الفصل الحادي عشر
"جميعنا نستحق فرصةً أخرى"
ظلت واقفة أمامه تنظر إليه بعدم فهم من تلك الجملة التي قالها للتو "أنا قاتل؟!" ... وما أثار فضولها هو إبتسامته الهادئة تلك، هل يراها مجنونة؟؟ غبية؟ حسنًا هي غبية لكن ليس لدرجة الجنون .. تنهدت مريم ثم أردفت بمزاح من حديثة ..
مريم بإستفسار:"هو إنت شايفني عيلة هبلة واقفة قدامك؟؟ إيه *قامت بتقليده* *أنا قاتل يا دكتورة* دي."
ثم قهقهت كثيرًا على تلك الجملة ولكنها صمتت وهدأت عندما إختفت إبتسامة ياسين وعادت ملامحه للبرود مرة أخرى ...
مريم بإبتسامة هادئة:"أنا عارفة إنك بتهزر معايا، *أكملت بتفكير* عشان إللي أعرفه إن القاتل عمره مايعترف إنه قاتل، لإنه بيكون مريض نفسي وإللي أعرفه أو قرأته في علم النفس هو إن المريض مش بيعترف بإنه مريض."
ياسين وهو ينظر بعمق عينيها:"وليه بتفرضي إن القاتل لازم يكون مريض نفسي؟؟ ما ممكن يكون مجرم وبيقتل لغرض معين؟"
توترت مريم من نظراته تلك قليلًا ولكنها أكملت بثقة ..
مريم:"بس إنت عمرك ماتكون قاتل."
ياسين بإستفسار:"ليه؟"
مريم بأمل متعلقة بعينيه:"عشان إنت أنقذتني، وعشان كمان إنت أنقذت الطفل الصغير إللي كان موجود في المستشفى هو محكاش حاجة بس ده إللي أنا إستنتجته، وجبت حق روان من إللي إغتصبها أنا مش عبيطة أنا واخدة بالي من كل حاجة، لإن من بعد ماحضرتك إتدخلت والولد إتعدم، ده غير إنك سجنت مرتضى بسبب إللي عمله، كل ده دليل يثبت إنك مش قاتل *ضحكت ضحكة خفيفة* وبعدين هو في قاتل تعامله راقي ولطيف كده؟ بيتعامل كإنه في عصر الستينات مثلا؟ زمن سعيدة يا هانم؟ بونسوار؟، أكيد لا طبعا مافيش الكلام ده، ده أنا على كده بقا أسميك "القاتل الراقي" لو الكلام ده صح."
قهقهت ولكنها هدأت وظلت تنظر له بهدوء منتظرة ردًا أو تعليقًا منه على حديثها؛ أما بالنسبة لياسين فظل واقفًا أمامها لم يُجبها بأي شئ ولم يُعلق على حديثها، ينظر لها بهدوء ولكن يبدو على ملامحه أنه شارد وهو ينظر إليها ولكنه إستفاق من شروده سريعًا وعادت ملامحه إلى بروده المعتاد..
ياسين بهدوء:"في حاجة طيب أقدر أساعدك فيها يا دكتورة؟"
تحولت ملامحها للإستفهام ولكنها إستوعبت أنها مازالت موجودة بغرفة مكتبه ويبدو أن وجودها يزعجه فهي من إقتحمت غرفته ..
مريم بإحراج:"أنا آسفة، نسيت خالص إني المفروض أخرج بس أنا سألت حضرتك سؤال ومحتاجة رد عليه."
ياسين ببرود:"أنا بالفعل رديت يا دكتورة."
مريم بإستسلام وتفهم:"تمام من الواضح إنك في مهمة ولو قولت حاجة أكيد كل حاجة هتبوظ."
عقص ياسين حاجبيه من تفكيرها الغريب ذاك .. تنهدت مريم ثم أردفت ..
مريم بإستفسار:"هشام فين طيب؟"
ياسين بهدوء:"تقدري تعرفي بنفسك يا دكتورة، إتفضلي."
أشار نحو طريق الخروج من الغرفة ... هل قام بطردها للتو؟؟ .. ظلت واقفة لعدة ثوانٍ تقوم بإستيعاب ما يحدث، هل ضايقته في شئ لكي يقوم بمعاملتها هكذا؟؟ ... لكن لا، لن تسمح له بأن يُشعرها أنه قام بإهانتها للتو، رفعت رأسها بشموخ وإبتعدت عنه ثم خرجت من غرفة المكتب وهي تشعر بالضيق من شعور أنها تريد أن تبقى معه أكثر من ذلك ... لا تصدق أنها تعيش مع مُنقذها في نفس المنزل .. بعد خروجها من غرفته توجه ياسين نحو فراشه وتسطح به وأغمض عينيه بنعاس لأنه لم ينم منذ أمس...
........................
دخلت غرفتها ولكنها تفاجأت بوجود عماد ينتظرها في الغرفة ..
عماد بقلق من ملامحها:"مريم، إنتي كويسة؟ انا كنت قلقان عليكي من إمبارح إنتي مرجعتيش ليه؟ وبعدين إنتي كنتي فين أصلا؟ وإيه إللي عامل في وشك كده؟"
تنهدت مريم وإبتسمت له بهدوء وأمسكت بمقبض كرسية وجعلته أمام فراشها والذي جلست عليه بعدها ..
مريم ممسكة بيدة:"أنا كويسة الحمدلله، ماتقلقش عليا، بالنسبة لباقي الأسئلة دي مش عايزاك تشغل بالك بيها."
عماد بضيق:"إزاي مشغلش بالي بيها؟؟ إنتي مش شايفة نفسك يا مريم، ردي عليا إيه إللي حصل؟"
تنهدت مريم بصعوبة ثم أخذت تسرد له ماحدث ... وبعد أن إنتهت من حديثها .. ظل عماد صامتًا لم يعلق على أي شئ مما قالته ...
مريم:"عماد."
إستفاق عماد من شروده ونظر لها بإستفسار ...
مريم بإستفسار:"إنت ليه ماقولتليش إنك تبقى أبوه؟"
عقص عماد حاجبيه ولكنه تنهد..
عماد:"ماكنتش حابب أحكي حاجة، أنا وياسين علاقتنا مش كويسة أبدًا."
كادت أن تتحدث ولكن قاطعها عماد ..
عماد بجدية:"ماتسأليش عن أي حاجة تاني يا مريم تخصني وتخص ياسين، حافظي على سلامتك وبس، وحاولي على قد ماتقدري تبعدي عن ياسين."
مريم بعدم فهم وإستيعاب لنفسها:"إزاي أبعد عنه بعد ما لقيته؟"
تحولت ملامح عماد للإستفسار مما سمعه وكاد أن يسألها ماذا تقصد، تنهدت بصعوبة فمخاوفه تلك عادت مرة أخرى، قررت أن تسايره ...
مريم بهدوء:"ماشي، هبعد عنه حاضر."
إبتسم عماد لها بحب أبوي وقام بالربت على يدها ...
عماد:"إنتي غالية عندي أوي يا مريم، وطالما إنتي كويسة فأنا مرتاح."
إبتسمت له بإطمئنان، وكانت تريد أن تسألة ماذا يعمل ياسين؟؟ ولكنها إحترمت رغبته في عدم التحدث عنه ..
..................................
