** ثانىِ قطرة ** P2

6.5K 449 190
                                    

تذكرت كلِمات والدِها " حبيبتي آن هذا العالم لا يعيش فيه غير الأشخاص الأقوياء ولا شئِ يهِزهم لا من الداخل , ولا من الخارِج لذا فعليكي أن تكونِ قوية حتى تستطيعين العيش فى هذه الدنيا وتستطيعين أيضاَ النجاة مِن مخاطرها فالقدر لا يُحب الضعفاء ", كان والِدها دائماَ يقول لها هذا الكلام كأنهُ كان يعلم أنهُ سيترُكها وحيدة فى سِن صغيرة ولكن هذه الكِلمات ظلت فى ذاكرة " آن " .

.ولهذا قررت أن لا تبكي وقالت " أن الجميع يقول أن الأموات دائماً فى أماكن أفضل من هنا بكَثير لذا سأكون قوية من أجلك أبي وستكونين فَخورة بي أمي " , منذ أن أخذت هذا القرار وهى ما يشغِل بالُها فقط هو كيف ستستمر فى حياتِها بدونهما.

" هيا أيها الأطفال حتى نستطيع أن نوزعكُم على غُرفِكُم " أفاقت من شرودها على هذه الجملة القادِمة من سيدة فى الأربعينات من عُمرِها , وليست هيا إلا السيدة "چاين "مديرة الميتم قالت لهم " أنا سيدة چاين إعتبروني كـأمُكُم يا أطفال هيا هِني خذ الأولاد معك إلى قِسمهُم و أنا سأأخُذ الفتيات "

و بالفعل أخذ هِنرى الأولاد إلى قِسمهُم والذى هو عِبارة عن مبنى يبعُد عِدة أمتار قليلة عن مبنى الفتيات فهذه الدار, تتكوُن من جزئين - جزء للفتيات وجزء للأولاد لأن الأطفال يبقون فى هذه الدار حتى يكبرون وينضجون, نختصِر القول بأنهُم لا يخرجُون من هذا الميتم حتى يستطيعون الإعتِماد على أنفسهُم .. وتكوين حياة مُستقِلة .

تم توزيع الأطفال بالفِعل على الغُرف فأصبحوا كُل خمسة فتيات فى غرفة وكذلك الفتيان , دخلت " آن " الغرفة المشتركة بينها وبين أربعة , فتيات بنفس سِنها تقريباً , أختارت السرير الذى بجانب النافِذة الكبيرة وجلست عليه وأخذت تنظر إلى الخارِج " أهلاً أنا إيمى و أنتى ؟ " .

نظرت إلى الصوت فإذا بِها فتاة من الأربع فتيات اللاتي يشتركن معها الغر فة فقالت لها " وأنا آن " فقالت إيمي " أنا عمري خمس سنوات ونِصف, توفي أبي وأنا بالثانية من عمري أما امي فتوفت منذ أسبوع فقط لهذا أنا هُنا وأنتي ؟ " قالت لها آن " أمى وأبى توفوا منذ أسبُوعين فى حادثة " فقالت لها إيمى " نحن معاً بالغرفة لذا نحن أصدقاء اليس كذالِك ؟ " قالت لها آن " نعم أصدقاء " .

وصافحت الفتاتان بعضهما , ثم جاءت إليهما بقية الفتيات فى الغرفة وقالوا " أنا دانا - وقالت الأخرى - أنا ماتيلدا - ثم قالت الثالثة - وأنا ماجى وماتيلدا هى شقيقتي " قالت إيمى " أنا سعيدة أن لي أصدقاء أعتقدتُ أن هُناك من سيضرِبُنى أو يتنمر علي أنا حقاً سعيدة بكم "

قالت لها آن " لن يضربك أحد أنا سأحميكي أنتن من الأن مثل أخواتي " سعِدت الفتيات الصغيرات ببعضهِن كثيراً كما لو كن يتمسكن بهذا الأمل حتى يستطِعن العيش فى هذا العالم القاسى ( عالم الأيتام ) .

صباح اليوم التالي

أستيقظت الأميرة الصغِيرة على ضوء الشمس وصوت سيدة تقول " هيا يافتيات ميعاد الإفطار الأن... هيا عزيزاتى " , قالت لها ماتيلدا بصوت ناعِس وهى تفرُك فى عينيها "ولكن من أنتي أنستي ؟ " ضحِكت الأنسة بخِفة و قالت " المشرفة عليكن أدعىَ الأنسة ياسمين.. والأن هيا الى دورات المياة سريعاً حتى تغسلن وجوهكن وتفرشن أسنانكُن.. هيا بدون كسل " .

ذهبت الأنسة ياسمين وقامت الفتيات من أسِرتِهُن حتى يتوجهن لدورة المياة, قُمن بِما قالت لهم الأنسة ياسمين , وعِندما خَرجن وجدن صف من الفتيات أمامهمن ,قالت لهن الأنسة ياسمين " هيا يافتيات قِفن فى أخر الصف.. و أنتُن جميعاً هيا ورائي حتى نذهب الى قاعة الطعام " .

وقفت جميع الفتيات صفاً أمام طاوِلة كبيرة عليها أصناف قليلة من الطعام وخلف هذه الطاوِلة توجد إمرأة فى العِقد الخامس من عُمرِها - فى الخمسين من عُمرِها - تبتسم لهن بِود, أخذت آن وصديقاتِها الطعام وجلسن على طاوِلة وحدهُن وأخذن يأكلن فى صمت .

ولكن مالفت إنتباه آن أنها رأت خارِج النافِذة نفس الفتى َ ذو الشعر الأشقر الذى رأتهُ بالأمس, قامت من مكانِها وخرجت من باب القاعة وذهبت لهُ, ثم جلست بجانبهُ وقالت لهُ " لماذا تبكي ؟ " فنظر إليها هذا الفتىَ وقال لها ببراءة وهو مازال يبكى " من أنتي ؟ " .

قالت لهُ " أنا آن ولكن لماذا تبكي ؟ " قال لها " لأن أبي وأمي هربوا وتركوني وحدي " فقالت لهُ آن، بكل شجاعة لا تخرج من طِفلة إلا نادِراً " أنت لست وحدك, أنا معك " فنظر إليها الفتىَ.. فقامت بمسح دموعُه وقالت لهُ " أنا صديقتك منذ الأن وأنت لست وحيد ولا تبكي ثانيتاً " .

ظل هذا الفتىَ ينظر إليها بدون أن ينطِق بِحرف واحد فقالت لهُ " ما رأيُك ؟ أنا ساكون صديقتك وأمك أيضاً " إبتسم الفتىَ ببراءة وقال لها " ولكِنك صغيرة مثلي كيف ستكونين أمي ؟ " قالت له " لا أعلم ولكني سأُحاوِل ما رأيك هل أنت موافِق ؟ " .

فقال لها وعلى شفتيه الصغيرة إبتسامة جميلة " نعم أنا موافق " فقالت لهُ " حسناً ولكن ما إسمك ؟ " قال لها " أنا چيك " قالت لهُ " وأنا آن وسنكون أصدِقاء الى الأبد وسأُعرفك صديقاتي أيضاً " فقال لها " حسناً " .

بـهَذِه الكلِمات المليئة بالبراءة والصدق الذى لا يعرف خيانة أو كذِب أبداً أصبح چيك و آن أًصدِقاء وعرفتهُ أيضاً على صديقاتها بالغرفة أو كما تقول أخواتِها وتعرفت هى أيضاً على أربعة فِتيان يشارِكُون چيك الغرفة ( چايد و دانى و إدوارد و ستيڨـان ) .

مرت الأيام عليهُم وعِلاقاتِهِم ببعضِهِم تزداد يوماً بعد يوم وتقوىَ أكثر وعلاقة چيك بــ آن تقوىَ أكثر وأكثر.. كانت فعلاً مِثل مِثل أُمهُ رغم صِغر سِنها, أهتمت بِه كثيراً وأعطتهُ الحنان الذى تعلمتهُ من والديها وكانت بجانبه بكل شئِ .

___________________________________________________________________

مطر لكن بدفئحيث تعيش القصص. اكتشف الآن