....
"ورق عنب.....عاصم الصاوي يلف ورق عنب..انتي
بتفكري إزاي....عايزة تضيعي الهيبة ولا إيه....."
ضحكت شهد بمرح قائلة بايجاز....
"الهيبة ملهاش علاقة بورق العنب اقعد وهعلمك.."
زمجر قائلا بحرارة...
"شـهـد....سيبي كل حاجة وتعالي معايا..."
رفعت حاجب التحدي قائلة بتعنت.....
"أسفة ورايا طواجن مستعجلة...وكلها ساعتين واخواتي يجوا ولازم استقبلهم بنفسي..وقبلها
اكون غيرت هدومي دي من ريحة الطبيخ..."
أمعن عاصم النظر الى هيئتها النظيفة المرتبة
غير مصدق انها تطهو منذ الصباح بنفس الهيئة
الصباحية المنعشة.....
فعقب بصدقًا منشد باعجاب..
"ريحة الطبيخ ؟!... لازم أعترف انك الست الوحيدة اللي شوفتها بتطبخ والمكان من حوليها نضيف وشكلها حلو وكانها لسه رجعه من خروجة حلوة وملحقتش تغير هدومها....."
ابتسمت بظفر انثوي قائلة....
"دا انا على كده خارقة للطبيعة....بس انا ليا طقوس
كده قبل ما بطبخ...."
لمعة عيناه كشهاب خاطف قائلا بخبث....
"يمكن هو دا السر....واي هي طقوسك بقا
ياست الحُسن....."
قالت بتلاعب.... "اقعد عشان احكيلك...."
جلس أمامها.... فقالت وهي تضع ورقة خضراء أمامه... "تعرف تلفه...."
اردف عاصم بشقاوة....
"أحاول....ادينا بنكسب خبرات جديدة...."
ضحكت بخفة فـتنة قلبه بها....ثم قالت بهدوء
"اقلب الورقه على الناحية الخشنة وخلي الناعمة برا
حط الحشوة حبات بسيطة... لف كده...."
فعل كما امرت مقلدها بمنتهى الدقة والخفة
وبعد ان إنتهى اخذت منه لفة (ورق العنب)
وهي تنشد باعجاب.. "طب مانت شاطر اهوه...."
سالها عاصم وهو يلف ورقة
أخرى.....
"مقولتيش برضو اي سرك..."
هزت رأسها باستياء وهي منشغلة في اللف على سطح الطاولة بخفة وسرعة عكسه تمامًا....
قالت بتململ طريف....
"نفس السؤال ونفس الإجابة....مش بتزهق يامعلم عاصم..."
رفع عيناه الصقريتين عليها مجيبًا دون
تقهقر..
"ابدًا ياشـهـد وراكي لحد ما أعرفه...."
اكتفت شهد بتبسم دون النظر اليه....وعندما لاحظت
انه نهض عن مقعده رفعت عينيها سائلة...
"رايح فين....."
"هجيب الشغالين يساعدوكي...واروح انا أكمل شغلي
في الورشة....لحد ما الجماعة يجوا..."ثم لف حول
الطاولة واقفًا خلفها ومالى عليها طابع قبلة طويلة وبطيئة وحارة جدًا على وجنتها قائلا برفق....
"شوية واطلعي على اوضتك ارتاحي.. كفاية كده
ياشـهـد...."
اومات براسها بانصياع قائلة بصوتها
الموسيقي... "حاضر ياحبيبي...انت تؤمر.. "
"قلب حبيبك ياست الحُسن...."مالى مجددًا
يمتص الرحيق من بين شفتيها الناعمة الحلوة...
"عـاصـم.. "همست بها شهد بخوف وعيناها
معلقة على باب المطبخ محاولة التملص منه لكنه
لم يعطي لها فرصة الهروب إلا حين أراد ذلك...
آه من الهوى ياحبيبي ، وآهات من هواك...
................................................................
ترجل الجميع من السيارة الفارهة السوداء التي يمتلكها (عثمان الدسوقي)والتي لأول مرة يستقلوا
بها....
خفق قلب قمر باضطراب وهي تنظر الى البيت الكبير
الفخم والحديقة الرائعة التي تحيط به والسيارات

الحب  أولاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن