الفصل 19: حنين وأمجد

19 2 0
                                    

لم تعد ساقاي تحملانني، جثيتُ على الأرض ودموعي وحدها تعبّر عمّا بداخلي. شعرتُ باقتراب بقيّة الطلّاب، ثمّ رأيتُهم قد أحاطوا بأمجد. وبعد لحظات سمعتُ أحدهم صرخ قائلا "لا يزال حيّا، اطلبوا الإسعاف"

هل قال لا يزال حيّا؟! تطلّب منّي الأمر بعض الوقت لأستوعب ما قاله، ثمّ شعرتُ بيد امتدّت إليّ، وحين رفعتُ رأسي وجدتُ حنين تحاول مساعدتي على النّهوض. اقتربتُ من أمجد حيث كان الجميع منتظرين وصول سيّارة الإسعاف، ولم يجرؤ أحد على لمسه. ثيابه ممزّقة بشكل غريب، الجراح تملأ جسده ووجهه و رأسه، والدّماء تغطّيه.

أمجد، أرجوك لا تمت!

بعد لحظات وصلت سيّارة الإسعاف، وقاموا برفعه بصعوبة نظرا لحالته. وبعد كثير من الإصرار وبعد ما رأوا بي من الخوف عليه، سمحوا لي بالذّهاب معه إضافة إلى أحد أصدقائه.

في المشفى، دخل غرفة العناية المركّزة. أمّا أنا فجلستُ أنتظر وأفكاري لا تستطيع الهدوء. وبعد لحظات وصل أفراد عائلة أمجد وكان واضحا بأنّ الخبر قد وقع عليهم كصاعقة. بعد الهلع وبعد الكثير من الأسئلة، جلسوا منتظرين بهدوء.

حلّ الظلّام وأنا لم أخبر عائلتي حتّى عن مكاني، لكنّني غير قادرة على التحرّك قبل أن أطمئنّ عليه. أرجوك لا تمت، أمجد!

حين تجاوزت السّاعة العاشرة، خرج إلينا الطّبيب وقال دون أن نسأله "لا تقلقوا هو بخير، فقد كثيرا من الدّم لكنّنا استطعنا إنقاذه"

حمدا لله، كانت كلماته بمثابة الفرج بعد الشدّة. حين غادَرَنا الطّبيب، اقترب منّي والد أمجد وقال "تدرسين مع أمجد؟"

اكتفيتُ بأن أومأتُ له برأسي فاستطرد قائلا "سأوصلكِ لمنزلك فلا شكّ بأنّهم قلقون عليك، أمجد بخير كما سمعتِ"

كان عليّ أن أقبل عرضه، فأنا لا أستطيع العودة وحدي على أيّ حال. حين وصلنا إلى المنزل شرح والد أمجد لوالدي ما حدث، وبأنّني بقيتُ للاطمئنان على ابنه. أمّا انا فرغم كثرة الأسئلة في البيت مثل، أنتِ بخير؟ ماذا حدث؟ كيف هو الفتى الآن؟ لم أكن قادرة على النّطق بكلمة واحدة. دخلتُ غرفتي ثمّ ارتميتُ على سريري وأنا أشعر بتعب شديد.

نجم أين أنت؟ لمَ لم أعد أشعر بوجودك؟ أيُعقل أنّك اختفيت إلى الأبد؟ أعليّ أن أفرح لنجاة أمجد أم عليّ أن أبكي فقدانك الآن؟!

في اليوم التّالي في الثانوية، كان الجميع يتحدّثون عمّا حدث لأمجد. لكنّ أحدا لم يذكر سببا لذلك. وحين التقيتُ حنين، أخبرتني بأنّها طلبت ممّن حضروا حادثة الأمس أن يلزموا الصّمت إلى حين عودة أمجد. وقد وافقوا على ذلك خوفا من تكرّر الهجوم إن قالوا أيّ شيء!

قبل بدء الدّروس، جلستُ وحدي بقرب إحدى النّوافذ، ثمّ اقتربت منّي حنين وقالت بابتسامة "لازلتِ قلقة؟"

ثانوية الأشباححيث تعيش القصص. اكتشف الآن