13

182 3 0
                                    

الفصل الثالث عشر
"النسيان ليس بتلك السهولة"
في صباح اليوم التالي:
كانت نائمة تحلم بذلك اليوم كالعادة .. تحلم به وهو يحملها بين يديه ورائحة الدماء نفاذة بسبب أن ملابسه ملطخة بها ... وفجأة وجدت نفسها بأسفل حمام السباحة تفقد أنفاسها ثم يأتي هو وينقذها .. وبعدها يختفي ذلك المشهد من أمامها، ثم تراه يقف أمامها بملامحه الباردة ..
مريم:"أنا بحبك أوي."
ياسين بنظرة خالية من الحياة:"وأنا كمان يا دكتورة."
قامت بفتح عينيها تُعلن عن إستيقاظها وتحاول إلتقاط أنفاسها بإنتظام، تشعر كأنها كانت تجري في طريق لا نهاية له .. إعتدلت بفراشها ونظرت حولها .. تحسست ملابسها ووجدت أنها مازالت ترتدي الثوب الذي كانت ترتديه أمس .. حاولت تذكر ماحدث ليلة أمس .. وقد تذكرت .. تذكرت كيف أهانها وجرح مشاعرها عندما أعلن أن له عشيقة أخرى، تتذكر كم كانت غاضبة كثيرًا وذهبت لإحدى غرف المطابخ وبعدها لا تتذكر شيئًا .. ولكن هناك شئ، يتردد في مسمعها جملتين .. "أنا بحبك أوي .. وأنا كمان يا دكتورة" ... أغمضت عينيها بإرهاق فقد نسج عقلها الباطن حديثًا بينها وبين ياسين المغربي وماتتذكره فقط هما تلك الجملتين .. هزت رأسها بيأس .. لماذا تأتي له بمبررات كثيرة؟؟ .. لقد أرهقها حزنًا؛ فهي لم تسمح لأحد أن يقوم بالتأثير عليها هكذا من قبل .. إذا ما الفائدة؟؟ .. لا يجب أن تكون معه بعد اليوم .. فقد قام بإهانتها وجرح مشاعرها ولا تستطيع أن تبقى هكذا .. نظرت للثوب الذي ترتديه مرة أخرى، وضحكت بإستهزاء على حالها؛ فقد كانت تعتقد أنه سيحدث أي شئ سوى أن يجعلها تقوم بمقابلة عشيقته .. "الحقير" .. تحولت ملامحها للإشمئزاز ولا تستطيع أن تطيق الثوب الذي ترتديه .. إستقامت من فراشها وتوجهت نحو خزانة ملابسها لتقوم بتغيير ملابسها؛فهي لا تريد شيئًا منه ولا تريد أن تراه بعد اليوم .. بعد مرور وقت قصير .. كان عماد يجلس بغرفته يشعر بالضيق وهو يشاهد التلفاز؛ فقد كانت حفلة أمس تتصدر الأخبار والصحف، يعلم جيدًا أن مريم تعشق ياسين كثيرًا ولكنه قام بإهانتها أمام الجميع بطريقة غير مباشرة .. أغلق عماد التلفاز وخرج من غرفته وتوقف أمام غرفة مريم وقام بطرق بابها وبعد عدة ثوانٍ فتحت مريم الباب بأعين حادة، ولكن سرعان ما إبتسمت إبتسامة هادئة عندما وجدته عماد ..
عماد:"ممكن نتكلم شويه؟"
مريم بإبتسامة:"أكيد، إتفضل."
تحرك عماد بكرسيه المتحرك وهي أغلقت باب الغرفة عقب دخوله توقف عماد بكرسيه أمام فراشها وأشار لها بالجلوس أمامه .. جلست أمامه ونظرت إليه بإستفسار .. أمسك عماد بيدها ونظر بعمق عينيها ..
عماد:"أنا آسف على إللي هو عمله فيكي، مكنش ينفع يعمل كده."
مريم بلامبالاة مصطنعة:"وهو عمل إيه أصلا؟؟ مايفرقش معايا أي حاجة هو عملها."
عماد بتنهيدة بسيطة وهو ينظر بعمق عينيها:"عينك بتقول العكس يا مريم، إنتي لسه من كام يوم قايلالي إنك بتحبيه، دلوقتي خلاص مبقاش يهمك؟"
مريم بقوة:"إللي يقلل مني بالشكل ده، يبقى مايفرقش معايا."
عماد بإبتسامة:"حلو، ده إللي عايزك تكوني عليه دايمًا .. كنت خايف تكوني متأثرة."
عقصت مريم حاجبيها بغضب وأردفت:"لا مش أنا إللي أتأثر بسبب حاجة زي دي، حقي هاخده منه، سواء دلوقتي أو بعدين."
عماد بإستفسار:"طب إنتي ناوية على إيه؟"
مريم:"هسيبله كل حاجة وأمشي، أهم حاجة إني مش عايزة أشوفه."
عماد:"ولو موافقش؟"
مريم بضيق:"هيوافق غصب عنه، وبعدين مش من حقه يمنعني أصلا."
صمت عماد قليلًا ولكنه أردف بعد ثوانٍ ..
عماد بإستفسار:"محتاجة فلوس طيب؟"
إبتسمت مريم بحنو وربتت على يده ..
مريم وهي تنظر بعمق عينيه:"مش محتاجة ماتقلقش، وحتى لو إحتجت أنا هعرف أدبر نفسي، يعني مرتبي على معاش بابا الله يرحمه هتتدبر، وبعدين مش مريم إللي تبين للناس إنها محتاجة فلوس."
عماد بتوضيح:"أنا بس قصدي عشان بعد كده، عشان تبدأي حياتك، إيجار ومصاريف، أنا قلقان عليكي، مهما يكن إنتي في حكم حفيدتي، وليكي حق عليا، لو عايزة أنا ممكن أعملك توكيل بحق التصرف في ممتلكاتي و......"
مريم بحب مقاطعة له:"عماد، شكرا .. بس أنا مش محتاجة حاجة، أنا أقدر أعتمد على نفسي، أنا بنت بمائة راجل."
عماد بتفهم:"ماشي، بس إنتي معاكي رقم البيت هاه؟ إبقي إسألي عليا، ماتنسينيش."
مريم بتفهم:"حاضر، وإنتي كمان معاك رقمي لو إحتجت حاجة كلمني."
عماد:"تمام، هتمشي إمتى؟"
مريم بتفكير وإستفسار:"هو هنا؟"
عماد:"على ما أعتقد أيوه."
مريم بقوة:"همشي من دلوقتي، هروح أتكلم معاه بخصوص إستقالتي."
لمعت عينا عماد بالدموع؛ ولاحظت مريم ذلك ..
عماد بإبتسامة حزينة:"خدي بالك من نفسك."
إحتضنته مريم وهو بادلها بقوة .. يحاول كتم شهقاته بسبب عبراته التي بدأت في الهطول من عينيه؛ فقد تعلق بها كتعلق الإبن بوالدته .. إبتعدت مريم عنه وهو حاول أن يقوم بمسح عبراته ولكنها قامت بمسحهم نيابة عنه ..
مريم:"عايزاك تبقى أقوى، أنا مش قادرة أسيبك بس ماينفعش أفضل هنا بعد إللي حصلي."
عماد برفض وبصوت متحشرج:"وإنتي من مصلحتك إنك تبعدي عن هنا، وهفضل أقولهالك، ياسين المغربي مايستاهلش أي حاجة حلوة، حتى إنتي مايستاهلكيش، إنتي ملاك لكن هو شيطان، هو مابيرحمش، وطالما إنتي بعيدة عنه فإنتي هتكوني في أمان."
هزت مريم رأسها وقامت بتقبيل مقدمة رأسه ..

القاتل الراقي _ مكتملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن