الفصل العشرون
"من براء؟"
يغلق أزرار سُترة حُلته السوداء الراقية وهو يقف أمام المرآة وبعد أن إنتهى أمسك بالورقة المطوية الموجودة أمامه وذهب بإتجاه الفراش، يراها نائمة ترتسم على وجهها إبتسامة لطيفة وهادئة إقترب منها بهدوء وقبَّل مقدمة رأسها ثم نظر لها يتأملها لعدة ثوانٍ، يعلم أن تلك السعادة مؤقتة، لقد أخبرها قبلًا أنها لن تكون سعيدة معه أبدًا؛ فالحب لا يكفي للسعادة، يجب أن يكون للعقل دور في ذلك .. نظر قليلًا للورقة التي بيده وتركها بجانب الفراش ووضع معها وردة حمراء .. نظر لها مرة أخيرة ثم غادر الغرفة بعد ذلك ... خرج ياسين من القصر وركب سيارته وبعدها تحرك سائقه وتبعه نصف رجاله أما النصف الآخر بقي ليقوم بحراسة القصر ... يتذكر ليلة أمس، كيف كانت كالطفلة بين يديه لا تعلم أي شئ .. لقد كانت مختلفة .. ولكنها تُذكره بها .. أول فتاة أحبَّها، لقد سرقت قلبه ثم بعدها قامت بكسره ... قامت بخيانته وبيعه لأعداءه .. إنتبه على أصوات الأمطار الشديدة بالخارج ويصاحبها الرعد، لقد كانت الأمطار تهطل بغزارة .. ذلك الصوت .. يُذكره جيدًا بما حدث في ذلك اليوم .. نظر ليديه الإثنتين قليلًا ثم تنهد وعاد ينظر أمامه بهدوء .. كانت نائمة ومازالت تلك الإبتسامة مرسومة على شفتيها ... تململت في الفراش ولكنها شعرت بالفراغ بجانبها .. قامت بفتح عينيها بنعاس وتفاجئت به غير موجود بجانبها .. إعتدلت بالفراش ونظرت حولها بنعاس وجدت ورقة مطوية بجانب الفراش .. إلتقطتها وقامت بقرائتها ووضعت الوردة جانبًا ...
"زوجتي العزيزة .. أعتذر لأنكِ إستيقظتِ ولم تجدينني بجانبكِ .. لقد طرأ لي أمرٌ عاجل؛ فاضطررتُ إلى الرحيل في الصباح الباكر .. أوتعلمين شيئًا؟ أنتِ جميلة جدًا؛ فقد ظللت مستيقظًا بجانبك أتأملك طيلة الليل، وعند رحيلي لم أشأ أن أوقظكِ لأني لا أريد إزعاجكِ .. أعدُكِ أنني سأقوم بتعويضكِ عن ذلك قريبًا .. أرجو منكِ أن تقبلي تلك الوردة كإعتذارٍ مني .. زوجكِ العزيز."
أمسكت الوردة الحمراء الموضوعة بجانبها ونظرت لها ثم عادت بنظرها نحو الرسالة .. كان يجب أن تكون سعيدة .. لماذا شعرت بالحزن عندما لم تجده بجانبها .. تتمنى بداخلها ألا تندم على إستسلامها له .. إنها تحبه وتستطيع تحدي نفسها بتغييره وأول طريقة لذلك هو التعامل بشكل طبيعي معه وألا يشعر أنها تحاول تغييره .. تعترف أن ماحدث بالأمس ليس له علاقة بذلك فقد إستسلمت له لأنها تحبه وهو يحبها ويتضح ذلك عليه حتى وإن لم يُخبرها بذلك .. ولكن تتمنى أن يكون إستسلامها له هو خطوة كبيرة في تغييره .. نظرت للوردة مرة أخرى ثم تنهدت، حسنًا هو قال أنه سيقوم بتعويضها ستنتظر ذلك التعويض .. نظرت للفراش وإحمرت وجنتاها عندما تذكرت ماحدث ليلة أمس ... إستقامت من الفراش وهي تسير بهدوء وإتجهت نحو الحمام ولكنها توقفت عندما رأت زجاجة عطر موضوعة بجانب المرآة في الغرفة إقتربت نحوها وحملتها بين يديها وقامت بشم رائحتها .. إنها رائحته هو ... أغمضت عينيها تتأمل ذلك العطر الرائع لعدة ثوانٍ ولكنها إستفاقت بعد ذلك وتوجهت نحو الحمام .. بعد مرور عدة دقائق .. خرجت من الغرفة بعدما قامت بتبديل ثيابها ودلفت لغرفة عماد كان يجلس على كرسيه المتحرك أمام نافذ الغرفة الزجاجية يتأمل الأجواء بالخارج ..