بدا إياد متردّدا فيما سيقوله، وكأنّ الأفكار قد سرقته منّا وجعلته يغوص في بحر من الحيرة. فجأة ألقى بثقله على الباب متّكئا عليه ثمّ نظر إلينا بعينان قلقتان وقال "أتعون ما الّذي تفعلونه؟! في هذا عليكم أن تتصرّفوا ككبار لا كمراهقين، فاضل ذاك يقتل كلّ من يقف في وجهه، ولا يهمّه لا عمره ولا غير ذلك، ألا تشعرون بالخوف؟"
نظرنا نحن إلى بعضنا، ثمّ ابتسمنا معا وحين عدنا للتّحديق بإياد قال أمجد "إن كان التصرّف ككبار يعني أن نسكت عن الحقّ..."
ثمّ أردفت حنين "فنحن لا نريد أن نكبر!"
بدا إياد مندهشا ممّا قالاه، وخلال ذلك كان نجم ينظر إليّ بابتسامة مشرقة عرفتُ من خلالها بأنّه يريدني أن أتحدّث عن نفسي وعنه، فقلت محدّقة بإياد "قد نكون صغار السنّ، لكنّنا نفهم أمورا بسيطة، بأنّ الموت واحد، الحياة قصيرة مهما طالت، والأعمال بخواتيمها، أفضّل أن أموت الآن في سبيل هدف نبيل بدل أن أحظى بحياة طويلة مليئة بذلّ الخوف من النّاس!"
واصل إياد التّحديق بملامح متعجّبة ثمّ ابتسم وقال "وأنا لن أكون أقلّ منكم، ما الّذي عليّ فعله؟"
وبالفعل أخبرنا إياد عن الجثث بأنّها مدفونة في إحدى مزارع فاضل الذّهبي، وكان رأيه أيضا أن يقوم بتفتيش قبور الأساتذة الّذين قُتلوا أوّلا ليرى ما المدفون فيها، وبعدها ستحين العملية الكبيرة، تفتيش مزرعة أكثر الرّجال نفوذا!
قال أنّه سينفّذ اليوم. كمحقّق يملك سلطة كافية لتفتيش القبور دون مشكلة، وسيبلّغنا بالنّتيجة في الغد.
حين عدتُ مساءا للمنزل كنتُ أفكّر فيما سيفعله إياد، ما الّذي سيحدث في الغد؟ عليّ أن أكون مع نجم خلال زيارة والده.
لن أنكر بأنّ القلق يعتريني، لكن ما يمدّني بالقوّة هو وجود حنين وأمجد بجانبي. لا بدّ أن تثمر شجاعتنا. مواجهتنا للأشباح ولقاؤنا بطيف شخص ميت، التّعاويذ والقتل لأجل الطّمع، لم تكن أمورا بسيطة لكنّنا واجهناها معا. أنا فخورة بمعرفتهما وقد زادنا قوّة نجم، ذاك الشّخص نادر الوجود!
في اليوم التّالي، كانت الثانوية في حالة استنفار تحضيرا منهم لزيارة الرّجل الثريّ. حين التقيتُ بأمجد قال مباشرة "سيأتي في السّاعة العاشرة، لذا احرصي على أن تكوني مع نجم في ذاك الوقت"
-"سأفعل. هل رأيتَ حنين؟"
وقبل أن يجيب، رأينا حنين من بعيد قادمة نحونا وبجرّد أن وصلت قالت "لنبتعد عن الآخرين، لديّ رسالة من إياد"
توجّهنا إلى مكان ناء، وحين شعرت حنين بالأمان ابتسمت وقالت "القبور فارغة..!"
-"آها، لقد استطاع والدي أن يستغفلهم لهذه الدّرجة!!"
لم أكن لأنسى دعوة نجم ليعرف آخر الأخبار، رغم أنّني أعلم بأنّه لن يكون يوما سهلا عليه، إلّا أنّني واثقة بأنّه قويّ!
أنت تقرأ
ثانوية الأشباح
Bí ẩn / Giật gânأسيل، طالبة في الثانوية، يقودها الفضول إلى إحدى الغرف الغامضة في ثانويتها الجديدة ، لتجد بأنّ الشائعات الّتي تدور حول كون الثانوية مسكونة هي شائعات حقيقية، حيث تجد نفسها أمام شبح لفتى غامض، إضافة إلى العديد من الألغاز.