1

824 13 0
                                    

الفصل الأول
"مازلت أبكي على ذكرى مؤلمة، مازال الجرح عميقًا ويؤلمني كثيرًا حتى وإن تظاهرتُ بالقوة."
في مساء يومٍ ممطر بمدينة القاهرة، وبالأخص بمنزلٍ راقٍ يصدح به المذياع بصوت العندليب الأسمر ... كانت فريدة تقف أمام مكتب زوجها والذي يُدعى مصطفى المنغمس في بعض أعماله.. تنظر له بحبٍ وعشق لم ولن ينتهي والذي نتج عنه صغيرهما الحبيب ... شردت بتفكيرها قليلا في طفلهما الذي لديه خوف من الجميع لدرجة أنها وزوجها يخفون تواجده حتى الآن وذلك عندما علموا بمرضه النفسي في سن الرابعة وبناءًا على تعليمات الطبيب النفسي الخاص به، أما هي؛ كانت حزينة كثيرًا لأن طفلها يخاف حتى الخروج من المنزل صار عمره عشرة أعوام ولا يوجد أي تحسن في حالته إلى الآن ... لم تنتبه لزوجها الذي إنتبه لوجودها وإستقام من مقعده وإتجه نحوها بإبتسامة لطيفة ... وهنا إنتبهت لزوجها الذي إحتضنها بكلتا ذراعيه مقبلًا شعرها الأسود بحب ...
مصطفى:"واقفه هنا من إمتى؟"
إستندت فريدة برأسها على صدرة متحدثة بحزن وشرود:"من شويه."
إنتبه مصطفى لنبرتها الحزينه إلتمس وجنتيها بيديه الدافئتين ورفع رأسها لينظر بداخل عينيها ...
مصطفى بتفهم وهدوء:"هيخف يا حبيبتي، أنا مش هسيبه كده، خليكي واثقة فيا."
فريدة بإبتسامة مطمئنة:"واثقة فيك يا حبيبي."
ضمها بحب ثم نظر صوب النافذة يراقب الأمطار التي تهطل في الخارج .. وصل إلى مسامعهما نغمة موسيقية ناعمة تلائم ذلك الجو الممطر إبتعد مصطفى عنها قليلا وإبتسم لها إبتسامة عذبة يعبر من خلالها عن مدى حبه لها ... مد يده لها في حركة لطيفة يحثها على الرقص معه .. ضحكت ضحكة خفيفة وأمسكت بيده وبدأ يتحرك بها حركات خفيفة واضعا يده الأخرى حول خصرها يقربها نحوه أكثر ..إبتسمت بخجل واضح ..
مصطفى وهو ينظر داخل عينيها:"بعد كل السنين إللي بينا دي ولسه بتتكسفي مني؟"
فريدة وهي تنظر إليه في المقابل:"مهما عدا بينا يا مصطفى، أنا لسه بحس إني بنت صغيرة لما ببقى في حضنك، وإن إللي فات ده كله دقايق وعدت."
قبل رأسها ثم أسندت رأسها على كتفه وأكملا رقصتهما في هدوء وبعد ثوانٍ قاطع ذلك الهدوء إستفسارها ..
فريدة:"إنت ليه مغيرتش هدومك لحد دلوقتي؟ إنت من ساعة ما رجعت من الشغل وإنت مغيرتش ومش راضي تاكل."
تنهد مصطفى متحدثًا بإرهاق:"ماتشغليش بالك بيا."
فريده معقدة حاجبيها وهي تنظر إليه:"إزاي مشغلش بالي بيك؟؟ أنا شريكة حياتك يا حبيبي ولازم تحكيلي كل حاجة."
أغمض عينيه قليلا ثم بدأ يتحدث بعدم إرتياح:"وضع الشركة الفترة دي مش مريح بالنسبالي على الرغم إن أنا و جمال محققين نجاح كبير بس مش عارف مش مرتاح الفترة دي .. حاسس بحاجة غريبة ومش فاهمها."
فريدة بضيق واضح:"أكيد جمال شريكك ورا قلة راحتك دي."
مصطفى بإستسلام من إتهامها الدائم لشريكه في العمل:"فريدة أنا مقدر إنك بتكرهي جمال ولا حابه صداقتي ليه .. بس صدقيني ده الشخص الوحيد إللي أقدر أعتمد عليه في كل حاجة."
فريدة بضيق وعدم إرتياح:"براحتك."
مصطفى وهو يمسك بكتفيها:"نفسي أفهم بتكرهي جمال ليه؟"
نظرت فريدة لزوجها متذكرة نظرات جمال الوقحة لها وتحدثت مع زوجها مرارًا وتكرارًا بخصوص ذلك الأمر ولكن جمال دائمًا يظهر كالبرئ والمخلص والوفي أمام زوجها .. خبيث!! ...
فريدة بتنهيدة:"مافيش، خلاص إنسى الموضوع."
نظر لها قليلًا وكاد أن يتحدث ...
؟؟:"بابا."
إنتبه مصطفى لطفله الغالي على قلبه والذي سوف يضحي بكل شئ من أجله إن تطلب الأمر ... إبتسم له بحب كبير وبادله طفله بإبتسامة بريئة تليق بإسمه فهو إسمٌ على مسمى ... "براء" ... إرتمى في أحضان أبيهرالذي ضمه بشدة ..
براء:"وحشتني أوي يا بابا، ليه مطلعتش للأوضة بتاعتي تقرألي قصة مع ماما؟"
مصطفى وهو ينظر في عينيه ويربت على شعره الأسود:"معلش يا حبيبي، ورايا شغل كتير بخلصه ماتزعلش مني، بكرة هعوضك."
هز براء رأسه بإبتسامة جميلة ..
فريدة:"حبيبي صاحي ليه لحد دلوقتي؟"
براء:"المطر كان صوته شديد بره ومعرفتش أنام."
إحتضنته فريدة وهو إستند برأسه على بطنها مغمضًا عينيه بطمأنينة وراحة .. أما مصطفى كان ينظر لكليهما بحب شديد .. فماذا يريد الإنسان في هذه الحياة سوى الحصول على عائلة لطيفة مثل تلك؟ .. جلس براء مع والديه يلاعبانه بألعابه اللطيفة مثله .. فهو على الرغم من أنه صاحب عشرة أعوام وواعٍ إلا أنه كالطفل الصغير الذي لا ملجأ له سوى أحضان والديه .. بعد مرور وقت قصير إنتبهوا على صوت دقات غليظة على باب الفيلا ... فزع براء بسبب صوت الطرقات العالية وإختبئ في أحضان والدته ...
فريدة لمصطفى وهي تزيد من ضمها لإبنها:"مين هيجيلنا في الوقت ده؟؟"
مصطفى بعدم فهم:"مش عارف."
كادت أن تتحدث فريدة ولكن قاطعها صوت الشخص الطارق ..
؟؟:"مصطفى."
إنتبه مصطفى للصوت المألوف بالنسبة له .. هل يمكن؟؟ ... عقد حاجبيه بضيق...
مصطفى:"ده جمال يا فريدة، أنا هفتح مش هاخد دقيقه وهخليه يمشي."
هزت رأسها بهدوء وإنتبهت لبراء الذي يرتعش في أحضانها . تحركت به نحو غرفة الضيوف المخصصة بهم وجعلته يختبئ تحت كرسي بها تخفيه عن الأنظار لأن لا أحد لديه علم بوجوده ..
فريدة بإبتسامة جميلة وهدوء:"ماتخفش يا حبيبي، بابا هيمشيه ماتقلقش."

القاتل الراقي _ مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن